ظهور الفساد مرتبط بما تكسب ايدى الناس اى انه مقرون باعمالهم ( وعمائلهم ) فاذا كان الفساد على مستوى القاعدة امهل الله تلك الامة ماشاء ثم اخذهم بواحدة من عقوباته الشهيرة ومايعلم جنود ربك الا هو اما اذا كان الفساد فى القمة او قل القيادة فهذا يعنى معاناة القاعدة دون القمة وهنا لابد ان يكون فساد القمة قد اكتنز الذهب والفضة قناطير مقنطرة وبنى القصور الفارهة والمزارع التى تجرى من تحتها الانهار وتغرد فيها الطيور ، يروحون فيها عن انفسهم فى غاية الترف فرحا بزينة الحياة الدنيا وهم غافلون ( اى القيادة ) عن النار التي تسعر ويشتد لظاها لتحمى عليها مكنوزات الذهب والفضة لتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم فى يوم لاريب فيه. ان اشتراك الامة كلها قاعدة وقيادة فى المعاناة يعنى انها امة ابتلاها الله لخير يريده بها وسوف يثيبها وفق وعده غير المكذوب ولقد رأينا كيف عانى المسلمون جميعا فى عام الرمادة وكيف كان موقف الخليفة الراشد عمر بن الخطاب حينها وكيف فعل عثمان بن عفان الذى كان نسيجا اقتصاديا واجتماعيا فريدا بنى ثروته من رزق الله الحلال (وجهده وعرق جبينه ) ولم يشهد عليه احد انه اكل يوما اموال الناس بالباطل ورغم ذلك حينما اشتد الامر بالناس تبرع لوجه الله ونال بذلك تجارة لن تبور . اننا لنستحى للذين يحتكرون السلع ويضاربون بها وينالون امتيازات لايستحقونها ويتحايلون على اعفاءات ليست من حقهم باى حال من الاحوال ولكنهم يأكلون اموال الناس بالباطل ويدلون بها الى الحكام وهؤلاء بدورهم يقربونهم زلفى ويقتطعون لهم من لحم الشعب الحى ليغتنوا على حسابه فيزداد الفقراء فقراء والاغنياء ثراءا بل اصبح المال دولة بين الاغنياء اما الفقراء فالدولة تمن عليهم صباح مساء بما تتظاهر به بعض المنظمات والدواوين من عطف واغداق على الفقراء من عمل ضئيل جدا يضخمه الاعلان مدفوع القيمة بل نكاد نجزم بان ماينفق فى البلاد على الاعلان عن فعل الخير اكثر مما ينفق على فعل الخير ذاته. ناهيك عن الذين يسرقون جهارا نهارا مستغلين سلطاتهم فيختلسون ويجنبون الاموال الطائلة ويستولون عليها تدريجيا ويبقى تجنيبها فى حد ذاته ضرر بليغ بمعايش الناس وقوة الاقتصاد ويعتبر تكنيزا ليس له ما يبرره خاصة انه يسهم فى معاناة الناس لينهاروا من خط الفقر الى هاوية المسكنة التى اصبحت تاوى نفر جليل ليس بالقليل من اهل الاسلام الذين نثق ان الله سيعوضهم صبرهم جزاء حسنا فى الاخرة ان لم يعجله لهم فى الدنيا اما المفسدون فلا يغرنا تقلبهم فى البلاد فوعيد الله عليهم شديد وهم احتكروا ماله وافقروا عياله فسيأخذهم اخذ عزيز مقتدر وسيصليهم سقر وعد غير مكذوب.