القوات المسلحة.. الحرب بسلاح العلم!! الفاو: أحمد دقش هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته مؤشر الساعة يتوقف عند السادسة صباحاً ليوم الأربعاء وحينها كنا نقف أمام مسجد القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة والتي يتعارف عليها اختصاراً ب(الجيش).. ذلك الموقع الذي نقف فيه هو المكان المحدد من قبل داعينا لزيارة منطقة الفاو العسكرية حيث اللواء الخامس مشاة.. والى تلك اللحظة لم أكن على دراية بطبيعة الزيارة ولا حتى برنامجها الموضوع ولكن الحدث الصحفي في الواقع الحالي يشير الى عدم ممانعة أي صحفي من تلبية دعوة من (الجيش) في الوقت الحالي نظراً لأن الواقع مشحون بالعديد من التوترات العسكرية والأمنية التي تقبع معلوماتها أو فلنقل (شفراتها) داخل الأسوار التي تبدأ من شارع عبيد ختم شرقاً مروراً بشارع المطار حيث تقاطع صينية المركز الطبي حيث مباني جهاز الأمن والمخابرات الوطني وصولاً الى شارع القيادة العامة غرباً وشارع الجمهورية شمالاً. توزيع عاجل طوال تلك اللحظات كُنا نهاتف شخصا ما من منسوبي القوات المسلحة ونتواصل معه عبر الهاتف دون أن ندري من يكون، وحينها كنا نود إخطاره بوصولنا الى حيث الزمان والمكان المحددين، ليخطرنا بعد إجابته بالدخول عبر البوابة الرئيسية الى داخل القيادة العامة لنقابل ضابط ملازم يقف عند البوابة الداخلية في انتظارنا بعد أن عبرنا البوابة الرئيسية دون كثير أسئلة.. ماهي إلا لحظات قليلة ونجد أنفسنا نقف أمام ضابط ممتلئ الاكتاف ونحن حينها ندغدغ أعيننا لطرد بقايا النوم، ليعرفنا بنفسه ويقول في كلمات قوية: "مرحباً بالشباب أنا العميد ركن عادل حمد النيل محمد قائد قيادة الدفاع والواجبات بالقوات المسلحة وسيصحبنا مدير إدارة التعليم بالإدارة العامة للتوجيه والخدمات العقيد بابكر يوسف احمد"، ليطلب بعدها أن ننتظر قليلاً الى حين وصول الباقين.. ومؤشرات الساعة تتجه الى السادسة والربع تماما اتجه العميد عادل الى توزيع الموجودين بنفسه على العربات التي تقف بالخارج، ووُزعنا على العربة التي يقودها معتصم محمد أحمد، لنتحرك بعد مضي بضع دقائق صوب مدينة الفاو.. مهمة صامتة بدت العربة صامتة والمذياع يتحدث، لفترة من الوقت.. ولكن إضافة أسامة طه الى عربتنا حول الصمت الى أجواء من الفكاهة والمرح، حيث حضر وفي يده شريط (كاسيت) لأغاني حماسية جعلته يعتلي وينخفض عرضاً في مقعده بشكل مموسق بصورة لا شعورية. أحد الزملاء طرح سؤالاً مباشراً عن طبيعة الزيارة ليجد إجابات مختصرة مسبوقة بسؤال: "هو إنتو ما وروكم جايين لشنو؟"، لنعرف أن القوات المسلحة تتجه للإعلان عن خطة في مجال التعليم تبدأ بدعم أبناء الشهداء ومتأثري الحرب والسعي لإلحاقهم بقطار التعليم.. وهكذا كانت الكلمات موجزة لنوقن أننا نتعامل مع أشخاص طبيعتهم لا تتماشى مع إعطاء المعلومة وإنما أخذها من الآخر.. تجاوزنا مدينة ود مدني ويوقظني أحد الزملاء وهو يقول: "ابتسم أنت الآن في ود مدني عاصمة الثقافة والجمال".. رددت تلك العبارات وصحوت وأنا أذكر أني قرأتها على لافتة عند مدخل المدينة الغربي والذي تجاوزناه عبر طريق الشرق.. توقفنا في انتظار خبراء وزارة التربية والتعليم الذين حضروا وبعضنا يتناول كؤوس الشاي والقهوة لنتحرك مرة أخرى قاصدين هدفنا.. فرد مقاتل عند مدخل مدينة الفاو قطرتنا عربة نجدة تتبع للشرطة وقادتنا الى حيث قيادة اللواء الخامس مشاة حيث استقبلنا قائد المنطقة العميد يوسف الشفيع مرحباً بالضيوف وخلفه مجموعة من الضباط ترتفع أياديهم وتنخفض بشكل مموسق وهم يؤدون التحية العسكرية لقادتهم من الضيوف (العميد عادل والعقيد بابكر يوسف). حينها دخل الجميع في نقاش مباشر في قضية المنهج القومي التعويضي لتبدأ مهمتنا تنكشف رويدا ريدا.. ليتحدث العميد ركن عادل ويقول إن القوات المسلحة إذ تدشن ذلك المنهج وتبدأ تطبيقه بمدرسة اللواء الخامس مشاة بالفاو فإنها تهدف لاستيعاب أبناء أفرادها، وأبناء الشهداء والمتأثرين بالحرب الذين فاتهم التعليم، ويقول إنها ستقدم اليوم (الأربعاء الماضي) عددا من الاحتياجات المدرسية للطلاب المستهدفين، بجانب إكمال بناء المدرسة بإنشاء مظلة للنشاط الطلابي. ليعقبه بالحديث قائد اللواء الخامس العميد يوسف الشفيع مرحباً بالضيوف ومتعهداً باستكماله للخطوات التي بدأها سابقوه في مجال التعليم لإلحاق أبناء وأسر الشهداء بقطار التعليم. ليقول بدوره مدير إدارة التعليم بالإدارة العامة للتوجيه والخدمات العقيد بابكر يوسف احمد إن الفكرة التي بدأت القوات المسلحة بتنفيذها في الفاو ستعم كل وحداتها بالسودان، بغرض المساهمة في استقرار الفرد المقاتل برعاية أسرته، وتحدث عن خطة متكاملة للتعليم تسعى القوات المسلحة لتنفيذها خلال العام الجاري. حالات إنسانية وتحدث قادة وزارة التربية والتعليم وممثل مدير جامعة السودان المفتوحة عن المنهج ودوره في تأهيل الطلاب الذين تجاوزوا فترة التعليم الأساسي للدخول الى مرحلة الثانوي بعد أربع سنوات فقط عبر منهج مضغوط، حيث تحدث مدير المركز القومي للمناهج والبحث العلمي د.ياسر أبو حراز، وأعقبه مدير مركز تنمية الموارد البشرية بجامعة السودان المفتوحة د.عمر موسى الحسن، والمدير الفني لمشروع التعليم المستمر د.هناء عوض ليؤكدوا جميعا أن المنهج الموضوع سيمكن الطلاب من كبار السن من مواصلة تعليمهم الذي انقطع لأسباب اجتماعية او اقتصادية او أسباب تتعلق بالحرب كما تحدثت الأستاذة لمياء كجو عن واقع التعليم بالمنطقة وعرضت عددا من الحالات الإنسانية التي تحتاج لمساعدة بصورة خاصة حيث عرضت أسرة تتكون من أم وثمانية أطفال فقدوا والدهم بسبب الحرب، كما عرضت حالة لفتاتين فقدتا والديهما (ام واب) بسبب الحرب وأنهم يرغبون في مواصلة تعليمهم ولكنهم يحتاجون لمن يرعاهم ويقدم لهم المساعدة. نهاية قاموس البرنامج اختتم بمهرجان تم من خلاله عرض عدد من النماذج الثقافية (أغاني ومسرحيات) ترفض الحرب وتطالب بتحقيق السلام، كما تعكس تلك الأعمال واقع الفقر والجهل الذي تعيشه المنطقة والذي تشكل فيه خطوة القوات المسلحة بتأسيس تلك المدرسة التي تتفوق على مباني المنطقة بشكل كبير لكونها أسست بالمواد الثابتة وأضيف إليها مظلة مكتملة للنشاط الطلابي. ليخاطب قائد قيادة الدفاع والواجبات بالقوات المسلحة العميد عادل حمد النيل محمد المواطنين في الاحتفال مؤكداً أن القوات المسلحة سعت من خلال تلك الخطوة الى محاربة الجهل ونشر التعليم وسط منسوبيها من خلال أسرهم وأسر الشهداء ومتأثري الحرب، وأكد توجههم لسحب مفردة (فاقد تربوي) من قاموس أفراد ومنسوبي القوات المسلحة بصورة نهائية، ليشيد بدوره قائد اللواء الخامس العميد يوسف الشفيع بالخطوات التي تمت ويتعهد باستكمالها خلال فترة توليه لقيادة المنطقة، ويؤكد على أهمية التعليم.