لتنهار كل المعالم القائمة، ولتبقى الحقيقة وهي حقيقة حنتوب ووادي سيدنا وخورطقت. وقد كانت مدارس ترتفع جهود طلاب الثانوي بها وترتفع الاسماء نحوها ومنها وقد كانت ترفع رأس البلد عالياً، والآن لو استعرضنا الاسماء الخارجة منها داخل السودان وخارجه، لوجدنا الكثير الذي لا يحصى ابداً. منهم البروفيسورات والدكاترة الاطباء والحاملين اصول العلم والتعليم وفي كل مكان. وما كنت اود ان اثير مجرى اختفاء حنتوب ووادي سيدنا وخورطقت، وما كنت اريد ان اربطها بما قيل عن بيارة السوكي التي قام عليها مشروع السوكي الزراعي. فقد قالها وزير الري النشط القوي الرهيب المهندس«مرتضى احمد ابراهيم» اطال الله عمره فقد هوى الهجوم عليه عندما انهارت بيارة السوكي الاولى والثانية، وشكلت الصحف هجومها فلم يقل غير«لتنهار بيارة السوكي الاولى والثانية ولتبقى الحقيقة». بالفعل نجح مشروع السوكي وقام المهندس مرتضى احمد ابراهيم وزير الري كان في عهد المرحوم الرئيس جعفر محمد نميري، ومرتضى بالطبع ينتمي الى اسرة المرحوم احمد ابراهيم بام درمان، وهو شقيق المرحوم الشاعر الدبلوماسي صلاح احمد ابراهيم وشقيق السياسية المعروفة فاطمة احمد ابراهيم، والتي تعيش مع ابنها احمد، ابن زوجها الشهيد الشفيع احمد الشيخ الذي اغتيل في عهد نميري. والحديث عن حنتوب يطول فقد كان المرحوم جعفر نميري يعزها ويحترمها وقد اقام احتفالاً كبيراً بها في عهده لكافة الذين نالوا العلم فيها، في الاربيعنيات والسبعينيات، وكان من ألطف القصص عندما طلب منه المرحوم محمد ابراهيم نُقد خريجها ان يعطيه الامان فظهر. ويقال انه كان يدير مباراة كرة القدم وقد شعر بالخوف واختفى وفجأة وبأية طريق احتار فيه الناس وقد كان سياسياً رهيباً ويعيش كل السنوات تحت الارض.. والحديث عن حنتوب قد يمتد فهي قد اقامها الانجليز بصورة نادرة وكان شعارها هو الهدهد. والعجيب ان المرحوم محمد عوض الكريم القرشي قد الف عنها اغنية تعرف بحنتوب، ويغنيها الفنان الخير عثمان«حنتوب الجميلة الجميلة». والشاعر احبها وهو الذي يعيش في اقصى غرب السودان في الابيض وقد كانت على كل لسان وانها بالفعل حنتوب الجميلة. وهنا نقول ان الواجب علينا ان يبقى الثلاثي حنتوب ووادي سيدنا وخورطقت حتي نعطي الحق، وحتي تبقى الحقيقة ويظل الثلاثي رمزاً للبلد كما هو وما كان يمنع ان نفعل كما يفعل غيرنا، ولماذا لا تصبح حنتوب كما كانت اسرة للطلاب من كل مكان وبدرجات عالية كما كانت؟ حنتوب الثانوية ستعود كما كانت وهذا لا يحتاج الى جهود عالية. ولماذا لا يقف من تخرَّج من حنتوب ووادي سيدنا وخورطقت مع رفع الامر والوقوف عليه حتي ينفذ؟ اقول لكم ان معظم الخريجين من تلك المدارس الراقية الممتعة يرفعون الايادي مع الحق والحقيقة. اذن.. لتبدأ المعارك ونتمنى ان نسمع من المسؤولين عن التربية والتعليم، الامر في غاية البساطة. فمثلاً وانا في امريكا شاهدت العديد من المدارس والجامعات كما هي وبدأت ولا تزال. وأوضح ما لفت نظري ان جامعة في «اتلانتا» حضرت فيها تخريج الطلاب والطالبات وقد ارتفعت اعداد الحاضرين فوق عشرات الآلاف وكتب عليها تأسست عام 1902م. عن حنتوب وفي الجزيرة تحكي قصة ذلك الاب والابن«فيما مضى». ان ابنه كان يدرس بحنتوب ونجح وذهب الى طب جامعة الخرطوم وعندما جاء الناس لتهنئته، لم يقبل ذلك وقال لهم ان ابنه في حنتوب ولن يجد افضل منها وتلك هي حنتوب وكفى. وللنيل باقية شامة والهدهد علامة.