** الأسبوع الفائت، كتبت فيما كتبت، أن اتحاد عمال السودان - وبتوجيه من وكيل وزارة الصحة المركزية - سحب عربة إسعاف مستشفى الصداقة بأم درمان، لصالح ما أسموه ب(دعم قطاع غزة)، وكان ذلك في العام (2009).. وأن مستشفى الصداقة، منذ ذاك العام والى يومنا هذا بلا عربة إسعاف، بحيث يتم نقل المرضى والموتى بالبكاسي وغيرها من المركبات.. وبعد ثلاث سنوات من سحب عربة الإسعاف، اكتشفت إدارة مستشفى الصداقة أن تلك العربة لم تذهب الى قطاع غزة، بل تقبع في فناء مؤسسة تسمى بالمؤسسة الطبية الوطنية، فطالبت إدارة المستشفى القائمين بأمر تلك المؤسسة باسترجاع العربة، وخاصة أن المستشفى بحاجة إليها، بل أكثر حاجة من قطاع غزة.. ولكن ردت تلك المؤسسة على إدارة المستشفى برد فحواه: (صاح نحن ما قدرنا نوديها غزة، لكن عندنا النية نوديها الصومال).. وبهذا الرد، رفضت إرجاع العربة الى المستشفى.. فناشدت وزارة الصحة واتحاد العمال وتلك المؤسسة بإرجاع العربة الى مستشفى الصداقة، إذ أهل السودان بحاجة الى خدماتها أكثر من أهل فلسطين والصومال..!! ** هكذا ملخص تلك الزاوية التي أزعجت جهات كثيرة، ومنها اتحاد عمال السودان.. لقد عقب رئيسه، البروف إبراهيم غندور، قائلا بالنص: (نعم كنت مع الذين تم تكليفهم لمناصرة أهل غزة في محنتهم الأخيرة، ورأينا دعمهم بما نستطيع، ومنها عربة أو عربات إسعاف، واتصلت بوكيل وزارة الصحة - الدكتور كمال عبد القادر- طالباً منه مساعدتنا في شراء عربة إسعاف من السوق، ولكنه نصحنا بعدم الشراء قائلاً بالنص: "مافي داعي تشتروها، نحن عندنا عربية واقفة ساكت في مستشفى الصداقة، امشوا شيلوها"، ثم وجه إدارة المستشفى بتسليمنا للعربة..وبناء على هذا التوجيه، استلمنا العربة وسلمناها لجمعية أنصار الخيرية، باعتبارها الجهة المناط بها جمع التبرعات، وأخلينا مسؤوليتنا كاتحاد عمال عن العربة ولا علم لنا بما حدث بعد ذلك، ولدينا من المستندات والوثائق ما تؤكد استلام العربة بتوجيه وكيل وزارة الصحة ثم تسليمها لجمعية أنصار الخيرية.. والعربية المفروض تكون مشت غزة، وصومال دي شنو كمان؟)، أو هكذا كان تعقيب رئيس اتحاد عمال السودان.. وللأمانة، جاءني التعقيب - ومستنداته ووثائقه - مساء يوم نشر الزاوية، وكان يجب نشر هذا التعقيب في اليوم التالي مباشرة، وإني أعتذر عن هذا التأخير..!! ** وقد يسأل اتحاد العمال، وأنت أيضاً أيها القارئ، عن أسباب هذا التأخير..له ولك حق السؤال، والسبب - للأسف - هو رد فعل وزارة الصحة بولاية الخرطوم.. إذ اتصل الناطق الرسمي باسم الوزارة - الدكتور معز حسن بخيت - شاكراً ثم ملتزماً بإرجاع العربة الى مستشفى الصداقة خلال أسبوع، فشكرته وانتظرت الموعد بلسان حال قائل: (المهم العربية ترجع المستشفى، وبعد ترجع نشكر وزارة الصحة وننشر توضيح اتحاد العمال، ونقفل الملف ده)، وهذا خير من اللت والعجن.. ولكن - للأسف أيضاً- مضى الأسبوع، ثم أيام من الأسبوع الثاني، ولم تلتزم وزارة الصحة بوعدها، فالعربة لا تزال بطرف جمعية أنصار الخيرية، حسب الوثائق والمستندات التي تحمل توقيع (محمد حسن طنون/ الأمين العام لجمعية أنصار الخيرية).. أي لم يستفد منها أهل غزة ولا أهل الصومال ولا أهل السودان الذين يحملون مرضاهم وموتاهم بالبكاسي والكارو والركشات.. ولا أدري لماذا؟، والى متى؟، ولمصلحة من؟، تخزنها جمعية طنون الخيرية؟.. تلك عربة إسعاف عامة، وتم سحبها من مرفق صحي عام، رغم أنف حاجة عامة الناس الى خدماتها، ولم تذهب الى غزة ولا الى الصومال، فلماذا تحرم تلك العامة من حق عام؟.. على كل حال، لم يعد اتحاد العمال مسؤولا عنها حسب تعقيبه، ولم يعد المتحدث باسم وزارة الصحة ملتزماً بوعده، وعليه نناشد الشيخ محمد حسن طنون/ الأمين العام لجمعية أنصار الخيرية، بخطاب فحواه: (الله يرضى عليك، رجع الإسعاف دي للمستشفى).. رجعها ياخ، ثم ارشدنا - هداك الله وإيانا - الى أمكنة تبيع قلوب الذئاب لنستبدلها بقلوبنا، بحيث لا نحس بأوجاع الناس وأزمات البلد..!!