زادت أسعار الدولار أمس الأحد بالصرافات، وزادت معها الأسعار في السوق الأسود لترجع إلى (5.5) جنيه للدولار الواحد، بعد ما امتصت الصرافات ما هو متوفر من نقد أجنبي في الأسبوع المنصرم والذي نفذ خلاله توجهات البنك المركزي بشأن النقد الأجنبي، إنها لعبة العشر ورقات عفواً إنها لعبة الدولارات. بات قراءة ما يحدث في المستقبل للجنيه السوداني ضرب من ضروب التكهن، والخيال، أو الإنشاء الأدبي، لأنه لا توجد قاعدة معلومات راسخة يمكن أن يؤسس عليها، كما أن المعلومات المتوفرة تناقض بعضها بعضاً، ولا تجد اثنين من المصرفيين المخضرمين أو المسؤولين الحكوميين المعنيين يتفقان حول ما يحدث للعملة الوطنية ومآلاتها، ولذلك آثروا العمل بالحكمة العربية والتي تقول (إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب) ودليل ذلك التحفظ والحذر المفرط عند الحديث مع الصحفيين. الذي لاحظته في السوق طوال الأسبوع المنصرم، إن أصحاب السلع يفضلون بقاء سلعهم في الدكان بدلاً عن بيعها لاستجلاب أخرى، وانتهى (عصر المفاصلات الذهبي) والرجاءات لبيع السلعة، ونادراً ما يناديك التاجر إن هممت الانصراف منه رغم الركود الكبير في السوق، وقد يكتفي التاجر، بمصروفه اليومي فقط، ولم اتمكن من تفسير هذه الظاهرة تفسيراً مقنعاً غير تلك التبريرات التي يصيغها التجار أنفسهم، (إن البضاعة في الرف ربحها أكثر)، ولا أدري هل تقلب سعر الصرف وراء تغير سلوك التجار؟!. لقد ظل وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود يقول إن سبب انخفاض قيمة الجنيه غير مبرر وهو الهلع وخوف الناس من تبعات التغيرات السياسية، وانفصال الجنوب، ولذلك كانوا يذهبون لشراء الدولار والاحتفاظ به حتى لا تفقد العملة قيمتها، والآن هو يوافق على خفضها بأكثر من (95%) من سعرها، بجرة قلم فقط، فهل هذا يعني أن المهلوعين أولئك أذكى منه، ويفكرون للمستقبل، وأن تصريحاته تلك هي غير المبررة، وليس من يلعبون في السوق؟ علماً أن تلك التصريحات لم يكن يرددها وزير المالية لوحده بل وزير المالية ومن علا بناءً على حيثيات غير معلومة لنا. فالذي تبقى لنا ننتظر لنرى بأعيننا، وبمعايشنا إن حيينا، ما يحدث لجنيهنا، ولاقتصادنا، وأي كتابة نكتبها عن هذا الشأن اعتبروها من باب الانشاء الأدبي وليس إلا!!!