الصادق ومبارك...الاشتباك الأخير!! ما دخل الولاياتالمتحدة بتأزم العلاقة بين الصادق ومبارك؟ ولماذا ذهب الأخير إلى لندن؟ ما هي خطة الأول وكيف يخطط الثاني؟ لماذا يتوقع المقربون من مبارك فصله من الحزب لمدة عامين وما هي ردة فعلهم؟ أضف إلى ذلك، هل سيتأخر انعقاد المؤتمر العام الثامن لحزب الأمة الذي تبقى له بضعة أشهر؟.. ومن سيترشح للرئاسة؟ الإمام مجددا؟ المقربون منه؟ المغضوب عليهم؟ أم سيتم سن فكرة التوريث؟ ولماذا تتهم القيادات العائدة إلى حزب الأمة الإمام الصادق المهدي بمحاولة تقسيم الحزب، رغم أنه فرح من قبل بعودتهم؟ بلا شك هناك تعقيدات كثيرة وتفاصيل عديدة يمر بها حزب الأمة في هذه الفترة، لكن ليس صعبا على الإطلاق قراءة ما بين السطور، فآراء واضحة يقولها رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي وأخرى لا تقل عنها جرأة يعلنها المختلفون معه.. وبين هذا وذاك يكشف بعض المنتمين للحزب معلومات ربما تنشر لأول مرة. تقرير: لينا يعقوب ما يثير الاستغراب في الخلافات الدائرة الآن، أن المختلفين لن ينشقوا عن حزب الأمة القومي هذه المرة، كما اعتادوا أن يفعلوا في المرات السابقة، فهم سيعلنون رفضهم للقرارات المتخذة ويقومون بمناهضتها من داخل الحزب وهذا ما أسر به بعضهم في حديثهم ل(السوداني).. وبمنطق الأحداث يقرأ المقربون لمبارك الفاضل ما يمكن أن يُتخذ ضده خلال الفترة المقبلة، فسرت معلومة تناقلها عدد من الناس داخل أو خارج حزب الأمة تشير إلى أن لجنة الضبط والمتابعة اتخذت قرارا بتجميد عضوية مبارك الفاضل لمدة عامين، إلا أن رئيس لجنة الضبط والأداء بروفيسور محجوب جعفر حسم الشائعة حينما نفى تجميد عضوية مبارك الفاضل لمدة عامين، حيث قال في إفادته ل(السوداني): "لم يحيلوا لي أي عضو ونحن لم نجتمع أو نقرر في أي حالة بعد". ولا يستبعد محمد عادل، أحد شباب حزب الأمة و من المقربين لمبارك، أن يُتخذ في حقه إجراء فاعتبر في حديثه ل(السوداني) أن اللجنة التي كونت لمحاسبته غير شرعية ولن يتم الاعتراف بقراراتها بل ذهب لأبعد من ذلك حينما قال إنه ليس من حق مبارك أن يمثل أمامها.. ونوه إلى أن قرار تجميد عضوية مبارك في عام 2001 تمت مناهضته عبر الجماهير، وكمعظم من تحدثوا في هذا التقرير، سار عادل في ذات الخط الذي يعتبر أن الخلاف الدائر يرتبط بالمؤتمر العام المقبل بعد أن ظهرت حظوظ لمبارك بتزعم الحزب "لخطة السياسي الواضح الداعي إلى إسقاط النظام والتعامل مع القوى السياسية وفق رؤية موحدة" الصادق.. أسباب الغضب؟ ما هو معلوم أن رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي رجل يحب العمل بمؤسسية ويبتعد عن القرارات الفردية، يلتزم ويؤيد كل ما يصدر عن اللجان والهيئات التابعة للحزب، لكنه يرى أن مبارك الفاضل يعمل بصورة فردية ولخدمة أجندة خاصة. مصادر مطلعة كشفت ل(السوداني) أن أحد أسباب غضبة الصادق من مبارك، معلومة وصلت للأول من ابنته مريم بعد أن عادت من كمبالا تشير إلى أن لقاءات جمعت مبارك الفاضل مع بعض الشخصيات الأمريكية أكدوا له رغبتهم في دعمه كزعيم مستقبلي لحزب الأمة وهو ما يطمح إليه مبارك، ويبدو أن مثل هذه اللقاءات - وأخرى لم تعلن - كانت كافية لزعيم الحزب وعدد من أعضائه أن يوجهوا اتهامات للرجل بالعمالة. المصادر التي لم تذكر اسمها وحتى التي ذكرت، أكدت أن مسألة الترشح لرئاسة الحزب في المؤتمر العام المقبل هي أساس الخلافات الدائرة الآن، فالإمام الصادق المهدي الذي رفض الترشح للرئاسة في المؤتمر العام السابق وقبل في نهاية الأمر تحت إلحاح مؤيديه الأنصار، ألمح إلى أنه لن يترشح مرة أخرى، فتحفزت القيادات التي غادرت الحزب بالعودة مجددا لتعمل مع القواعد والقيادات بهدف خلق قاعدة جماهيرية، وكان متوقعا مع اقتراب المؤتمر العام ظهور خلافات حادة بين الإمام الصادق أو أبنائه مع القيادات الجديدة. ويلحظ جميع المنتمين لحزب الأمة أن عددا من القيادات الشابة بالحزب بدأت تميل إلى مبارك الفاضل وتعتقد أنه الأقرب إليها سياسيا، وعبرت عن ذلك بوسائل مختلفة. مثل هذه التحركات كانت مرصودة إلا أن الصادق المهدي قال في حواره مع السوداني "حزب الأمة متماسك وفيه أفكار كثيرة ونحن لا نتضايق من تحركات منسوبي الحزب".. اتهامات نارية حينما وجه الصادق المهدي اتهامات لمبارك بسعيه لإحداث انشقاق جديد في الحزب لصالح دولة أجنبية، وأنه يسير في خط مقاوم لخط حزب الأمة ودستوره وأجهزته، حاول أن يوضح أن مبارك لا يملك وضعا تنظيميا داخل الحزب وأشار إلى أن عضويته ستبت فيها لجنة "الضبط والمتابعة".. ويبدو جليا من العبارة أن المهدي لا يستبعد فصل مبارك طالما أنه سيخضع للجنة. وحينما سُئل إن كان سيطرد مبارك، نفى لأنه لم يحدث أن فصل شخصا من الحزب وقال: "وارد أن يعتقد مبارك أني أسعى لفصله" ومضى الإمام أكثر حينما قدم تحليلا لما يقوم به مبارك الآن قائلا: "في ناس ممكن يكون عندهم رؤى وأطماع وهذا الحديث قيل كثيراً، وأنا في رأيي هذا لعب خارج ملعب حزب الأمة".. وهذه هي النقطة. مبارك.. هل هي أطماع مشروعة؟ مصادر مطلعة كشفت ل(السوداني) أن مبارك الفاضل ينوي الترشح لرئاسة حزب الأمة في المؤتمر العام المقبل، فحاول أن يخلق كاريزما بين أوساط شبابية ويستقطبهم إليه، كما أنه عرض تمويل المؤتمر الذي قد يتعذر قيامه في موعده بحجة "التمويل".. مبارك يعتقد أن الصادق المهدي عليه أن يتيح فرصة لغيره ويرى أنه الأنسب لمسك زعامة حزب الأمة.. ومعروف أن الرجل من أغنياء الحزب، له علاقات استثمارية في عدد من الدول، ويتمتع بعلاقات واسعة في دوائر الدول الغربية وله أعمال تجارية عديدة في دولة الجنوب، كما تربطه علاقات مع الجبهة الثورية وقطاع الشمال، ويبدو أن مبارك حاول أن يكون ذكيا حينما دفع بزميله نصر الدين الهادي للتفاوض مع الجبهة الثورية وابتعد تماما عن الصورة الأمر الذي اعتبره الصادق لعبة مكشوفة.. مبارك غادر إلى عاصمة الضباب لندن ليبتعد عن الأجواء المشحونة ووسائل الإعلام التي تطالبه بالرد على اتهامات منسوبي حزب الأمة، غير أنه لم يستطع أن يتجاهل اتهامات الصادق المهدي له بالعمالة والعمل على شق صفوف الحزب فأصدر بيانا رفض فيه الاتهامات، وقرر الاتجاه بعدها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ورغم تسرب أنباء عن احتمالية تأجيل المؤتمر العام إلا أن أمين التنظيم جمال علي إبراهيم، أكد في حديثه ل(السوداني) أن قرار الهيئة المركزية يؤكد على قيام المؤتمر العام الثامن في موعده المقرر في إبريل 2013، موضحا أنه من حق أي عضو داخل المؤتمر أن يترشح لأي منصب يراه، مشيرا إلى أن رئيس الحزب بعد أن يقدم خطابه العام ستُحل كافة الأجهزة وسيتم اختيار رئيس للمؤتمر وتبدأ عملية الترشيح، وأوضح أن المؤتمر العام يقوم باختيار أعضاء الهيئة المركزية للحزب والتي تنتخب بدورها الأمين العام وأعضاء المكتب السياسي المركزي. حظوظ مبارك؟ خلافات مبارك المهدي لا تقتصر مع رئيس الحزب الصادق المهدي فهي تمتد مع المقربين منه وتبتعد عن الآخرين، ويرى أستاذ العلوم السياسية د.صلاح الدين الدومة أن مبارك الفاضل لا مستقبل له الآن في حزب الأمة "إن كان الصادق المهدي حيا أو انتقل إلى رحمة مولاه".. عازيا ذلك لأن الكاريزما الجاذبة لن تتشكل لمبارك إلا بعد أن ينتقل أو يشكل حزبا جديدا، ويعتبر الدومة في حديثه ل(السوداني) أن الإمام الصادق استطاع نوعا ما أن يمكن أبناءه بقوة داخل الحزب، وشبه الخلاف الدائر الآن بين الصادق ومبارك بالخلاف الذي حدث في السبعينات بينه وعمه الهادي المهدي لكن في هذه الحالة شعبية الصادق أكثر من مبارك، واستبعد الدومة أن يتنحى رئيس حزب الأمة القومي عن رئاسة الحزب في المؤتمر المقبل لأن "بوادر توريث بدأت بالظهور" وقال: "رغم ضيق صدر الصادق المهدي بالرأي الآخر ومحاولة فرض رأي أحادي داخل الحزب إلا أن حظوظ مبارك الفاضل تبدو ضعيفة هي الأخرى"، وأشار إلى أن النظرية السودانية تتمثل بأن تبقى القيادات التاريخية في أماكنها إلى أن يتوفاهم الله. ورغم أن الكاتب الصحفي حسن إسماعيل استبعد أن يترشح الصادق المهدي إلى الرئاسة مرة أخرى، إلا أنه أشار إلى تعقيدات كثيرة قد تواجهه إن ترشح مرة أخرى خلال المؤتمر العام المقبل، واعتبر أن الخلافات التي تدور تتعلق بالمنافسة حول زعامة الحزب. عضو المكتب السياسي: الصراع موجود عضو المكتب السياسي بحزب الأمة محمد عبد الله الدومة سار في ذات الاتجاه الذي يشير إلى أن ما يمر به حزب الأمة الآن يتعلق بصورة مباشرة بالمؤتمر العام الثامن، وقال: "ليس مبارك الفاضل وحده إنما هناك خلافات مع آخرين"، ووصف في حديثه ل(السوداني) فصل قيادات من التيار العام "بالمذبحة" مؤكدا أن هذه القرارات غير موفقة رغم أنها تستند على لائحة، ويعتبر أنها انتقائية بالدرجة الأولى وصدرت في وقت غير مناسب وأقر بأن الصراع داخل الحزب موجود والصراع على القيادة أيضا موجود إلا أنه يقاد بصورة سيئة، وأكد الدومة على أحقية ترشح أي عضو منتمي لحزب الأمة رغم أن المنافسة في ظل وجود رئيس الحزب الحالي ووزنه عند الأنصار ستكون شبه معدومة. واستبعد أن يتم سن فكرة التوريث لأن جماهير الحزب واعية وسترفض. دعوة للمصالحة هناك طريقتان يُرجح أن يعمل بهما رئيس الحزب، إما أن يحاول معالجة الخلافات وفتح تنافس نزيه بين القيادات التي ترغب في ترؤس الزعامة خلال المرحلة المفصلية المقبلة، أو انتهاج الفصل والإبعاد لبعض القيادات. مبارك الفاضل دعا الصادق المهدي أن يكون حريصا على مصلحة الوطن والحزب وأن يعمل على جمع الشمل وتوحيد الصف إنفاذا لقرارات الهيئة المركزية والمكتب السياسي، إلا أن مثل هذه الدعوة باتت مكشوفة النوايا للأعضاء المنظمين داخل حزب الأمة، ومع ذلك فقد طالبه الصادق بعدم محاولة شق صفوف الحزب والعمل بعيدا عن دستوره وقوانينه.. وبين الدعوتين قد تظهر مستجدات جديدة ربما تربك المشهد المتوقع لحزب الأمة.