الأمر والقدر قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – وهو يشرح كلمات من كتاب فتوح الغيب للشيخ عبد القادر الجيلاني – رحمه الله تعالى – (...فحقيقة الأمر أن كل عبد فإنه محتاج في كل وقت إلى طاعة الله ورسوله، - صلى الله عليه وسلم – وهو أن يفعل في ذلك الوقت ما أمر به في ذلك الوقت، وطاعة الله ورسوله هي عبادة الله التي خلق لها الجن والإنس كما قال تعالى:( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) سورة الذاريات الآية:56. وقال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) سورة الحجر الآية: 99 . وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة الآية: 21 . والرسل كلهم أمروا قومهم أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً وقال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) سورة النحل الآية: 36 . وقال تعالى: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ) سورة الزخرف الآية: 45 . وإنما كانت (الثلاثة) ترجع إلى امتثال الأمر، لأنه في الوقت الذي يؤمر فيه بفعل شيء من الفرائض: كالصلوات الخمس والحج ونحو ذلك يحتاج إلى فعل ذلك المأمور، وفي الوقت الذي تحدث أسباب المعصية يحتاج إلى الامتناع والكراهة والإمساك عن ذلك، وهذا فعل لما أمر به في الوقت، وأما ما لم تخطر له المعصية ببال فهذا لم يفعل شيئاً يؤجر عليه، ولكن عدم ذنبه مستلزم لسلامته من عقوبة الذنب، والعدم المحض المستمر لا يؤمر به، وإنما يؤمر بأمر يقدر عليه العبد، وذاك لا يكون إلا حادثاً، سواء كان إحداث إيجاد أو إعدام أمر. وأما القدر الذي يرضى به فإنه إذا ابتلى بالمرض أو الفقر أو الخوف، فهو مأمور بالصبر أمر إيجابي ومأمور بالرضا إما أمر إيجاب وإما أمر استحباب، وللعلماء من أصحابنا وغيره في ذلك قولان، ونفس الصبر والرضا بالمصائب هو من طاعة الله ورسوله فهو امتثال الأمر وهو عبادة الله... انتهى جزء من كلام ابن تيمية – والعبادة هي (اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة والزكاة والصيام والحج، وصدق الحديث وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمساكين وابن السبيل... والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين لله، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك من العبادة..) انظر الفتاوى لابن تيمية 10: 153.