جاءت زيارة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي للسودان في وقت معقد.. وكثير التعقيدات داخل القطرين الشقيقين.. مشكلات داخلية في مصر تعود إلى إفرازات الشارع السياسي.. بعد الثورة التي إقتلعت نظام حسني الإستبدادي والفاسد.. وإفرازات الأزمات السياسية.. التي تصنعها المعارضة المصرية بعد وصول مرسي للسلطة.. ومحاولات فلول النظام المباد لخلق فوضى سياسية.. تقود إلى فوضى خلاقة تهدف إلى سقوط النظام الجديد.. وفي السودان إفرازات ما بعد انفصال الجنوب والمتبقي من أزمة دارفور.. وقضيتي جنوب كردفان والنيل الازرق.. وحالة التوتر بين دولتي الجنوب والسودان.. وأشياء وأشياء كل هذه المعطيات تقود إلى واقع مشترك بين مصر والسودان.. هو الواقع الإقتصادي المتردي.. فالغلاء والبطالة وتراجع النمو الإقتصادي هو واقع يمسك بتلابيب إنطلاق الدولتين.. واقع لا يمكن نفيه وتكذيبه وبرغم أن الدولتين تملكان إمكانيات تمكنهما الخروج من الأزمة.. إذا تضافرت الجهود بينهما.. وتم إستغلال مواردهما لخرجتا من نفق الأزمة الاقتصادية.. هناك مشتركات بين السودان ومصر تتطلب التعاون بينهما لخير الشعبين على القمة.. وذلك عبر الإستثمار الزراعي والصناعي.. فمصر تملك مقومات الإستثمار والأيدي العاملة.. والسودان يملك الأرض والماء.. مصر بحاجة للغذاء محتاجة للقمح -على سبيل المثال- فليس هناك ما يمنع التنسيق والتعاون لاستغلال هذه المعطيات.. وهناك التنسيق والتعاون والإنفاق اللا محدود في قضية مياه النيل.. فهناك اعمال تتم في دهاليز مظلمة توجب التعاون بين الدولتين لأجل الشعبين الشقيقين.. شعبي وادي النيل اللذان تجمعهما الجغرافيا والتاريخ والدم والعقيدة الإسلامية.. واللسان العربي والثقافة.. وأعتقد أن مصر بعد الثورة وبعد وصول الدكتور المرسي لكرسي الرئاسة.. فتحول ملف السودان الذي ظل في يد المخابرات المصرية.. كأنما السودان دولة عدو إلى وزارة الخارجية يعتبر تصحيحاً لمسارات العلاقة بين الدولتين.. لكن تبقى هناك عقبات وأعاقييل تعترض مسار علاقات البلدين.. هناك حلايب القضية المعلقة بحاجة إلى تفاهمات وإلى حل.. وهناك قضية (المعدنين) وحجز سبعمائة شاحنة ومصادرتها من جانب السلطات المصرية قضية بلا شك ستعكر صفو العلاقات.. لكن أنا على يقين أن الدكتور مرسي سيطلق سراح الشاحنات.. ولا نقول مثل ما حل الرئيس البشير قضية الصحفية (شيماء) رغم أن شيماء قد تجاوزت القوانين وارتكبت (جنحة).. وعلى الطاولة الحريات الأربع الاتفاقية التي تتنزل على أرض الواقع.. فمصر لظروف خاصة بها لم تخطو خطوات كبيرة نحو اتفاقية الحريات.. لكن الأوضاع الآن توجب دفع الحريات الأربع لأنها حريات لصالح الشعبين قبل الحكومتين.. لأنها رغبة الشعبين الذين فصلت بينهما الحدود السياسية.. الحدود التي عجزت عن قطع التواصل بين شعبين.. فما يميز الحريات الأربع مقارنة بين الحريات مع الجنوب.. أن الحريات مع مصر نابعة من رغبة الشعبين.. فهما أقرب لبعض من أي شعب آخر.. فعلى عاتق الرئيسين دفع ملف الإستثمار بين البلدين ودفع ملف الحريات الأربع.. فهما القاطرة التي تصل بين شعبي وادي النيل.. فالمطلوبات من الرئيسين.. كما قلت دفع ملف الإستثمار وفتح المعابر.. والوصول إلى حل أزمة مثلث حلايب.. إضافة إلى إطلاق سراح شاحنات المعدنين ورحل.. والمطلوب إغلاق مكاتب الحركات المتمردة.. فلا أحسب أن السودان سيقبل معارضين مصريين يحملون السلاح ضد مصر مهما تكون الأسباب والمبررات.. فوجود مكاتب للحركات الدارفورية المعارضة التي تستعمل السلاح.. بدلاً عن الحوار يأزم الأمن والإستقرار في السودان.. فاستقرار السودان هو استقرار لمصر والعكس.. لذلك فان قفل الأبواب أمام حملة السلاح يؤدي لدفعهم للجلوس في طاولة المفاوضات.. فالسودان لم يقفل أبواب الحوار مع الحركات المتمردة.. بل لا زالت الأبواب مفتوحة إلا لمن أبى لذا يصبح قفل الأبواب أمام المتمردين واجباً لأجل استقرار مصر والسودان.. لا أعتقد أن تأخر زيارة الرئيس مرسي للسودان تعني تأزم العلاقة بين الدولتين.. فالرئيس مرسي أبواب وطنه الثاني السودان مفتوحة. وكذلك الرئيس البشير لكن هناك ظروف داخلية وخارجية جعلت الرئيس مرسي يتأخر عن زيارة الخرطوم التي لا أشك أن الخرطوم عنده هي تؤام القاهرة.. مرحباً مرسي ومرحباً مصر العروبة..