*نتطلع بأمل كبير الى نجاح المفاوضات بين وفدي حكومتي بلدي السودان وسط الظروف الاقتصادية الأصعب التي يعاني منها المواطنون في البلدين ‘ ونرى ضرورة تعزيز الجدية والارادة السياسية العليا التي اسهمت في عودة الوفدين الى طاولة التفاوض. *ان تعزيز السلام - عكس ما يرى دعاة الحرب وكراهية الاخر - يسهم في حلحلة المشاكل القائمة داخل البلدين ‘ ويؤمن الاستقرار الضروري لهما لتنمية الطاقات والثروات والقدرات فيهما ‘ والتفرغ لخدمة قضايا الوطن والمواطنين. *لايخفى على احد الآثار الاقتصادية السالبة التي افرزتها الحرب بين الشمال والجنوب والتشاكس الذي اعقب انفصال الجنوب‘ لذلك فاننا نامل ونسعى لانجاح المفاوضات القائمة في اديس ليس فقط من اجل منع حرب بين البلدين باتت وشيكة خاصة بعد عملية هجليج العدوانية وتداعياتها‘ وانما لاستكمال السلام في دارفور ومحاصرة النزاعات في جنوب كردفان والنيل الازرق وحول ابيي‘ بل ولمعالجة الاختناقات الاقتصادية المتفاقمة في بلدينا. *لسنا في حاجة للحديث عن تكلفة الحرب التي يعرفها اهل الحكم في البلدين ويتأثر بها المواطنون في الشمال والجنوب على السواء‘ لذلك نرى ضرورة دفع الجهود الاقليمية والدولية الهادفة لتأمين السلام بين بلدينا‘ بل نرى ان ذلك هو هم القيادتين والحكومتين في بلدينا. *هذا يتطلب النظر بموضوعية في اسباب استمرار النزاعات الداخلية ‘ ليس فقط للاتفاق على عدم دعم الحركات المعارضة في كل قطر من الطرف الاخر -رغم اهمية ذلك - وانما بتبني صيغة لاسترداد الثقة مع الاخرعبر حوار مكمل بين الحكومة والحركات المسلحة داخل كل قطر. *ما يهمنا هنا هو كيفية تبني الحكومة الحوار مع الحركة الشعبية الشمالية التي قلنا اكثر من مرة انها موجودة سياسيا وبشريا ‘ مع التحفظ على وجودها العسكري الذي يتطلب معالجة جذرية وشاملة وفق المواثيق والاعراف الدولية ضمن الحل السياسي الشامل الذي يمكن ان تهيء له المفاوضات الجارية حاليا في اديس. *نقول ذلك لاقتناعنا بضرورة الحل السياسي الشامل في السودان الباقي ومع دولة جنوب السودان ‘ ليس لان المحيط الاقليمي والدولي قد حرض على ذلك‘ لانهم - مع تقديرنا لمساعيهم - ليسوا اكثر حرصا منا على وطننا وسلامنا ومستقبلنا‘ لذلك ندعو الحكومة لاحداث اختراق ايجابي لتجاوز هذه الازمة المفتعلة بحوار سوداني سوداني نراه ضروريا لتعزيز مفاوضات اديس. *حوار سوداني سوداني لايهم اسمه او من وراءه المهم ان يفلح في انجاز الاتفاق السياسي القومي الديمقراطي الذي نرى انه المخرج السلمي من هذه( الدوامة) السياسية والاقتصادية والامنية ‘ والوصول ببلادنا الى بر الامان. فراغات عمر مجذوب خطيب إليزابيث الثانية تابعت احتفالات المملكة المتحدة ودول الكومنولث باليوبيل الماسي لاعتلاء الملكة اليزابيث عرش المملكة أي 60 عاما "سنة تنطح سنة". استخدم الانجليز براعتهم في الترويج وصناعة الصور والتصورات فخرجوا على العالم باحتفالات ستسكن ذاكرة التاريخ طويلا مثلما فعلوا في مناسبات سابقة. بدأت الملكة في كامل عنفوانها وصحتها رغم سنواتها الست والثمانين، أحد الخبثاء قال يبدو ان ابنها ولي العهد الامير تشارلز سينتظر طويلا حتى ياتي دوره في تولي العرش خاصة وانه اليوم في الرابعة والستين من العمر . معروف ان معدل عمر نساء العائلة المالكة في بريطانيا اطول من رجالها ويكفي ان والدة الملكة اليزابيث ماتت قبل اعوام قليلة عن 101 سنة. هي اذن قصة عرش يجدد نفسه وصورته باستمرار، مستغلا مناسباته الاجتماعية السعيدة والحزينة والتي تتحول تلقائيا الى مناسبة عامة او عالمية ان شئنا الدقة. هو العرش الذي تنسب اليه كل انجازات التاريخ البريطاني بدءا من الثورة الصناعية وعصر الاستعمار والتمدد والنفوذ حتى اكتشاف كرة القدم ينسب للعرش. هو العرش الذي نأى بنفسه عن الاخفاقات والهزائم وتقلص دور بريطانيا ومكانتها في الساحة الدولية. غابت شمس الامبراطورية تماما ولم يعد اسم الملك يتردد في اركان العالم الاربعة ولم يعد عيد ميلاده او جلوسه على العرش امرا يخص الملايين من شعوب الامبراطورية الاستعمارية. ومع ذلك لم يستسلم العرش والآلة الاعلامية الضخمة التي تعمل في خدمته. قاوم العرش وصمد في وجه دعوات داخلية طالبت بحله وتفكيكه لانتفاء الحاجة اليه والتكاليف التي تدفع لتسييره. وقد اضطرت الملكة اليزابيث في نهاية الامر لدفع ضرائبها اسوة بباقي البريطانيين. بريطانيون كثر اعترفوا بحاجتهم للعرش كرمز وجسر بين التاريخ والمستقبل وكسفير يسوق بريطانيا ويبقي صورتها في الاذهان. لاذ العرش بتقاليده وأسراره فطوى تفاصيله والخاص من اخباره قدر ما استطاع، لكنه فشل في ذلك مرات اشهرها مع الراحلة ديانا وقصتها المعروفة. جدد العرش شبابه بهذه الاحتفالية التي استمرت اربعة ايام تجاوزت عائداتها المادية تكاليفها المرتفعة بكل تاكيد، فالبراعة والنجاح يتحققان كلما اتسعت دائرة الاهتمام بالاحتفال وشعر الناس انه يعنيهم بصورة او اخرى ولو على صعيد الترفيه. وسط كل هذا الخضم تذكرت زيارة الملكة اليزابيث الى السودان عام 1965 والاستقبالات التي حظيت بها كما تذكرت صور وفدنا الذي ذهب لحضور تتويج الملك جورج الثاني عام 1919. شئ ما ربطنا بالتاج البريطاني انه الاستعمار ولا شك ، لكني اتحدث عن تعلق سوداني خاص ببريطانيا، لا اعمم حتما "لكن في حاجة يا جماعة صدقوني" لم افهم حتى الساعة سبب رفضنا الدخول في رابطة الكومونولث أي التجمع الذي يضم بريطانيا ومستعمراتها السابقة وقد جنت الدول الافريقية الاعضاء مكاسب لا يستهان بها من هذه الرابطة مهما كانت التحفظات التي يبديها البعض على تجربة الرابطة برمتها