** الحجارة والبيض الفاسد والقوارير الفارغة وغيرها من المقذوفات التي يقذف بها البعض بعض الساسة في كل أرجاء الكون، ليست ببدعة ولا هي بحلول..بل كل المقذوفات - بما فيها تلك التي أخطأت البروف غندور وأصابت عروة والظافر بدار حزب الأمة - محض وسيلة من وسائل التعبير التي يرفضها الأسوياء، نهجا وفكرا وعقلا..نعم، يجب أن نؤكد بأن تلك الفئة أخطأت، ليست في حق غندور فحسب، بل في حق حزب الأمة وداره أيضا، ثم في حق الهيئة الشعبية لمناصرة شعب سوريا..فالحدث لم يكن بكاودا، حيث العنف مباح فيها وكذلك قذف غندور وغيره بكل أنواع الأسلحة والمقذوفات - بما فيها الطوب والقوارير - مستباح فيها، بل كان الحدث بدار حزب سياسي تحرس أمنها- وسلامة سادتها وداخلها- الشرطة والجيش والأمن..ثم البروف غندور لم يكن متطفلا على المناسبة وأهلها ودارها، ولم يأتها على رأس جيش عرمرم - تتقدمه الدبابات والراجمات - بنوايا فض المناسبة أو احتلال الدار، بل جاءها بدعوة من أهل المناسبة والدار..ثم هناك أرضية مشتركة بين غندور وكل أهل المناسبة بمن فيهم تلك الفئة القاذفة، وهي رفض ما يحدث للشعب السوري، ومن الخير للمرء أن يبحث عن أي أرضية مشتركة مع من يخالفه الرأي والفكر والنهج، وما جاءهم غندور إلا إيمانا بهذا وبحثا عن تلك الأرضية التي جمعته مع خصومه ولو لمدة نصف ساعة..لكل ماسبق، لم تحسن تلك الفئة القاذفة عملا بذاك التصرف، وهي لم تحرج البروف غندور، بل أحرجت كل الذين كانوا بالمكان والزمان، خاصة (أهل الدار)..والكل يعلم أن دار حزب الأمة كانت – ولا تزال - دار كل أهل السودان، وأن من يدخلها فهو آمن، لأن حملة فكرها ونهجها لم يتخذوها يوما لتكون دارا من (دور المؤامرة) أو بيتا من (بيوت الأشباح) او معتقلا من (معتقلات الحزب)..نعم لغة العنف تليق بنهج ودور أحزاب سودانية، ليس من بينها (نهج ودار حزب الأمة)..!! ** ثم ..الذين رموا غندور بالطوب والقوارير لم يستهدفوا غندور في شخصه، ويخطئ من يظن ذلك ويختزل الحدث في غندور فقط..مع العلم بأن غندور هذا أكثر ساسة المؤتمر الوطني تواجدا في دور القوى المعارضة محاورا أو مؤانسا، وكذلك أكثرهم مشاركة في مناسباتهم العامة والخاصة، بل وأكثرهم التصاقا بشوارع العامة وأنديتها، ولم يكذب عزيزنا عثمان شبونة حين كتب (غندور من رواد نادي بري)، وإن رأى العزيز شبونة هذا الارتياد من زاوية استنكار فإني أراها من زاوية استحسان، واختلاف زوايا النظر يجب ألا نظلم غندور- وغيره - في كل المواقف، بل هناك مواقف يكون فيها المرء مظلوما، ويجب مناصرته ولو كان - هو ذاته - ظالما في مواقف فائتة أو مرتقبة.. فالمبدئية في رفض الظلم تقتضي ألا نغيب ضمائرنا بحيث نبتهج ونشمت حين يتعرض الظالم للظلم و(ليس للعدالة)..فالقذافي- على سبيل المثال- عاش ظالما ولكنه (مات أسيرا)، ومكارم الأخلاق التي أتمها الإسلام ترفض قتل الأسير وتعذيبه، وكذلك ترفض ضرب العُزل وتستنكر الاعتداء على غير المعتدين، غندورا كان أو غيره..وقد يبرر لك أحدهم ماحدث قائلا : (هم أيضا يعتدون على العُزل)، وهنا لك حق التساؤل : (إن كنت مقتديا بهم ومتشبها بهم، فلماذا تعارضهم وتسعى الى تغييرهم؟)..فالتغيير لا يعني تغيير من هم حولك بآخرين، بل جوهر التغيير هو تغيير ذاتك بحيث لا تلتقي مواقفك وأفعالك وأقوالك مع مواقف وأفعال وأقوال من تستهدفهم بالتغيير..!! ** على كل حال، وهذا هو (المهم جدا)..استنكار العنف وحده لا يكفي، بل يجب استنكار أسبابه ومصادره أيضا ..العنف يولد العنف ياسادة ياكرام، وكذلك الاحتقان والغبائن ثم استفزاز الناس وخياراتهم الفكرية والسياسية، بالأقوال أو بالأفعال..لم يمض الأثر الإعلامي لما حدث لغندور، ولكن فلنقرأ ما يلي نصا (أحزاب المعارضة كرتونية وقلة أدب، والداير يطلع الشارع يطلع وما دايرين لولوة، و..و..)، وعذرا لمن هم دون سن الرشد على هذا الحديث الذي نقلته بالنص من صحف البارحة، وهو بعض حديث مصطفى اسماعيل بجامعة النيلين، مخاطبا طلاب تلك الجامعة وليس (شماسة سينما كلوزيوم)..حسنا، إن كان هذا مستشارا بالرئاسة وقياديا بالحزب وتلك لغته التي يخاطب بها طلاب الجامعات، فلماذا لا يتوالد العنف ؟..وعليه، غندور المسالم وكذلك كل الناس والبلد، ما هم إلا بعض ضحايا نهج مصطفى وغيره...أي حين يسألك السائل: بأي ذنب قُصف غندور؟، فقل: بذنب (ذاك النهج)..!!