قيادات ولاية الجزيرة بالقصر الجمهوري. ماذا قال الرئيس البشير عن قضية الملاك وتشكيل الإدارة الجديدة؟! البشير: الإدارة السابقة ورطتنا..! هل تفاجأ البشير بتشكيلة الوفد؟!! رئاسة المشروع بين المتعافي وعبد السلام. وهمس علي شمو: هذه قاعة اللاءات الثلاثة!! البشير: ولا شنو يا بوني؟!! الرئيس:مشروع الجزيرة يعتبر تحدياً شخصياً لي إلى نهاية رئاستي. الرئيس: تقويم المشروع يمثل تحدياً لما تبقى من فترتي الخرطوم: السوداني (مشروع الجزيرة لا يحتاج إلى إسعافات ولا معالجات بل يحتاج إلى تغيير جذري) هذه العبارة الحاسمة أطلقها الرئيس في وجه وفد كبير من أبناء الولاية ضم رسميين بقيادة والي الولاية د. الزبير بشير طه وممثلين للفعاليات الشعبية والدينية. عنصرالمفاجأة كان أن أعضاء الوفد كانوا قد دخلوا في اجتماع تحضيري للقاء ببرج الفاتح واتفقوا على المطالبة بالتغيير في مشروع الجزيرة وهو الأمر الذي وجدوا الرئيس قد سبقهم إليه وربما شرع فيه فعلياً حسب قراءة مصدر موثوق حضر اللقاء. المقابلة التي استمرت زهاء الساعة حفلت بالعديد من المفاجآت والمواقف الطريفة والمحرجة. * البدايات... قبل أسابيع وبعيد انفجار قضية شركة الأقطان اجتمع مجموعة كبيرة من أبناء الجزيرة الغالبية العظمى منهم أساتذة جامعات، بجامعة أفريقيا العالمية قرروا التدخل فيما يجري في مشروع الجزيرة والاتصال بمتخذي القرار ونظموا لاحقاً ورشة عمل في ذات الموقع حضرها نائب والي الجزيرة محمد الكامل الذي قال إن حكومة الولاية على موعد في القصر للقاء الرئيس واقترح أن تنضم المجموعة لوفد حكومة الولاية كممثلين شعبيين لكن الاقتراح قوبل من البعض بالرفض بحجة أنهم جسم شعبي فيما وافق البعض الآخر.. وبالأمس حان الموعد فشوهد أعضاء الوفد صباحاً وهم يتوافدون أفراداً ومجموعات صوب فندق الفاتح بشارع النيل ثم دخلوا في اجتماع مطول امتد من العاشرة حتى الثانية عشرة رتبوا فيه أوراقهم ووزعوا الأدوار بالكيفية التي تحقق الفائدة القصوى من اللقاء النادر والرفيع وأجمعوا على التركيز على مشروع الجزيرة الذي اقترحوا لمجلس إدارته عدداً من الأسماء هم البروفيسور عبدالله عبد السلام و د.عمر عبدالوهاب ود. أحمد محمد آدم في خطوة تبدو أنها تهدف إلى قطع الطريق أمام عودة المجلس السابق الذي حسب مصادر تحدثت للصحيفة تجري محاولات خلف الكواليس لإعادته بموازاة تحركات لتنصيب وزير الزراعة الدكتور عبدالحليم إسماعيل المتعافي في المنصب فضلاً عن مساعٍ لمشروع النهضة الزراعية لتعيين شخصية معروفة. وفي ذات الوقت يسعى أهل الجزيرة لمشاركة أكبر في إدارة المشروع الذي ترتبط به أوضاع الولاية صعوداً وهبوطاً به وهو ما دفعهم إلى ترشيح شخصيات بعينها لقيادة المشروع ليختار من بينها الرئيس من يريد ليكون الرجل الأول في المشروع الذي غطى على ما سواه من القضايا بثقلها وتأثيرها غير المحدود في اجتماع البرج الذي انتهى بتحديد المتحدثين الأساسيين مع التأمين على أن اللقاء سيكون مفتوحاً يستمع فيه الرئيس للجميع وفي تمام الثانية عشرة والشمس في كبد السماء لملم الوفد أوراقه وغادر الفندق الفخيم متوجهاً إلى القصر الجمهوري. * مفاجآت في القصر وصل الوفد إلى القصر واستقبله الوزير برئاسة الجمهورية الفريق بكري حسن صالح، ثم توجهوا فورا إلى القاعة المخصصة للقاء والتي شهدت وفقاً لتعليق جانبي للبروفيسور علي شمو قبل بداية اللقاء مؤتمر قمة اللاءات الثلاثة وقبل أن تكمل العيون التي أطلقها تعليق شمو للتفرس في القاعة التاريخية طوافها على كل شيء فيها دخل الرئيس وانطلق اللقاء وتحدث في بدايته والي ولاية الجزيرة البروفيسور الزبير بشير طه الذي قدم قائمة من المطالب وأعقبها بالإنجازات التي حققتها ولايته وركز كعادته على إسهام الولاية في المجهود الحربي في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. ثم تحدث البروفيسور علي شمو كممثل للأكاديميين وأعقبه الشيخ النعمة ثم البروفيسور موسى محمد موسى فيما ختم د.أحمد آدم من البحوث الزراعية مداخلات الوفد التي اتسمت جميعها بالاقتضاب. ثم تحدث الرئيس وبدأ حديثه قائلاً إنه تفاجأ بهذا اللقاء لأنه كان ينتظر أن يكون الاجتماع حسبما أبلغ به مقتصراً على الوالي الأمر الذي تفاجأ به الوفد وربما سبب حرجاً للبعض وأكد أنه لو كان على علم بنوعية الوفد كان سيستدعي المسؤولين عن الجزيرة في الحكومة قائلاً (ما ممكن نريس زول ونتيسو) لكنه تجاوز هذه المحطة سريعاً وعبر إلى مشروع الجزيرة مباشرة وبدأ حديثه في أم المشاكل (مشروع الجزيرة) بالقانون الجديد وقال إن الذين وضعوه هم المزارعون أنفسهم وليس الحكومة مشيراً إلى أن خطاءً حدث في فهم حرية المزارع التي أقرها الدستور والحرية تعني أن يختار المزارع المحصول الذي يود زراعته في إطار التركيبة المحصولية المحددة. وأكد أن المشروع منذ العام 1972م يشكل عبئاً على الدولة وفي كل عام تظهر ديون للمزارعين يتم جدولتها وتدفعها الدولة وهو أيضا يستهلك (8) مليارات من الأمتار المكعبة من حصة السودان في مياه النيل البالغ جملتها (18) ملياراً. * التغيير ... مطلب رسمي انتقد الرئيس مجلس الإدارة السابق وقال إن من أكبر أخطائه أنه ورط الدولة في قضية ملاك الأراضي وهي قضية تخص الملاك والمزارعين لكنه عاد وقال إنه شخصياً لا يؤيد ملكية المزارعين للحواشات لأنهم في هذه الحالة لا يلتزمون ولا يخضعون للسياسات الزراعية الكلية التي تضعها الدولة. ودعا إلى تنويع الإنتاج في المشروع وقال مثلاً شمال الجزيرة يصلح لتريبة الحيوان وتطرق إلى قضية التمويل وقال (الحساب ولد) في إشارة إلى ضرورة إلتزام الأطراف بشروط التمويل. وقال إنه يعتقد أن الحكومة الآن يفترض تدير المشاريع الأربعة الكبيرة لأهميتها ومساحاتها الواسعة ومميزاتها في جانب الري الذي لا يحتاج إلى رافعات وهذه الميزة التي لا مثيل لها في العالم أجمع ورد الرئيس بشكل قاطع على مطالبات الوفد بأن تكون للولاية سلطة على المشروع قائلاً المشروع مشروع قومي يجب أن يظل كذلك ومشاكله فوق طاقة الولاية. ثم جزم بأن مشروع الجزيرة لا يحتاج إلى إسعافات ولا معالجات بل يحتاج إلى تغيير جذري، مضيفاً أنه من غير المعقول أن يكون إنتاج الفدان للقطن في الجزيرة (4،5) قنطار وفي أستراليا التي تعلمت زراعته من الجزيرة أكثر من (16) وأضاف (المفروض الزول العندو (40) فداناً يعيش إمبراطور أنا عندي (8) أفدانة عائدها أحسن من عائد منصب الرئاسة). و المشروع حسبما قال من أكبر هموم الحكومة ويشكل مستقبل السودان وقال :"رهاننا عليه كبيراً وبالنسبة لي شخصياً يمثل تحدياً فيما تبقى من فترة رئاستي وأتعهد بتقويم إعوجاجه قبل أن أغادر منصبي وأنا أعتبر أي خلل فيه يقع في خانة عجز القادرين على التمام". * مشاهد ومواقف * الرئيس أطلق رصاصة الرحمة على مجلس الإدارة السابق عندما انتقده وقال إنه ورط الدولة في قضية الملاك وتسبب في الفوضى. وكما أسلفنا هناك من يجتهد لإعادتها إلى سدة حكم المشروع ويرجح البعض أن تنحصر الخيارات في منصب رئيس مجلس الإدارة في البروفيسور عبدالله عبدالسلام الذي غاب عن اللقاء و د.عبد الحليم المتعافي. *بعد أن قال الرئيس إنه تفاجأ بنوعية اللقاء توجهت العيون إلى الذين رتبوا للاجتماع فأقسم مدير مكتب الرئيس طه عثمان الحسين إنهم فوجئوا بتكوين الوفد وإنهم لم يكونوا على علم به وفي المقابل أقسم مدير مكتب والي الجزيرة بأن كل تفاصيل اللقاء بما فيها طبيعة تكوين الوفد وأسماء أعضائه أرسلت إلى القصر قبل فترة كافية. * وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين التقى بوفد الجزيرة أثناء خروجه من القصر فأقبل عليهم وصافحهم فرداً فرداً وعاتبهم قائلاً ... (أنا من أبناء الجزيرة فلماذا لم تدعونني للقاء) وتجاذب حسين أطراف الحديث مع الوفد قبل أن يغادر. * البروفيسور علي شمو بعد أن تربع الجميع على مقاعدهم قال إن هذه القاعة هي ذات القاعة التي شهدت أشهر مؤتمر قمة عربي وهو الذي عرف ب(قمة اللاءات الثلاثة) فانطلقت أعين معظم أعضاء الوفد تتأمل في أرجائها... المؤتمر المعني بطبيعة الحال ذلك الذي كان على خلفية هزيمة عام 1967 أو ما عرف بالنكسة وخرجت بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الإسرائيلي قبل أن يعود الحق لأصحابه. و عرفت هذه القمة أيضاً بمؤتمر الخرطوم و قمة اللاءات الثلاثة. * رجل الأعمال البارز والنائب بالمجلس الوطني عن إحدى دوائر الولاية السيد جمال الوالي غاب عن اجتماع برج الفاتح لكنه انضم إلى الوفد في القصر الجمهوري وشكل حضوراً في لقاء الرئيس. * الرئيس قال إن هناك إيجابيات كثيرة في الجزيرة منها التحسن الذي طرأ على نمط الغذاء وقال موجهاً حديثه إلى الكاتب الصحفي بالسوداني د. عبداللطيف البوني (مش كدا يا البوني).. * الوفد الذي قابل الرئيس كان يضم (30) شخصاً هم من مسئولي الولاية وأساتذة جامعات وممثلين للإدارات الأهلية والطرق الصوفية معظمهم تأكد لهم أن الأحداث سبقتهم وخرجوا مقتنعين أن الرئيس فعلاً اتخذ قرارات بخصوص المشروع وأنه لم يعلق على ترشيحاتهم لمجلس إدارة المشروع. * وعد الرئيس القاطع بالتغيير قوبل بارتياح كبير من أعضاء الوفد بالرغم من شعورهم بأن هناك ترتيبات ما تجري بخصوص المشروع وهم بعيدون عنها.