٭ الرئيس عمر البشير في خطابه بمدينة الدمازين أكد على ضرورة الحوار الوطني من أجل وطن يسع الجميع والوصول إلى صيغة حول كيف يحكم السودان؟ وأن يكون ذلك من خلال وضع دستور توافقي، أن هذه اللغة وهذا الحديث يشكل نقلة جديدة في قاموس التخاطب لحزب المؤتمر الوطني الذي ظل منذ إستلامه للحكم، وفي صورة مختلفة ظل يتعالى على القوى الحزبية والسياسية الأخرى، ويستخدم مفردات «لحس الكوع» وغيرها، ولكن دعونا نظن خيراً في حديث رئيس الجمهورية رغم تحفظات القوى السياسية المعارضة وعدم ثقتها في كل ما يصدر من حزب المؤتمر الوطني نتيجة لتراكم تجارب سابقة. ٭ الحديث عن الحوار الوطني لا يتم بأوامر أو بدعوة حضور ولكنه عملية سياسية متكاملة لها بداياتها المتمثلة في خلق مناخ ملائم وتهيئة أجواء وإعادة ثقة مفقودة بين أطراف الحوار لسنوات طويلة مما يعني أن على المؤتمر الوطني إتخاذ خطوات فعلية وقبلية في إتجاه بناء الثقة، وهذا أمر ليس بالصعب إن كانت هناك إرادة سياسية فاعلة ونية ورغبة صادقة للسير في طريق يفضي لإستقرار الوطن وبناء مستقبله السياسي والإجتماعي والإقتصادي على أُسس جديدة. ٭ من أولويات مطلوبات بناء الثقة فك القبضة الأمنية على حرية التعبير والحريات بصفة عامة وإعطاء الأحزاب السياسية حقها للتعاطي مع قواعدها في إطار القانون، وإعادة النظر في مسألة إغلاق بعض منظمات المجتمع المدني الوطنية، وأن يكون ذلك من خلال محاكمتها على ضوء قانون هذه المنظمات أو السماح لها بممارسة أعمالها ونشاطها بدلا عن اعمال أية سلطة تعسفية في حقها، لأن الحديث عن صدور كتاب أمريكي عن مساعدات تقدمها المخابرات الأمريكية لبعض المنظمات لا يعني إدانة أحد وإذا إستخدمنا هذه المقاربة فإن هناك عشرات الكتب التي صدرت وتدين قيادات المؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ فهل هذا يعني بالضرورة تجريمهم ؟ ٭ من ضرورات تهيئة المناخ لحوار وطني إعادة النظر في الخطاب السياسي ولغته وألفاظه وأنت تنتقل كل القوى السياسية حكومة ومعارضة لمرحلة «التعفف الخطابي» والبعد عن المهاترات والألفاظ الجارحة التي لا تليق بالقيادات السياسية، وعلينا أن نعلم أن معظم الخلافات مرجعيتها ما أصاب النفوس وتجذر في الدواخل من رشاش هذه المهاترات غير الموضوعية. ٭ من ضرورات تهيئة المناخ لحوار وطني أن يبادر المؤتمر الوطني والحكومة بمد يدها للمعارضة وفتح باب التشاور حول كيفية إدارة هذا الحوار والتوافق على أجندته وآليات تنفيذ توصياته كعربون للمصداقية حتى لا يظن البعض بأنه سيكون مثل الإجتماعات السابقة أو انه لن يخرج عن كونه ديكوراً لتجميل وجه حزب المؤتمر الوطني وإظهاره بالحرص على الوفاق الوطني يجب أن يكون الحوار الوطني حواراً يشهد عليه ويشارك فيه أهل السودان دون اقصاء من أجل وضع حد ونهاية للأزمة المستدامة لحكم السودان.