هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته علمت الدوائر الغربية المهيمنة باكراً أن إزاحة نظامٍ ما عدوا ليس كافيا وشافيا وإنما الأفضل ترك التجربة والممارسة تستمر ومن ثم العمل على التطويع والإخضاع وإلا فالإفشال والإضعاف من الداخل لتجني من وراء ذلك سقوطي النطرية والتطبيق سقوطاً لا (إنقاذ) بعده ولا استغاثة إفشالاً في نظر متبنيها ومنتسبيها وفقدان الثقة في مفكريها وبرنامجها ليوم الدين، والدليل على ذلك أنظر لبشريات الإنقاذ الأولى ومآل الإنقاذ الأخيرة، وسقوط أضخم راية وديباجة برنامج كانت تقول: (شعارنا العالي بيرفع والعالم كلو بيسمع فلنأكل مما نزرع ولنلبس مما نصنع!) وكما جاء في بعض الرؤى في مسارح اليسار أن تبني (الطابور الخامس) أفكاراً وأطروحات (يسارية) بهدف تخريب الحزب من الداخل، وقد نجح هذا الطابور في بعض الأحزاب الشيوعية في إبعاد خيرة القادة والكوادر والأعضاء المخلصين في الحزب وتحت أساليب ومبررات قذرة وغير مبدئية، وهي في أغلبها مفبركة وكان ذلك بشكل (هادئ وجيد)، وأن الهدف من هذا الأسلوب القذر واللامبدئي هو إضعاف ثم إفراغ وشل دور ومكانة الحزب في المجتمع من خلال إبعاد النشطاء والمبدئين سواء كانوا قادة أو كوادر أو أعضاء من الحزب وبهذه النتيجة سوف يتحول الحزب الثوري إلى حزبٍ هيكليٍ فقط وسوف لن يشكل أي خطر على النظام الحاكم وبالنتيجة النهائية وهي الأهم أن أعضاء الحزب وأصدقاءه من جماهير الشعب سوف يفقدون الثقة بالحزب وبالفكر الماركسي اللينيني وبالاشتراكية تلك التي كانت الهدف الرئيس لمشروع الحكومة العالمي الذي انهار. مقروءٌ هذا مع اختراق قوى الثالوث العالمي بعض الأحزاب الشيوعية سواءً كانت حاكمة أو غير حاكمة ووجدت أنصاراً لها ومؤيدين، وكان الهدف الرئيس لهذه القوى هو إضعاف الحزب وإبعاده عن نهجه المبدئي وتخليه عن الثوابت المبدئية وفي مقدمة ذلك عدم الاعتماد على النظرية الماركسية اللينينية، إذ تم تجزئتها وتم الاعتماد على الماركسية فقط والتخلي عن اللينينية كما تم التخلي أيضاً عن الصراع الطبقي ودكتاتورية البروليتارية والتضامن الأممي وغيرها من الثوابت المبدئية، وبالتالي تحولت هذه الأحزاب من أحزاب شيوعية إلى أحزاب اشتراكية ديمقراطية وهي بذلك أضحت السند الرئيس للنظام الرأسمالي، وفي نفس الوقت فإن برامجها وخطابها السياسي هو في خدمة الرأسمالية سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن هذا التوجه والسلوك لقادة هذه الأحزاب شكل ويشكل إلى اليوم الخيانة الفكرية لايديولوجية الطبقة العاملة وحلفائها على حد زعمهم. هذا مما دون في واحد من أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي ولعله جورباتشوف نفسه إن لم يكن غيره عندما سُئل عن دوره الرئيس في العملية أنه كان يُقدم (الضعاف) ضعيفي الفكر ضيقي الأفق الانتهازيين سيئ السلوك لاعتلاء المناصب وقيادة المؤسسات المهمة في الدولة عندما يريدون شخصاً ما لإدارة كذا أو لرئاسة مؤسسة كذا فيختار أسوأ الناس وأكثرهم انتهازية ليقدموه ويقول لهم بلغة ثقاة المؤتمر الوطني (دا أحسن زول)، لاحظ على مر سني حكومة 89 حتى اليوم كل مبدئي يتسم بالقوة والشكيمة وسداد الرأي والمنطق والحجة والأمانة أُقصي ووضع في الأرشيف والرف، وكل مفكر إما مكانه البيت والشارع أو قاعات الطلاب لأداء الواجب ولسد الرمق، فثمة أجهزة إدارية بفعل فاعل تُعطل وقرارات مصيرية لا تنفذ ورؤى منقذة تُغبر هي ومصدرها وأفكارٌ تُوأد، والدوائر المتخصصة في صناعة الشخصيات التخريبية الانتهازية وتعمل على تقديمها وتلميعها لإدارة الشأن العام في شتى الأوجه متخصصة كذلك في إضعاف القيادات واقتيادها رهينة لمبادئها ويمكن أن يكون دور بعض هؤلاء ممثلاً في تعطيل عمل أو قفل ملف أو قطع دورة مستندية رسمية عليها يتوقف جل أمرٍ وتكون النتائج كارثية مثل حجز الخطابات المهمة والمستندات، انظر للنتائج ولحصاد السنين والأمر لا يحتاج لإثبات ولا لدليل، هنالك دوائر داخل الجهاز التنفيذي مسيّجة لا يستطيع كائن من كان اختراقها. من أعظم الشواهد على سيناريو إضعاف الحكومة العريضة أو حكومة الوحدة الوطنية ألا يتم مشروع استراتيجي حتى ولو أُجيز على مستوى عال من أعلى هرم السلطات الثلاث وإن أُجيز فلا يرى النور وإن رأى النور تجده خدميا أو أنه يخدم جهات خارجية أكثر من خدمته للمواطن السوداني ويفترض أن تدفع تكلفته هي وليس السودان والشواهد على ذلك كثيرة. انظر واقعنا في كل ما يتعلق بزراعة أو صناعة ينحصر في البرامج الشكلية الاحتفالية وكل الناس والدولة والحكومة تعي مداخل حل المشكل الاقتصادي ولكن ليس بمقدور أحد الحل، تتقدم الكليات النظرية على الكليات التطبيقية وفي العمل العام الشعارات على المبادئ والقيم والتكتيكي على الاستراتيجي، والناخور (شغال) ولا يعلمه أحد انظر من حولك كل برنامج سياسي من الصعوبة له أن يكتمل على وجه وإن اكتمل خرب، مفردات سياسية تسللت لأدب القاموس الوطني السياسي وأضحت ظاهرة في التعاطي السياسي الرسمي فمن الذي يفعل ذلك؟ لا إجابة، والمصنع الذي أفلت من مصفوفة الحرب المنظمة لإضعاف الحكومة بعد أن اتضح جلياً أثره العميق على الاستقرار السياسي والاقتصادي على النظام تم ضربه وتدميره بالكامل ولم ولن يعود كما كان ولم تعد منطقة جياد الصناعية كما كانت ولا كل المصانع بما فيها مصنع سكر النيل الأبيض! وكثير من المشاكل الوطنية هي موروثة ووريثة وحلها ميسور ولكن لا يستطيع أحد اتخاذ قرار بشأنها والتي كانت أخف تعقدت اليوم بصورة غريبة! فعملية إحلال الكوادر القوية بالضعيفة الانتهازية والمصلحية في ذاتها وفي انتسابها أخذت منحى وشوطاً بعيداً جداً، ونحن في مرحلة معالجة الظواهر ومرحلة حصاد الهشيم... وهي سياسة إفراغ روحي ومعنوي وبشري ممنهجة.