قبل أن يندمل جرح رحيل العندليب الأسمر زيدان ابراهيم ودرة الجزيرة الخضراء الأمين عبد الغفار فاجأنا القدر امس الأول برحيل عملاق الفن الافريقي القامة والهرم والمفخرة الاستاذ محمد وردي الذي شق نعيه كل القارة والوطن العربي وكل من يعرف وردي الفنان ووردي الموسيقار ووردي الانسان النبيل ووردي العاشق للوطن والوفي لشعبه. رحل وردي تاركا لنا إرثا عظيما من الغناء الجميل والأصيل غنى للوطن وعبر عن فرحة الشعب بنيل الاستقلال والحرية (اشهد شهداء كرري وأصبح الصبح وهنا نحن مع النور التقينا والتقى كل شهيد قهر الظلم ومات) غنى للديمقراطية اكتوبر الذي حول الحقول الى خضرة وقمحا وتمني وكيف تحولت القيود الى جدلة عرس في الايادي وغني لكل ألوان الطيف السوداني الجلابية والمركوب وغنى للحبيبة فأشبع رغبة المحبين من القمر بوبا الى الحبيبة التي تشتغل منيدل حرير لحبيب بعيد. غنى وردي لأعظم شعراء الاغنية السودانية اسماعيل حسن, صلاح احمد ابراهيم, الدوش, ابوقطاطي, اسحق الحلقني وغيرهم من العمالقة فكانت كل أغنية تمثل لوحة رائعة في ربوع وطننا الحبيب فاصبح وردي مدرسة بل جامعه قائمة بذاتها فعمت شهرته كل القارة الافريقيه التي نصبته فنانها الاول وفرض نفسه على خارطة الغناء العربي وهو في قامة عبد الحليم وفريد الاطرش وام كلثوم ولا تقل شعبيته عنهم. عشنا شهرة الراحل وردي ونحن نتجول في القارة الافريقية فما أن تطأ اقدامنا أي بلد الا ويكون السؤال عن محمد وردي وتكون دائما المطالبة بشرائط وردي وكنت أحرص دائما في زياراتي او مروري باثيوبيا أحرص على حمل أشرطة للفنان وردي لتوزيعها مجانا لكل من أحس بأنه يعشق وردي. رحل وردي عن دنيانا ولكنه سيبقى بما تركه من فن أصيل لهذا الوطن وكأن قناة الشروق تعرف مواعيد الرحيل فوثقت له أجمل توثيق في رمضان الماضي عبر جلسات باسم (أعز الناس) برفقة الشاعر اسحاق الحلقني أحد رفاق دربه وتألقت المذيعة سلمى سيد في تقديم الحلقات ونسأل الله أن يعوضه عما قدمه بدخول جنات تجري من تحتها الانهار وقد كان مشهد تشييعه استفتاء حقيقيا على مكانته الرفيعة في قلوب الشعب السوداني وهو نفس المشهد الذي عاشه الراحل يوم عودته للوطن. رحم الله وردي ونسأل الله الصبر لكل معجبيه. (إنا لله وإنا إليه راجعون). قناة النيل الأزرق درس في الوفاء قطعت القنوات الوطنية برامجها عقب سماع النبأ وتفوقت قناة النيل الأزرق كالعادة في التغطية وتحول برنامج (مافي مشكلة) والذي تقدمه الدكتورة سارة ابو والدكتور سليمان وقدمته الاستاذ سامية سيد الى حديث عن الفقيد وردي وكأن هذه الحلقة قد أعدت قبل الوفاة واستمرت حتى الساعات الأولى من الصباح. وتابعت القناة امس مراسم الدفن وهو بلا شك عمل رائع يؤكد مهنية القائمين على أمر القناة. وللأسف اكتفى تلفزيون السودان القومي بإذاعة النبأ وواصل برنامجه كالمعتاد فيما اكتفت قناة الخرطوم والشروق ببعض الكلمات وواصلت برامجها وقطعت قناة أم درمان برنامجها ووضعت صورة وردي مع أحايث دينية. حروف خاصة نؤجل كل المواضيع بعد ان خصصنا هذه المساحة لوردي وغدا بإذن الله نعلق على مباراة المريخ وحرس الحدود.