معظم الكتاب في الصحافة السودانية ليست لهم إنتماءات سياسية واضحة مما يجعل كتاباتهم دائما تتسم بالموضوعية والحيادية والانحياز التام للهموم والاشكالات التى تحاصر المواطن في حياته بكل تفاصيلها المعيشية والخدمية المتعلقة بالصحة والبيئة والتعليم والاستقرار الأمني بجانب كل حقوقة السياسية في التعبير عن نفسه بما لايتعارض مع الدستور والقانون وهناك بعض الكتاب الذين لهم إنتماءات سياسية حزبية في الحكومة أو المعارضة إلا أنهم أيضا في كثير من الأحيان يكتبون ما يخالف توجهات أحزابهم ويطرحون أفكارا موضوعية تضعهم باستمرار في دائرة الحياد ومسئولية شرف مهنة الصحافة.. وكثيرا ما قرأت لكاتب معروف إنتماؤه لحزب المؤتمر الوطني يطرح حلولا لأزمات السودان خارج مؤسسة حزبه وعن طريق آرائه الخاصة والتي كثيرا ماتجد القبول عند القارئ وكل الكتاب الذين لهم صلات مباشرة بالحركة الاتحادية والحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) ينتقدون سياسات حزبهم وبالاجماع يكتبون عن المعوقات التي حالت دون وحدة الحركة الإتحادية.. والصديق العزيز الكاتب المشاكس (صلاح عووضة) مكث برهة من الزمن رئيسا لتحرير صوت الأمة التابعة للإمام الصادق المهدي رئيس الحزب إلا أنه سرعان ما تم إبعاده أو كان الابتعاد خياره المفضل بعد أن إصطدمت أفكاره الحرة ورؤيته ككاتب مع سياسات الحزب حيث أراد (عووضة) أن يجعل من صحيفة حزب الامة منبرا حرا يحتمل الرأي والرأي الاخر ويحترم ميثاق الشرف الصحفي إيمانا منه بالدور الذي يمكن أن تلعبه السلطة الرابعة في بناء مجتمع ديمقراطي شفاف في مواجهة القضايا الشائكة التي تواجه بلادنا وإن لم نصلح أحزابنا فمحال أن ينصلح حال البلد فنحن في حاجة ماسة لثورة سياسية وإجتماعية داخل كل الأحزاب فأسلوب المذكرات والبيانات التي تكتب وتوزع في الظلام لن يصلح الحال وإذا كان غياب المؤسسية في الأحزاب يجعل البعض يلجأ للمذكرات وغيرها فلنبحث أولا عن الكيفية التي يمكن أن تجعل المؤسسة الحزبية أمرا ممكنا والشورى هي الطريق الوحيد لاتخاذ القرارات في الحزب وليس الزعيم هو من يرسم السياسات ويصيغ القرارات ووحده الذي يحدد زمان ومكان المؤتمرات إن كانت هناك مؤتمرات بل أكاد أجزم بأن معظم أحزابنا السياسية لم تعقد مؤتمرا قاعديا حقيقيا منذ أن تكونت والى يومنا هذا, والآخرون الذين يتمشدقون بالمؤسسية وعقد المؤتمرات هي أيضا مؤتمرات (مفبركة) عبر سيناريو مكتوب سلفا ومعلوم من هو الرئيس ومن هو الأمين العام ومن هم أعضاء المكتب السياسي من قبل أن يعقد ذلك المؤتمر بزمن طويل. كما ذكرت فإن الصحافة تكتب والمواطن يقرأ ولكن للأسف فالمسئولون لايقرأون والوزراء لايقرأون في الصحف إلا مايهم أنفسهم ووزاراتهم بل يبحثون فقط عن صورهم إن كانت في الصحفة الأولي أو الصفحات الداخلية فالاستاذ العزيز (نور الدين مدني) الذي أهتم كثيرا يقراءة عموده اليومي الايجابي المملوء بالنصائح والمعالجات للقضايا السياسية والاجتماعية فهل يؤكد أحد الوزراء العظام بأنه مطلع على مايكتبه (مدني) أو غيره من الكتاب في الصحف الأخرى فالوزراء لايقرأون بل فقط يلعبون أدوارهم جيدا بما يحفظهم ويحفظ مواقعهم الدستورية بشكل مقبول حتى تنتهى الصلاحية ولكن إحقاقا للحق هناك بعض الوزراء الذين يقرأون جيدا كل الصحف كعادة تعود عليها الوزير قبل أن يصبح وزيرا ولكن للأسف هؤلاء يقرأون ولكنهم لايتفاعلون بل يسعدون عند قراءة إخفاقات بعض زملائهم من الوزراء وتجد دائما لهم علاقات جيدة مع كل رؤساء التحرير تحوطا لأى مكروه أوخبر مدسوس هنا أو هناك. إن الصحافة هي السلطة الرابعة المكملة للتحول الديقراطي وهى نبض الشارع والبوصلة الدقيقة التي تحدد اتجاهات شرائح المجتمع والملمة تماما بكل الإشكاليات التي قد تهدد إستقرار بلادنا لما فيها من تنوع وأخبار وتعليقات تشمل كل ولايات السودان كما أنها تلعب دورا رائدا في توجيه المواطن والترويج لنشاطات الحكومة الايجابية وخططها المستقبلية التي تستهدف الاستقرار والتنمية على طريق السلام المستدام مما يستوجب أن تستمع حكومتنا الحالية لصوت الصحفيين والكتاب في كيفية خروج البلاد من أزماتها والمعالجة الحكيمة لكل الاشكالات العالقة وذلك عبر منتدى أسبوعي تستمع فيه السلطة الحاكمة لآراء الكتاب والصحفيين والتي يمكن أن تجنب البلاد الكثير من المعوقات باعتبارهم مواطنين سودانيين حريصين على وحدة البلاد وتماسك نسيجها الإجتماعي ومهمين كالسلطة الحاكمة في إيجاد معالجات للأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ومنطقة (أبيي) والاكثر من ذلك هم قادرون على تلطيف الأجواء السياسية مع أشقائنا في جنوب السودان لما لهم من صلات مع السياسيين كافة حينما كان السودان دولة وأحدة وفوق كل ذلك قد تكون لبعض الكتاب والمفكرين رؤي جديدة في معالجة الأزمات مع المجتمع الدولي فلماذا لانستمع اليهم ونحن في حاجة ماسة للخروج بالبلاد الى بر الأمان والرحاب الأوسع في الديمقراطية والتنمية المستدامة باعتبار أن هذا الوطن ملك للجميع وليس حكرا على أحد ولاتملكه مجموعة محددة بل هو سودان يسعنا ولانقبل زعزعة أمنه ونرفض أى مهددات لتجزئته أو تدخل في شئونة الخاصة من أي كائن كان ولكننا نطالب فيه بالمشاركة بالرأي في كل مايتعلق بمستقبل أجياله القادمة ولاخاب من إستشار.