الإملاق الفقر العوز الحاجة هي حالة الكثيرين في هذا العالم، وفي بلاد السودان والبيضان، وهو حالة تجعل الوالد يقتل أولاده، حذّر المولى من قتل الأولاد خشية الإملاق فالأرزاق تُقَدَّر وتنزَّل بقَدر، حتى لا يبغي الناس حالة الفقر عامة. والفقر نسبي حسب المستوى، والفقر وباء يتحدى الحدود ولا يعبأ بإجراء أو خطة أو سياسة؛ كأنما الفقر كائنٌ يسعى. وقال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [لو كان الفقر رجلاً لقتلته]. وللفقر أسباب كثيرة، بعضها أقدار مسطورة، وكثيرٌ منها من صنع البشر. مثلاً الجفاف، التصحر الفيضانات السيول الزلازل البراكين التسونامي النينو الأعاصير البرد والصقيع الأوبئة التي تصيب الحيوان والإنسان؛ كل ذلك أقدار مسطورة، لا يملك معها البشر أي سبب ولا يملك البشر حيلة ولا قوة ولا وسيلة لدفعها؛ أقدار الله تجري رُغم أنف الناس ورغم أنف أبو ذر رضي الله عنه.. الناس يَرَوْن وأصبحوا يصورون وينشروا جبروت الكارثة وعنفوانها، كل تلك الأسباب تجلب الفقر وتوطنه وتطابق الفقر عندما يفقد الناس إنتاجهم وأموالهم ووسائل وأدوات الإنتاج أو حتى المساكن والدور العامة والمدارس وأماكن العبادة والرياضة، وقد تقبع الطامة بكاملها وكلكها زمناً للتأكد من جدواها وتأثيرها. ثم أن هناك عوامل من صنع البشر؛ كالحرب والتمرد والتخريب، نراها رأي العين: من دمر العراق الغني؟ من خرب سوريا الجميلة؟ من مزق ليبيا؟ هو البشر، العدو الأول لنفسه ولغيره. عامل أساسي لنشر البؤس والفقر هم البشر، يسلطهم المولى على بعضهم البعض! الحروب عديمة الجدوى كثيرة الأحزان والإحن كلفت البشرية أمولاً لن تحصى وأرواحاً، ملايين البائسين اليائسين أزهقوا لطموح ونظريات وأفكار آخرين، والمحصلة هو ذلك الفقر المقيم. ومن الأسباب الحكومات التي تتولى أمر الناس وتنفذ إدارة المال إما بالحق والعدل وإما بالجور والجبروت. مثلاً أنظمة الضرائب والأموال العامة، إن كان سوء في إدارتها فإفقار الناس هو الناتج. الحكومات الناجحة تدفع زيادة الإنتاج والوفرة والصادر وإثراء الناس، والإملاق عدو للحكومات وأكثر العوامل التي ستذهب بها إلى تلك الظلمة الباردة في التاريخ، فالخوف من العسكر والكادر الحكومي أصبح من مخلفات الماضي بعد انتشار السلاح في الأيدي وجرأة الناس على الحكومات وعلى قوة جيوشها وشرطتها، تلاحقت التباينات وتساوت الكتوف عدلاً وجوراً. (ألا يجهلن أحد علينا... فنجهل فوق جهل الجاهلينا). من أسباب إملاق الناس الكسل والركون للدعة، قلة المروه والحيلة؛ تجد مزارع مجد ونشيط وتجد جاره كسولاً وتجد عاملاً وراعياً كذلك الهمَّة والانكباب على العمل والتجويد. اعتمدت اليابان على رأس المال البشري لتنتج ثرواتها المهولة؛ فللبشريّ قيمة، لا يستطيع أحد تقديرها، وهو الذي ينتج الثراء أو الإملاق. السياسة والسياسيون من أسباب الإملاق، والسياسة قد تكون لها علاقة بالحكم أو إدارة موارد أو تشجيع الإنتاج أو الحفاظ على الموارد أو استغلال الثروات الطبيعية أو سياسات إدارة دخل الدولة أو الترشيد في النفقات العامة، أو قد تكون سياسات التعليم مثلاً، الفني والمهني؛ فإن القوى البشرية لبعض الدول تعتبر صادرها الرئيسي، كالفلبين مثلاً. السياسة تأثيراتها كثيرة في الدول والمجتمعات، وقد تدفع بها إلى الأمام، أو إلى الهاوية، ليست هذه مشكلة السياسيين؛ فبعضهم يصنع الفقر صناعة بجودة وبراعة، والتبريرات التي يجيدونها جاهزة ومتنوعة ومقنعة، سبب آخر هو حظ بعض الناس، الذين وجدوا أنفسهم في إملاق وفقر وصحراء وجبال وجزائر نابه الإملاق يسبب التخلي عن الإنفاق في الضروري، ويعطل التقدم. الفقر يخلق فقراً مستداماً ومقيماً. ثم الجديد: ذلك التعصب الأعمى والإرهاب والتفجيرات والتمردات والتخريب والسرقة والقتل والحرابات؛ كلها مخرجات للفقر. مثلاً لا نجد وسط الأغنياء من يفجر حزاماً ناسفاً أو يمطر الناس بالرصاص دون سبب ودون أخلاق أو رحمة؛ هو الإملاق الذي يقتل فيه الناس أبناءهم (لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاق..). فإن قتل المملق ابنه، فلا ضير ولا مانع ولا عاصم له من القضاء على حيوات من لا يعرفهم. الادعاء بأن التحريض يقدم هؤلاء الإرهابيين ضحايا لا يتفق معه الكثيرون؛ فالفقر هو الذي يقدم الضحايا أو القتلة. الفقر يثير الحروب بين الذين أعطوا حظاً والمحرومين. وكان العَوَز هو جنديُّ الثورات الشهيرة؛ فمثلاً كان الشعب، في الثورة الفرنسية، فقيراً وجائعاً، وملوك متخمين. والثورة البلشفية والشيوعية أصلها فقراء وقطاع طرق ولصوص حاقدين، مثلاً السفّاح استالين، السياسي الذي قادَ شعبه للفقر. والإملاق لن يُنتج إلا حرباً وتمرداً، والثورات أمرها عجب؛ فإن أعطي ابن آدم وادياً أو جبلاً من ذهب لرغب في الزيادة، ذلك أن الطبيعة البشرية لا يُسيطَر عليها ولا تكتفي إلا بالسلطان.. (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لأَخَذْتُ فُضُولَ الأَغْنِيَاءِ، فَقَسَمْتُهَا فِي فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ). بالسلطان والقوة يمكن أن تقل حدة الإملاق، ليس بالنصوص والوعد بجنة بعرض السموات والأرض؛ فالناس كما يقول بعض المتسولين (ناس حاضره)، مهم أن تتصدر حاجات الناس أي شعارات وهتافات وسياسات، سبل كسب العيش هي نفس سبل كسب القلوب المنكسرة. الفريق/ صلاح الشيخ هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته