فضيلي جماع يحمل في قلبه صفاء وعذوبة ماء النيل الخالد، نشأ وترعرع في ربوع كردفان الكبرى وامتزجت دماؤه بجذور عربية وافريقية أعطته ذلك الوهج الخاص وذلك النقاء تعتمل في دواخله ثورة فهو دائم الحركة ودائم التصادم، طفل وديع مع المقربين إليه من أحبابه وأصدقائه وجيرانه وأسد جسور في مواقفه ونضاله وقناعاته، وفي ذلك يقول شاعرنا إدريس جماع "هين تستخفه بسمة الطفل قوى يصارع الأجيالا" افتقدنا فضيلى الإنسان وافتقدنا عطاء فضيلى الذي كان يملأ الساحة الفكرية والثقافية والاجتماعية. يكتب يومياته في الأيام بأسلوب رصين وإبداع أدبى وافكار جريئة مصادمة تحمل في طياتها رياح الثورة والتغيير. يغشى المنتديات المسائية ويعطرها بحلو حديثة وغزير معرفته وعمق ثقافته، فهو دائم الاطلاع والمثابرة والنقاش الهادف المثمر؛ لذا امتلك ناصية البيان وسحر البلاغة وموسيقى الحوار، له العديد من الإصدارات الشعرية والثقافية والقصصية والروائية والأعمال الدرامية. زاملت فضيلى جماع في دروب الحياة العلمية والفكرية والأكاديمية والاجتماعية والثقافية، فهو دائم الحيوية ذو نفس قلقة تقلب في اتجاهات شتى يمينة ويسارية وثورية وارتاد السجون في سبيل مبادئه وقناعاته، وهكذا هو فضيلى نسيج وحده يعيش لحاله، وتجمعه مع الفيتورى بعض الملامح الشخصية والفكرية والوجدانية فهو معجب بالفيتورى وبحياة الفيتورى، لذا ففضيلى دائم الترحال عفيف القلب واللسان وذو خصال حميدة راقية، كريم وسخى في غير إظهار، معذرة إن تحدثت إليك يا صديقى المناضل حديث القلب للقلب فحقا قد افتقدنا عطاءك وافتقدنا شخصك الذي كان واسطه العقد يتجمع حوله الأحباب والأصحاب أرجو وأنت في غمار معاركك الفكرية والسياسية والثقافية أن لا تنسى الوطن وأن لا تنسى الذكريات "فالذكريات في كل ليلة توحي للحبايب أشياء كثيرة" وأرجو كذلك أن لا تنسى نفسك فالحياة هى مزيج من الدنيا والآخرة ونبراسنا في ذلك الإمام الخامس ابن حزم، فقد جمع بين التفقه في أمور الدين والقضاء والأدب والفن، فكان عطاؤه غزيرا وعميقا في شتى المناحى. عد للوطن لكي تكتحل عيناك بسمول وكثبان كردفان ولكي تتزود من صفاء ونبل أهلك وأحبائك الطيبين الصابرين، عسى ولعل أن تكون تلك الجرعات الروحية والوجدانية زادا لك في مقبل أيامك ومعينا لا ينضب لصولاتك وجولاتك وصداماتك فأنت كتلة ثورية متحركة ورمحا ملتهبا لا يستكين له غرار. لك الود والمحبة ونعشم أن تكون في وطنك قريبا وسط أهلك وأحبابك وأصفيائك وأصدقائك ومعجبيك وهم كثر ودمتم في رعايته وحفظه.