*من يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته، اتيحت لي خلال هذه الإجازة التي أمضيها في استراليا فرصة الوقوف على بعض المشاكل الاجتماعية والأسرية المعقدة، وحمدت الله كثيرا أننا في السودان لم نصل هذه المرحلة من المشاكل الأسرية المعقدة. *لا نقول هذا للتقليل من حجم المشاكل الأسرية في بلادنا وأنما لتأكيد أن المشاكل الأسرية مشاكل عامة وهي تتعقد أكثر كلما تعقدت الحياة الاجتماعية والاقتصادية وطغت العلاقات المادية والنفعية على العلاقات الأسرية وأفقدتها الحميمية والمودة والرحمة. *أقول هذا بعد أن استضافني مركز بيرن سايد للعلاقات الأسرية بكبرماتافي سدني لحضور جلسة والاشتراك في برنامج مساعدة الآباء الذين يواجهون مشاكل أسرية لمساعدة أنفسهم عبر أسلوب (العلاج الجمعي) الذي يشارك فيه كل الحضور في التفاكر وتقديم المقترحات والحلول للمشاكل التي يواجهونها. *استمعت لحالات وصل أمر الخلاف فيها للمحاكم وطلب الطلاق وطرد الزوج من بيته وسمعت تحذيرات غريبة بالنسبة لنا مثل ضرورة مغادرة الزوج البيت وعدم محاولة مباشرة العلاقة الشرعية مع الزوجة دون رضاها لأن ذلك في عرفهم يعتبر اغتصابا للزوجة يعاقب عليه القانون. *هذه المشاكل الأسرية منتشرة في استراليا حتى وسط بعض الأسر المسلمة، فهنا توجد قوانين تحمي المرأة والأولاد بصورة مبالغ فيها للدرجة التي يصعب فيها على الآباء وأولياء الأمورمعاقبة أبنائهم حتى وإن أخطؤوا أمامهم، ولعل هذا يفسر بعض مظاهر الانفلات غير السوي وسط بعض الشباب في بعض الأسر(المحافظة). *لسنا في معرض المقارنة هنا، لكننا قصدنا عرض هذه النماذج الإيجابية التي تنظمها مثل هذه المراكز في استراليا وهي مدعومة من الحكومة والكلام ليك يا المطير عينيك للأخذ بيد الآباء الذين يواجهون مشاكل أسرية من مختلف الجنسيات والمعتقدات بمن فيهم استراليون ومساعدتهم على حسن معالجة مشاكلهم وتوعيتهم بحقوقهم وحقوق الآخرين وفق القوانين السارية، ليس من أجل التكيف مع الحياة في استراليا وإنما للحفاظ على أسرهم وأنفسهم بالتي هي أحسن بعيدا عن مخاطر التفكك والانحراف. *وقفت على بعض البرامج التي تقدم في مثل هذه المراكز التي تهدف لربط الآباء وأولياء الأمور بأبنائهم وبناتهم خاصة في المرحلة الابتدائية التي هي مرحلة الأساس في التعليم والتربية والتنشئة وتأهيل الآباء وتعليمهم كيفية تأمين سلامة صغارهم وكيفية التعامل مع المراهقين. *كان اللقاء الذي شاركت فيه إيجابيا، ولمست عمليا كيف ساهم كل الآباء الحضور في النقاش وتقديم النصح الذي يحتاجه الجميع دون أن يحس أي منهم بأنه مستهدف دون غيره، بل إنه يسهم مثل غيره في هذه المشورة الجماعية.