لا أدرى كيف سيتقدم هذا الوطن ونحن مازلنا نمارس أسوأ أنواع العصبيات الضيقة التى كانت ولا زالت أحد أسباب تأخرنا. فالعصبية القبلية والطائفية والحزبية والجهوية أضعفت البناء القومي والحكم الصالح والديمقراطية الصحيحة والتنمية المستدامة. وكنت أظن أن الرياضة بمنأى من ذلك وأنها كما الفن والغناء ساهما فى التوجه القومي حتى قرأت أمس فى عمود الصحفي والناقد الرياضي النابه عبد المجيد عبد الرازق فى عموده المقروء (حروف كروية) تعليقا على اهتمام الصحفيين الرياضيين بمعسكري الهلال والمريخ أكثر من بعثة السودان الرياضية القومية فى كأس الأمم الأفريقية حيث لم يذهب لتغطيتها صحفي واحد اللهم إلا مبعوث جريدة السوداني وحده. هذا يعني عصبية جاهلية مذمومة أن نهتم بالفرق أكثر من الفريق القومي فقلت فى نفسي الآن عرفت أحد أسباب تخلفنا وضيق أفقنا فى تناولنا وممارساتنا لقضايا وطننا، فالعصبية الضيقة أيا كانت فى السياسة أو الاجتماع حتى الرياضة هى ديدننا فكيف يمكن أن نبني وطنا وكيف يمكن أن نحافظ عليه؟ ولعل ما حدث من انفصال للجنوب هو بسبب هذه العصبية ونتيجة حتمية للتعالي الثقافي والاجتماعي الذي مارسه البعض فحدث ما حدث.. حكاية البكاء!! ليتني أعرف سر بكاء السياسيين هذه، فقبل عام بكى بعضهم أمام الجماهير وآخرهم د. نافع علي نافع قبل يومين.. هل ياترى بسبب الإحساس بالذنب أم الشعور بالفشل أم الخوف من المستقيل المجهول بسبب ما يحدث أم ماذا؟ إن الشعب السوداني لا يريد دموعكم بل يريد العمل والإخلاص، يريد أن يحس بأن مستقبله واعد من خلال إصلاح سياسي واقتصادي، يريد أن تتغير الأحوال الى الأفضل، الشباب يريد فرصا أوسع للعمل، والمواطن يريد نظاما صحيا أفضل وحياة معيشية معقولة وتعليما متقدما لأبنائه واستقرارا وعدالة ومساواة وتوزيع عادل للسلطة والثروة للهامش السوداني الذي يعيش المآسي ويحس بالظلم والتهميش.. الشعب لا يريد الدموع والدماء والدمار والحروب والفساد بل يريد الإصلاح والتغيير والأمانة والكفاءة فى الأداء .. اتركوا البكاء واشحذوا العقول ونظفوا النفوس والقلوب وشمروا عن ساعد الجد. الفساد أقوى الصحف تكشف عن الفساد والمجتمعات لا تكف عن الحديث عن الفساد فى كل مستوياته وأنواعه مما يشيب له الولدان، يحدث هذا منذ أعوام ولا نرى أحدا أو مؤسسة تمت محاسبتها ومحاكمتها، ربما يعتقل بعض الفاسدين لفترة قصيرة ويتم التحقيق معهم ثم تتدخل أيادٍ فتتم التسوية وقد يقال إن ثمة لجان داخلية تنظيمية كونت وانتهت لتسوية ما ثم بعد قليل يترقى الفاسدون درجات لأعلى فكيف بالله عليكم لا يصبح الفساد هو القوي؟ فهو يملك الأموال الطائلة والنفوذ بل قوانين تجعله فوق المساءلة.. لا أريد أن أكون متشائما ولكن صدقوني لن يحاسب أحد أفسد..