أعتقد أن الرئيس التونسي المخلوع أخذ وقتا طويلا ليفهم الشعب التونسي أو أنه كان يفهمه ولما أغلقت السلطة والأموال والدماء عينيه نسي ما فهمه ثم جاء ليقول في اللحظات الأخيرة: الآن فهمت ..! أنا شخصيا زيارة يومين فقط (ضمن حلقة خبراء الإتحاد الإفريقي) جعلتني أفهم ماذا يريد الشعب التونسي إنه شعب نظيف متحضر وراقي ومتسامح جدا. عاصمته تونس دنيا من الخضرة والأناقة والطرقات المغسولة والتي تصطف الأزاهير على جانبيها. شعبها هو الأول في أشياء كثيرة .. هو أول أمة تصارع الإمبراطورية الرومانية وتغزو ثلثي أراضيها تحت قيادة هانبعل ... كانت هذه معجزة القرون القديمة من تونس ..! وهو الشعب العربي الأول الذي يصارع الشمولية صراعا مريرا ثم يطيح بها ويؤسس لديموقراطية مستدامة ..! المناخ السياسي في تونس صحي ومعافى جدا، والروح الوطنية عالية للغاية، لقد ساهرت في غرفتي في الفندق حتى الحادية عشرة ليلا لأشاهد فصول الملحمة الإنتخابية للرئيس الدكتور المنصف المرزوقي وخنقتني العبرة معه وهو يحاول أن يلقى خطبة مرتجلة والدموع تغالب عينيه ... ثم وقف الحضور ليتغنوا بالنشيد الوطني .. نموت نموت ويحيا الوطن ... حياة الكرام وموت العظام .. حقيقة تونس هي مختبر الديموقراطية العربي كما قال المرزوقي. وأضيف على ذلك لو سمح لي التوانسة أن طاغيتها أفضل من بقية الطواغي أو أن أبناء تونس في نظامه لم يتركوا له فرصة للمزايدة به ... ربما ... ولكن الحالة التونسية تحتاج إلى دراسة ..! المنصف المرزوقي في سطور: يعتبر المنصف المرزوقي( 66 عاما ) أول رئيس ديموقراطي لتونس يخلف فؤاد المبزع الذي تولى رئاسة البلاد مؤقتا بعد سقوط نظام بن علي. ولد في جنوبتونس "قرمبالية"، وسافر الى فرنسا 1964 وأقام هناك 15 سنة. في سنة 1975 سافر إلى الصين ضمن وفد لمعاينة تجربة الطب في خدمة الشعب في الصين. عاد المرزوقي إلى تونس عام 1979 رغم إلحاح أقربائه على بقائه في فرنسا، وعمل أستاذاً مساعداً في قسم الأعصاب في جامعة تونس. شارك في تجربة الطب الشعبي الجماعي في تونس قبل وقف المشروع. اعتقل في مارس 1994 ثم أطلق سراحه بعد أربعة أشهر من الاعتقال في زنزانة انفرادية، وقد أفرج عنه على خلفية حملة دولية وتدخل من نيلسون مانديلا. أسس مع ثلة من رفاقه المجلس الوطني للحريات فى10 ديسمبر من عام1997 بمناسبة الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد اختير أول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان من عام 1997 حتى 2000. غادر إلى المنفى في ديسمبر 2001 ليعمل محاضراً في جامعة باريس. حيث بقي هناك حتى أعلن عن عزمه العودة بدون أخذ الإذن من السلطات التونسية. ثم أعلن عن عودته إلى تونس يوم 21 أكتوبر لمشاركة التونسيين في نضالهم. وعاد في ذلك التاريخ. وعاد المنصف المرزوقي إلى تونس يوم18 يناير 2011 . شارك في إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 مع حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية الذي حاز على المركز الثاني ب29 مقعدا بعد حركة النهضة الإسلامية وقد تحصّل الدكتور منصف المرزوقي على مقعد في دائرة نابل. من المفترض أن يكلف رئيس الوزراء حمادي الجبالي (إسلامي) بتشكيل الوزارة ..!
