هذه الأحداث تذكرني بالأثر المنسوب إلى عمر بن الخطاب في بدايات فتوحات شمال إفريقيا ... وقد قال هذا الكلام وهو يقصد تونس الكبرى التي حملت إسم إفريقيا قبل أن يشمل القارة ... واشتهرت قبائل تلك المنطقة بالصراع بينها ..! منظمة الإيقاد تجدد لنا هذه البصمة الإفريقية في الصراعات ... وهي إما أن تتجدد أو تتبدد، الآن .. الآن ... تتعرض للإنقسام الخفي واللئيم، ستنقسم إلى الكتلة السامية الإسلامية وهي جيبوتي – الصومال – إثيوبيا – السودان – (إرتريا ليست عضوا!) ... وهي دول إما إسلامية أو مسيحية تاريخيا ولكنها تنتمي للمسيحية الشرقية القديمة وتنحدر لغاتها من (اللغات السامية) كما أن التقاطيع والملامح تتشابه في هذا الحزام الكوشي السبئي الذي يبدأ من إسوان وينتهي في كيسمايو ..! الكتلة الثانية هي شرق أفريقيا الجنوبي والذي تسيطر عليه القيادات المسيحية وإلى حد ما اللغة السواحيلية ولغات البانتو الإفريقية مع مزيج إسلامي عربي تم تطويقه وتحجيمه منذ حقبة الإستعمار ... وفيها كينيا – يوغندا – بورندي – رواندا – تنزانيا. المخطط الجديد ليس أمريكيا ولا صهيونيا إنه أفريقي خالص ولكن له مصالح خاصة وإقتصاديات وليدة تريد أن تتكتل ضد أية جهة أخرى! هل سمعتم بالعملة الموحدة ل (تجمع شرق إفريقيا) والذي يضم كينيا وتنزانيا وبورندي ورواندا ويوغندا ومؤخرا (جنوب السودان) الذي يتهيأ لقبول طلبه!... هذا التجمع نجح في إسقاط (الفيزا) عن الدول الأعضاء ويتجه نحو (جواز سفر موحد) وبعدها للحريات الأربع ثم العملة الموحدة! هذا التجمع إنهار من قبل وتلاشى ثم عاود الظهور مرة أخرى وبدأ يخطط وينفذ! ومن ضمن الخطط (معاهدة دفاع عسكري مشترك) بمعنى أن سلاح الطيران اليوغندي والكيني وغيرهما تحت تصرف جنوب السودان بعد الانضمام! هذا التجمع رفض طلب السودان للإنضمام، بمبرر أنه لا يمتلك حدودا مع الدول الإعضاء وزادت يوغندا على هذا السبب أن (سجل السودان في حقوق الإنسان والديموقراطية) لا يتناسب مع الدول الأعضاء! عجبا! إشكالية يوغندا وبورندي أو بالأحرى الزعامات السياسية التي تختطف القرار فيها هي إشكالية متمركزة حول النظر إلى شرق إفريقيا بإعتباره (شمال وجنوب) كما أن المصلحة اليوغندية في نظرهم تقضي بإقصاء شمال السودان بعيدا عن (تجمع شرق إفريقيا) وضم جنوب السودان بغرض الإنفراد به والعبث بسياسته وإقتصاده كما يريدون ..! يوغندا استهلكت كل الأراضي الزراعية بسبب تعدادها السكاني ومشكلات انجراف التربة في الإقليم الشرقي وتريد أن تجعل من جنوب السودان الإمتداد الإقتصادي الزراعي لها ... كينيا ترتهن اقتصاد جنوب السودان بإعتباره (دولة حبيسة) وتستثمر في هذه الأزمة إلى أقصى حد ... وهذه القطيعة بين الشمال والجنوب هي أقصى آمالهم وطموحاتهم ... عندما يغلق شمال السودان حدوده ويوقف تجارته تتكدس الطرق القادمة من كينيا ويوغندا بالبضائع والسلع ... الآن يعتمد الجنوب على البنزين والجازولين المستورد عبر الحدود وبأرباح باهظة جدا ..! هذه فقرة واحدة من البرنامج الإقتصادي لتجمع شرق إفريقيا ... ولكن الاستسلام لهذا الإنقسام لن يكون في صالح الجميع بالإضافة إلى أنه إنقسام غير منطقي فالإسلام في ساحل كينيا الشرقي أقدم من الإسلام في بعض المناطق في شمال السودان (إمارة لامو الإسلامية سابقة للسلطنة الزرقاء)... وتنزانيا 50% منها مسلمون ولن تستسلم لهذا المخطط حتى ولو اختطفت الزعامات السياسية قرارها إلى حين ..! اللغة السواحيلية 40% منها عربي ... وجنوب السودان لا يتحدث بالسواحيلية إنما بعربي جوبا ... والرهان على (الأنجلوفون) في تجمع دول شرق إفريقيا غير منطقي لأن بورندي (فرانكفون) وكذلك جيبوتي (خارج التجمع) ..! تنزانيا رجلها الأولى في التجمع ورجلها الثانية على حدودها الجنوبية وعينها على (سادك) وهي كتلة جنوب إفريقيا ... وستجعل من عضويتها في تجمع شرق إفريقيا كرتا للمساومة مع (سادك) لأن سادك أقوى وأفضل ..!