على مدى ثلاثة عقود تقريباً (4191-9391م) اشتعلت في أوروبا حربان عالميتان، كانت أوروبا منقسمة على نفسها بين معسكرين يضم الأول دول مثل إيطاليا، ألمانيا، النمسا، ويضم الآخر دول مثل بريطانيا، فرنسا، وفيما بعد أمريكا الآن وبعد ستة عقود من نهاية الحرب العالمية الثانية فقد تصالحت الدول الأوروبية - فيما بينها - وقام الاتحاد الأوروبي بمؤسساته التشريعية والتنفيذية ليخدم مصالح تلك الدول وأهدافها رغم تباينها الجغرافي والسياسي والاقتصادي... الخ ففي شمال أوروبا توجد أعلى مستويات الرفاهية في العالم، أما في الجنوب فيسود (الفقر النسبي) بين دول القارة، وفي شرق القارة كانت دولها تدور في فلك الاتحاد السوفيتي، وقد تحررت تلك الدول من هيمنة الماركسية اللينينية من تسعينيات القرن الماضي وفي غرب القارة يسود النظام الرأسمالي حيث قيم الديمقراطية الليبرالية تتباين في أوروبا وبين شعوبها وأصولها القومية كما تختلف في لغاتها وفي الأيدولوجية المذهبية وفي مستويات المعيشة لكن كل تلك الاختلافات لم تمنع هذه الدول من الاتجاه البرجماتي فانتصرت لمصالحها وقام فيما بين تلك الدول (الاتحاد الأوروبي) رغم الحروب الدامية التي قامت بين دول القارة وملايين القتلى تتطلع دول أوربا إلى بناء مستقبلها وقيام قارة موحدة تبحث لها عن دور في وجه النفوذ الأمريكي لتحقيق مصالحها. وقد مضت تلك الدول في سياساتها فكانت العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) وكانت السياسة الخارجية الموحدة تجاه مشاكل دول العالم، تتبع دول أوروبا سياسة (النفس الطويل) لتحقيق مصالحها ينتقل مواطنو القارة في دول الاتحاد الأوروبي دون قيود تحول دون تحركهم كما يمكنهم العمل في دول الاتحاد. هل يمكننا في العالم العربي اتخاذ مثل هذه الخطوات لتحقيق ما حققه الاتحاد الأوروبي؟ لننظر إلى أكثر الدول والشعوب العربية تقارباً لننظر إلى دول الخليج العربي والدور الذي يقوم به مجلس التعاون الخليجي لقد ظل المجلس يجتمع سنوياً لأكثر من ثلاثة عقود وهو لا يحقق شيئاً يذكر، وحتى لا تتفجر الخلافات بين حكومات هذه الدول الشقيقة فإنه يتم تأجيل اتخاذ قرارات في النقاط المثيرة للجدل في أجندة اجتماعاتهم عاماً بعد عام وهكذا تظل مشاكل دول مجلس التعاون الخليجي دون إيجاد حلول لها بسبب عدم مناقشتها. ما زالت دول التعاون الخليجي مختلفة فيما بينهما في إصدار عملة خليجية موحدة. ما زالت تلك الدول تعتمد على ماما أمريكا وترتمي في أحضانها للدفاع عنها ولا تفعل أمريكا ذلك لوجه الله فلا بد من دفع الثمن من اعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، لماذا لا تقوم تلك الدول - والسلاح مكدس في مخازنها - بتدريب أبنائها وبناتها للدفاع عن أنفسهم كما تفعل إسرائيل مثلاً. ما زالت تلك الدول مترددة في إقرار مناهج تعليم موحدة لطلابها. تتشابه دول الخليج في نظم الحكم فكل تلك الدول الخليجية الصغيرة تحكمها أسر معروفة يتوارثون الحكم أباً عن جد. يتشابه مواطنو الخليج العربي في أصولهم العربية وفي عاداتهم وتقاليدهم ودينهم ولغتهم العربية وتأريخهم المشترك ومصالحهم ورغم ذلك فإنهم مختلفون حكومات وشعوباً ولا يتفقون ولا يتوحدون. تظل اجتماعات أمرائهم (بروتكولية) تتم فيها مناقشة قضايا لا يتم تنفيذها إنهم يجتمعون لتأجيل مناقشة قضاياهم المشتركة كل عام. إنهم يجتمعون لتبادل التحايا والابتسامات ثم (يتسولفون) بعد ذلك. لماذا لا تتوحد دول الخليج - ليس في دولة واحدة- ولكن في سياساتها النقدية والاقتصادية وفي إقامة سوق خليجية مشتركة وعملة واحدة ومناهج تعليم موحدة، إذا نجحت دول الخليج في اتخاذ خطوات هكذه فيما بينما فسيكون ذلك مشجعاً لدول الشام دول الاتحاد المغاربي ومصر والسودان،،، الخ لاتخاذ خطوات متشابهة لمثل ما قامت به دول الخليج. أما عن الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج فدعنا ننتظر مئات السنين القادمة، فربما يتحقق شيئاً منها.