استوقفني شابان من (غرب إفريقيا) و تحدثا معي بالانجليزية بلكنة فرنسية فلم أفهمهما، وظننت أنهما طالبان انقطعت بهما السبل أو يدعيان ذلك، وعلى كل حال في الحديث (يأبى الله لي البخل ويأبى الله لهم إلا النار)؛ فأخرجت فكة من جيبي فردها أحدهما بلطف وقال إن لديهما موضوعا يحتاجان فيه إلى المساعدة، بدأ الشاب الثاني يتحدث عن أحد أقربائه لديه أموال ويريد استثمارها في السودان، قال إنهما قدما للسودان قبل أسبوع ولم يعرفا ماذا يفعلان وإنني رجل طيب بدأت بالتفكير في مساعدتهما قبل معرفة الموضوع والمبلغ (مليون ونص دولار!) وطلب مني أن نلتقي مساءً في المكان والزمان الذي أريد ليشرحا لي، اخترت مكانا في طريق رياضتي المسائية حتى لا أتضرر باقتطاع زمن، ثم اتضح بعد ذلك أنهما مجرد نصابين ومحتالين. في المساء بدأنا نحتسي الشاي والقهوة وطلبت أنا نعناعا إذ قاطعت الشاي والقهوة و(الشيشة) قبل فترة حتى قال لي أحدهم إنت راسك بقى (راس نيفة)، لا أرى حرمة الشيشة ولكنها مربكة لساعات النوم والإنتاج الذهني وكذلك كل المؤثرات العقلية. المهم أن أحدهما شرح القصة : إن قريبهما رجل أعمال في ساحل العاج وأنه مات في الفوضى الأخيرة ومات كل وراثه وتبعثرت أمواله فأخذوها وهي (مليون ونص دولار) وقدما بها للخرطوم هربا من الملاحقة. بصراحة كنت أضع نسبة النصب والاحتيال 90% ولكن بعد كلامهما خفضت النسبة إلى 70% وقالا إنهما يريدان شراء عقارات وشركات (الغريبة ما جابوا سيرة الجرايد!) وكتابتها باسمي ثم بعد ذلك أبيعها وأرد لهما الأموال بعد خصم 10% لصالحي وهنا اتجهت شكوكي إلى (غسيل الأموال) وانحطت نسبة النصب والاحتيال إلى 5% وسرحت أفكر في فتاوى تناقشنا فيها من قبل حول غسيل الأموال وأنه يدور على الأحكام الشرعية الخمسة فعندما يكون غسيل أموال تبرعات لقضية عادلة يكون واجبا وإذا كان لأموال مخدرات يكون حراما وبين ذلك المكروهات غير المحرمة، أما القوانين ففيها ثغرات قانونية والبركة في المحامي (الثوري الشهير) الذي قال غسلوا لكن جيبو نكوي ليكم. تذكرت النكتة التي قالها (الرجل الكبير) ، والله أنا من زمان مرقت طشاتي في الحوش (جمع طشت) لي أي زول داير يغسل. والنكتة من رواية (دستوري) أنجاه الله من حادث قريبا. قالا لي ولكن هنالك مشكلة ارتفعت نسبة النصب والاحتيال إلى 20% ثم زعما أن شخصا يحتجز أمتعتهما عنده (وفي قعر الحقيبة الأموال وهو لا يدري) بسبب أنه هرّبهما إلى الخرطوم وأنه يطالب ب 15 مليون جنيه. قفزت النسبة إلى 200% وقلت لهما وهل تعادل حقائب "اثنين أفارقة عزابة 15 قرش؟" أي أهبل هذا يحتجز شوية ملابس داخلية قذرة وأحذية قديمة ويطالب ب 15 مليون جنيه ذهبت وواصلت الرياضة ولم أفكر في أخذ بيانات ولا استثمار صحفي للقصة، الجماعة ديل أصلا ما خلو حاجة تتغسل.