المحاولة الأولى لإنشاء محطة إرسال تلفزيوني من مدينة أم درمان كانت فاشلة لإستخدام أجهزة قديمة من شركة سيمنز الألمانية وغير صالحة وضعت فوق سطح مبنى إذاعة أم درمان تتأثر بالأصوات الخارجية وتقلبات الطقس والحرارة إضافة إلى المشاكل الفنية. في عهد حكومة الفريق ابراهيم عبود زار اللواء طلعت فريد وزير الثقافة والإعلام ألمانيا لعلاج زوجته، كان مقيماً مع السيد عثمان عبد الله حامد ، أول سفير لأمانيا الإتحادية بعد إنشاء وزارة الخارجية منذ استقلال السودان في يناير 6591م لمدة خمسة أعوام أنجز فيها العديد من مشاريع التنمية الخالدة في السودان بعلاقاته الحميمة مع كبار الحكام والمسؤولين في الدولة بمشاركته لهم في رحلات العيد والمناسبات الإجتماعية والسياسية العامة والخاصة، أقام السفير عثمان عبد الله حامد حفل عشاء على شرف اللواء طلعت فريد، ثم نظم له عدة لقاءات مع أصدقائه الألمان واقترح عليهم إهداء مشروع التلفزيون للسودان بمناسبة زيارة السيد اللواء طلعت فريق، تعبيراً للعلاقة بين البلدين ، وأهمية موقع السودان في قلب القارة الأفريقية، ومن أوائل الدول التي نالت استغلالها بسلام. هكذا عاد اللواء طلعت فريد من ألمانيا مطمئناً على صحة زوجته وبيده المشروع المكتمل لإنشاء التلفزيون السوداني بالبرنامج المفصل من تدريب الكادر السوداني بألمانيا والإمداد بالمعدات والأجهزة التي تم تركيبها بالسودان والتدريب والإشراف المحلي في الموقع، وفي العام 7691م كنت في زيارة لأسرتي في مدينة برلين وتشرفت بالإقامة بمنزل صديقي المهندس حسن أحمد عبد الرحمن المدير الفني لمجموعة الكوادر السودانية التي حضرت للتدريب والتأهيل لمشروع التلفزيون السوداني ، ومن بينهم الأخ العزيز المهندس الرشيد ميرغني محمد الطاهر وتركوا إنطباعاً مشرقاً بالسودان علماً وخلقاً وكرماً ، هم خير سفراء لوجه السودان المشرق، وكان لهم الفضل في الحصول على تلفزيون الجزيرة بود مدني ، نجاح التلفزيون السوداني بإبداع المذيعين صوتاً وصورة والبرامج المفيدة والممتعة والتلفزة الخارجية، كانت أول مباراة تم نقلها بالتلفزيون السوداني مباراة بين الهلال والمريخ العاصمي، كان للإرسال التلفزيوني من استديو الإذاعة إلى أن تم إعداد استديو التلفزيون للأخبار ثم البرامج الأخرى ، كان إرسال التلفزيون يغطي تلفزيون العاصمة وما جاورها في عهد الأخ الدكتور بشير عبادي وزير النقل والإتصالات ، كانت موافقته ومباركته لهيئة المواصلات السلكية واللا سلكية لتوصيل الإرسال التلفزيوني لكل مناطق والمدن السودانية لوجود الأجهزة الحديثة آنذاك، وكفاءة المهندسين السودانيين ، حيث كان المدير علام ومن بعده المهندس حسن احمد حدربي والدكتور مامون زين العابدين وزملاؤه ، كان مشروعهم «سودوسات» استخدموا فيه أربع عشرة محطة أرضية وشبكة الميكرويف. وصل الإرسال التلفزيوني إلى المدن في جنوب السودان وشمالاً حتى حلفا وبورتسودان والدمازين والأبيض وسنار وغيرها من المدن، وللذكرى الخالدة والتوثيق أود أن أذكر بعض الأصدقاء المؤسسين بنجاح التلفزيون السوداني: 1 السيد علي محمد شمو، المدير الأول للتلفزيون السوداني ، وهو غني عن التعريف بإحساسه الإعلامي وثقافته وحكمته بمنطق وخبرة محلية وعالمية وصوته المريح على قلوب المشاهدين والمستمعين نسأل الله له العافية والتوفيق. 2 الصديق والجار الجنب بحي المقرن الأستاذ حمدي بدر الدين. 3 الأستاذ محمد طاهر وفضل الرجوع والإستمرار في الإذاعة. 4 السيد محمد خوجلي صالحين. 5 الأستاذ أحمد قباني. 6 الأستاذ حمدي بولاد ببرنامج تحت الأضواء. 7 الأستاذ سمير أبو سمرة وبرنامجه منوعات. 8 الأستاذ متوكل كمال وبرنامجه أمسيات. 9 الأستاذ عبد المجيد السراج وبرنامجه خ 71. 01 الأستاذ فريد عبد الوهاب وبرنامجه لقطات. 11 الأستاذ حسن عبد الوهاب وبرنامجه فوالق الزمن. 21 الأستاذ محمد سليمان وبرنامجه دنيا دبنقا. 31 الأستاذ الفكي عبد الرحمن وبرنامجه طرائف. 41 الأستاذ الطيب محمد الطيب وبرنامجه صور شعبية. 51 الأستاذ محمد عبد الله الريح «حساس محمد حساس» وبرنامجه عالم الطبيعة. 61 البرنامج الفكاهي من الأخ المبدع الفاضل سعيد. 71 ومن البرامج الهادفة لمناقشة وبحث قضايا الشباب ، برنامج برلمان الشباب الذي يقدمه الأخ اللواء شرطة قرشي فارس زوج المستشارة القانونية للدولة فريدة ابراهيم ويشترك معه الكثير من المفكرين كل في مجال تخصصه ، ومن أشهرهم جمال توفيق بخبرة في الشباب والرياضة، وهو والد الأستاذ محمود جمال الذي عينه السيد الرئيس مدير تلفزيون السودان وهو العقيد الإعلامي بقسم التوجيه المعنوي للقوات المسلحة ، وأجرى الكثير من الضوابط والإصلاح ولكنه فضل العمل بالتدريس وتأهيل شباب المستقبل بالعلم النافع وصدقته الجارية. 81 من ضمن البرامج المستمرة حتى الآن ما يقدمه الأستاذ عمر الجزلي وهو أسماء في حياتنا توثيقاً وتسجيلاً لشخصيات سودانية خالدة بما قدمته للوطن والمواطن السوداني وتركوا بصمات واضحة هم العميد عمر الحاج موسى وزير الإعلام والثقافة والأخ الوزير بونا ملوال واللواء التاج حمد والأخ الأستاذ أحمد الزين صغيرون الذي كان منتدباً من جامعة الخرطوم بوزارة الإعلام والثقافة كمشرف على هيئة التلفزيون ومن أهم إنجازاته بالتعاون مع المهندس حسن أحمد عبد الرحمن احضار عربات التلفزيون المتحركة من ألمانيا لبث التلفزة الخارجية. 91 من البرامج الشيقة آنذاك ما قدمه الأخ الصديق والجار بحي المقرن الأخ حمدي بدر الدين الذي تأهل في جامعة كلفورنيا بالولايات المتحدة في الإعلام عام 0691م - عام 2691م وفي ألمانياالغربية 17 2791م وكان محرراً لهيئة الإعلام والثقافة بمدينة ابو ظبي بدولة الإمارات ومترجم وإداري في النواحي الإعلامية برنامج الأخ حمدي بدر الدين بالتلفزيون السوداني كان عرض الأحد وظهر في ذلك البرنامج الأخ النابغة الفريق أول شرطة ابراهيم احمد عبد الكريم الذي أذهل الحضور والمشاهدين بذكائه الخارق عندما طلب من الحضور في الأستديو اختيار عشرين اسماً وتحديد الرقم من 1 02 كانت له القدرة على ذكر تلك الأسماء من الرقم 02 1 وتمكن من الإجابة على الحضور في الأستديو بذكر الإسم لكل رقم ينطق به أحد الحضور، وعن ظهر قلب ومن ذلك البرنامج اشتهر الفريق شرطة ابراهيم احمد عبد الكريم بموهبة الذكاء والتركيز في الحفظ والحضور التام. البرنامج الثاني للأخ حمدي بدر الدين هو فرسان في الميدان اشترك معه المبدعون الأخ الأستاذ علي المك واللواء حقوقي الحسين الحسن والفريق شرطة ابراهيم أحمد عبد الكريم بموافقة السيد سيد احمد الحسين وزير الداخلية بناءً على طلب الأخوان حمدي بدر الدين والأخ علي المك. البرنامج الثالث للأخ حمدي بدر الدين وهو المطارحة الشعرية بتقديم الأخ الشاعر صلاح أحمد ابراهيم وإشراك الأدباء والشعراء الأخ علي المك والحسين الحسن والفريق شرطة ابراهيم أحمد عبد الكريم والاخ فراج الطيب. البرنامج الرابع الذي يقدمه الفريق أول شرطة ابراهيم احمد عبدالكريم هو نسايم الليل بالاشتراك مع الاخ الاستاذ علي المك والفنان عبدالعزيز محمد دوود وبرعي محمد دفع الله. كان القصد من البرنامج التخليد لشعراء وقصائد الحقيبة المبدعين، أرجو أن أكون قد أوضحت بعض الذكريات لشباب جيلنا العملاق الذي أدخل البهجة والمسرة والمتعة للمواطن هم شخصيات لا تتكرر علماً وفكراً وإنعكاساً لتربية الأسرة السودانية والمدرسة، كأنهم حضروا من كوكب آخر ممتع ومبدع نسأل الله أن يسكنهم داراً خيراً من دارهم وأن يسير الأجيال والشباب على طريقهم المضىء.