توقفت بنات كثيرات عن إيداع اسرارهن قلوب أمهاتهن , إما لآن القلوب صارت أضيق فى استيعاب أسرارهن الكثيرة أو للتفاوت فى الثقافة والإمكانات أو لغير ذلك , لكن بنات أخريات مازلن يودعن أسرارهن لدى امهاتهن امتداداً للموقف التقليدى أو لوجود صداقة حقيقية بين الأم وبنتها. تعتبر ميادة , الطالبة بالمرحلة الثانوية أمها هى الصديقة الاولى والاهم فى حياتها , والتى لا تخجل من التحدث معها فى أدق التفاصيل وحت فى الامور التى نادراً ما تُثار بين البنت وامها فتقول : أحب فى أمى جرأتها وصلابتها وقوة حنانها , وتشير الى أن أمها هى التى علمتها أن سلاح الفتاة ليس جمالها وقدرتها على تحريك مشاعر الرجال , بل قوتها تكمن فى عقلها وعملها وثقافتها حيث تضيف: أمى تحب الثقافة كثيراً لدرجة أننى أقرأ لها كل ما يقع فى يدى من كتب, وهذا ما يجعلنى أناقش معها أكثر الموضوعات جدية , وهى مستمعة جيدة لقصائدى وناقدة من الدرجة الاولى ولا أعرف أن أقول لها (أمى) أكثر مما أقول لها أحبك وأحتاجك صديقتى,وهذا ما اتمنى أن أعيشه فى المستقبل مع إبنتى. تخاف علىّ وتؤكد مهاد خالد الطالبة فى مرحلة الاساس , تخاف أمى من الحوادث التى تطفو على السطح هذه الايام لكنها تؤكد لى أننى أملك حرية الخروج من المنزل والعودة دون ضغط منها علىّ. تقول رانية (طالبة علم الاجتماع) أمى موظفة , وقد لا أصل معها الى حد معقول من الصراحة لكننى أعتقد أننى لو بحت لها بكل ما يحصل معى وكل ما أراه فى هذا العالم وبمدى علاقتى بمن حولى أعتقد أننا سنختلف وستضغط على لتغيير علاقتى بالاخرين خصوصاً أنها فى يوم من الايام أثرت فى علاقتى ببعض الاشخاص فتركتهم وأصبت بالاحباط ورميت سبب فشلى عليها, وأنا فى غنى عن رأيها حتى لو كانت امى لأن ماأراه وأشعر به لن يعرف به انسان غيرى وان بقيت على هذه الحالة مع أمى فهذا أفضل لى ولها , وعندما اصبح أماً لن أتدخل فى شؤون إبنتى ابداً. تبدو رشا مرتبكة :أبحث عن سبب يمنعنى من البوح لأمى فلا أجد , أجلس أمامها طويلاً لأتحدث اليها عن كل ما فى قلبى وهى أفضل ناصح لى اذا نصحت , لكن يبقى لدى شعور فى داخلى يمنعنى من ان أبوح لها بأى شئ والسبب هو شعورى بأن جيلى يختلف عن جيل امى تماماً وحتى عن جيل أختى التى تكبرن بثمانى أعوام , ومالى إلا أن اذهب الى صديقتى ابوح لها بما فى قلبى , وتعترف رشا أن أمها تحاول بكل الطرق وبشكل مباشر وغير مباشر لمساعدتها وتحاول فهمها وارشادها. يعتبر الدكتور مصطفى محمد الحسن اخصائى التربية وعلم النفس أن ترتيب الولد بين الاولاد سبب اساسى فى العلاقة وقد يقود الى نجاح فى الحياة العملية والاجتماعية والدراسية والاهم هو المستوى الثقافى للأم ويعود كذلك لعلاقة الأم بالاب وهو من أهم الأسباب التى تنعكس سلباً وايجاباً على الاولاد وخاصة الفتاة. ويقول الدكتور مصطفى أن السبب الرئيسى لتباين العلاقة هو غياب الوعى عند الأم (المربى حتى بربى صحيحاً يجب أن يربى نفسه اولاً) والأم تفتقر فى مجتمعنا للمعايير التربوية الصحيحة , والأم ليست من تنجب الطفل وأنما من تصون الطفل وتعلمه أن يصون نفسه حتى يصبح كبيراً , وأن التربية الاولى موكولة للنساء ولو أنها موكولة بالرجال لأعطاهم الله لبناً يرضعون به الاطفال. -- اسئلة تغض مضجع الأمومة الطفل المتوحش من هو؟ هل المتوحش طفل أم مراهق يعاني ألماً عميقاً في داخله ..؟ يسخر رامي طوال الوقت من نديم، أحيانًا يعلّق على مشيته ويناديه بالأبله، وأحيانًا أخرى يتفق وصديقيه (الحميمين) على إذلاله في الملعب، ونديم لا حول ولا قوّة له يحاول تجنّبه لأنه يخاف من تعليقاته .. رامي طفل متوحش، ونديم ضحيّته! لماذا يتوحش رامي، وهل هو فعلاً طفل شرير؟ ولماذا لا يحاول نديم الدفاع عن نفسه، هل هو ضعيف الشخصيّة؟ من هو المتوحش؟ ومن هو ضحيّة التوحش؟ التقينا الاختصاصية في علم نفس الطفل والمراهق تيسير حسين التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها من هو الطفل أو المراهق المتوجش؟ الطفل أو المراهق المتوحش شخص يشعر بالألم في داخله، ولا يشعر بالراحة في أعماق نفسه، رغم أنه يُظهر عكس ذلك .. فهو لديه شعور بالنقص العاطفي، كأن يشعر بألا مكانة له في العائلة. قد يكون له شقيق أكبر منه يأخذ كل انتباه الأهل واهتمامهم، وبالتالي لا يأخذ الوالدان وجوده في الإعتبار.. إذًا هو يبحث عن مكانته. أو أن والديه مشغولان ولا يخصصان الوقت للجلوس معه والاستماع إليه والتحاور معه.. و قد يكون هذا المتوحش مفرط الدلال، يعيش في محيط اجتماعي لا يوجد من يقول له فيه «لا»، وقد يكون سبب ذلك أيضا إنشغال الأهل وبالتالي فهم يوفرون له كل الأمور المادية فيما يغيب الاهتمام العاطفي المعنوي .. فينتج عن هذا الدلال المفرط أن الطفل أو المراهق المتوحش يعتبر الآخرين أشياء يمكنه التحكم فيها والسيطرة عليها، ويستخدمها أداة له .. فضلاً عن ذلك هناك أجواء عائلية تعزز شخصية المتوحش، مثلاً كأن يكون الأب ممن يحلّون مشكلاتهم عن طريق العنف أو الترهيب، مثلا يقول له: (إذا أزعجك أحد فإنني سوف أرسل مجموعة من الشبان ينغّصون عليه حياته) إذًا صورة العنف موجودة في العائلة، ويفتخر أفرادها بها بل هي ميزة، وليس لديهم مشكلة في هذا التميز. إذا هذا الطفل ينشأ في محيط يختلف في قيمه الإجتماعية عما هو متعارف عليه ومقبول به في المجتمع. ولكن يبقى السبب النفسي هو الأرجح.. هل من الممكن أن هذا الطفل أو المراهق المتوحش خارج المنزل أن يكون مُعنّفًا في محيطه العائلي؟ هذا أحد الاحتمالات، ففي بعض الأحيان يكون في البيت شخص يسيطر عليه يمكن أن يكون الأخ أو الأخت أو أحد والديه وربما الخادمة .. أي يوجد في العائلة من يعامل الطفل في شكل عنيف، مما يضطر هذا الطفل أن ينفّس عن الكبت أو الغضب الموجود في داخله، وبالتالي يتوحش في المحيط الإجتماعي خارج إطار العائلة، في المدرسة أو في النادي الرياضي... وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن يأخذ التنمّر صورة العنف الجسدي بل يمكن أن يكون أيضًا معنويًا .. هل التوحش والشر موجود عند الفتيات والصبيان بالنسبة نفسها؟ نعم ولكن بطرق مختلفة، فقليلاً ما نسمع أهلا يشتكون أن ابنتهم ضربت بنتًا أخرى، وإنما يشتكون من محاولتها تحريض رفيقاتها على فتاة بعينها، فيتفقن على انتقادها والاستهزاء بها طوال الوقت من هم أتباع المتوحش؟ عمومًا المتوحش يكون له صديقان أو ثلاثة على أبعد تقدير، ويكون هو القائد وهم الأتباع. هؤلاء الأتباع يلحقون المتوحش لأنهم يتأثرون به ويعتبرون أن قيم القائد المتوحش مهمة جدًا، فيتبعونه ليستمدوا منه قوتهم، لأنه يجرؤ على فعل ما لا يستطيعون فعله .. وعمومًا الأتباع هم أطفال لا يوجد تواصل دائم بينهم وبين أهلهم، فالحوار شبه غائب، ولا يعرفون الفرق بين الخطأ والصواب لذا يسهل انجرارهم .. مثلاً طفل يعرف أن يقول «لا» إذا طلب منه أصدقاؤه القيام بتصرّف ما يرفض لأنه يعرف أن ما يطلب منه خطر. فيما طفل آخر لا تكون لديه مشكلة في أن ينفذ مقلبًا في الأستاذ مثلاً هذا النوع من التلامذة لا يكون لديهم ثقة كاملة بالقيم التي تعلموها من الاهل.. من هو الضحية؟ الضحية هو أيضًا مثل المتوحش شخص معذب في داخله، ويقبل أن يتوحش أحدهم عليه لا شعوريًا. هو طفل يشعر بألم عميق في داخله. هناك من يعنّفه في المنزل أو أنه مهمل لا أحد يهتم لوجوده .. كما من الممكن أن يكون طفلاً عانى أمراضًا كثيرة في طفولته وبالتالي حُرِم الكثير من الأمور بسبب مرضه، لأن أهله يخافون عليه كثيرًا وبالتالي أصبحت ثقته بنفسه وبقوته الجسدية ضعيفة جدًا .