اليوم أتكئ على القلم الحزين لأكتب كلمات رثاء في حق فارس من فرسان الجعليين مدينة المتمة هذه المدينة التي ما فتئت تودع بعد كل فترة رمزا من رموزها الوطنية وعلما من أعلام المروءة والشهامة والجود والكرم فقبل أيام خلت ومضت فجعت المدينة بوفاة الفارس عف اللسان والضمير المرحوم بشير أحمد محمد تكين- طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه- إثر علة طارئة في يوم الجمعة الحزين وبعد صلاة الجمعة رحل عملاق الجعليين الذي زين المتمة وبيوت المتمة بزياراته المتواصلة إلى الأهل والعشيرة وهو يحتمي بصلة الرحم متمسكا بها كثوب يرتديه يوميا ليلتقي بكل من تربطه به صلة رحم ومن لا تربطه، يلتقي بالجميع، فما من فرح أو مأتم أقيم في مدينة المتمة إلا وكان في مقدمة الحضور رغم معاناته الأخيرة بسبب المرض، ظل يواصل مشاوير صلة الرحم وغيرها من المشاوير الأخرى كان صاحب مروءة وشهامة لا توصف بالقلم وخادما للجميع دون أي استثناء لأحد فالجموع الهادرة التي خرجت لوداعه الأخير في موكب مهيب وحزين إلى مقابر المتمة هذه الجموع التي أجهشت بالبكاء وهي تودعه بغصة في الحلق وجمر لا يخبو لظاه في القلب هذه الجموع التي جاءت من كل صوب وحدب لدى سماعها بوفاة قطب الجعليين بشير تكين جاءت تبكيه رجالا ونساء وكيف لا تبكيه فقد كان ريحانة آل تكين وعطر أنفاس «بنت الجعلي»- عليها رحمة الله- والدته، أجهش الكثير من الناس بالبكاء يبكون فيه الأصالة وعميم الشرف والوفاء والكرم والمودة والعفو. فيا ابن الأكرمين بأي قلم أرثيك وبأي فم ألقاك يا سيد الرجال عائد بكرمك وعميم شرفك والوفاء كرم والمودة رحم وما على العفو لذم......... وأنت بالعفو جدير وبالمحاسن خليق فقبل وفاته بساعتين فقط دخلت عليه وقلت له بالحرف الواحد سوف نذهب بك إلى شندي لمقابلة الدكتور فقال لي لا أريد أن أذهب فعندما أصرت الأسرة على ذهابه قال لنا ودوني للدكتور المغرب ولكن رغم ذلك حملناه إلى مستشفى شندي وقبل إجراء الفحوصات له أسلم الروح إلى بارئها فقد مضى بشير الجود والإحسان مضى إلى ربه طاهر الأثواب بإذن الله تعالى فقد رحل رجل المروءة والشهامة أبو علي وعبد الماجد مضى الفارس ونحن أحوج ما نكون إليه غاب كبير العائلة الذي يلجأ إليه الأهل لأخذ المشورة والرأي منه وبرحيله المفاجئ فقدت المتمة ابنا بارا من أبنائها البررة فهو الذي قال اذهبوا بي إلى الدكتور وعند المغرب فإذا به يرحل عند غروب الشمس وهو ممسك بيدي يصافحن قبل وفاته بسويعات وكأنه يودعني الوداع الأخير رحماك بالله فيا بشير المعزة والمروءة والشهامة والكرم تعتز بك الأقلام وهي تبحر في سيرتك العطرة في مجمع من الناس عند حي «السناهير؛ الذي ارتبط به اسمك ورسمك في مجمع من الناس الذين كنت تحيطهم بعطف وحنان والأبوة في مجمع هز البيان لواءه بك فيه واعتزت بك الأقلام وجلعت تسألني الرثاء فهاكه من أدمعي وسرائري وشجوني ولو لا مغالبة الشجون لنظمت فيك يتمية الأزمان فوداعا يا صاحب الكرم المديد والعقل الرشيد والرأي السديد فأنت صاحب السيرة العطرة والمجد الباقي ففي رحاب الله أبا علي بكل كلمات الحب والعرفان والدعاء لك وأنا أبعث إليك وأنت في رحاب الله كلمات رثاء وعزاء يا أبا عبد الماجد علها تكون سلوى لنا جميعا في فقدك ومصابنا الجلل فاللهم أدخله جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. «إنا لله وإنا إليه راجعون»