نهتم في صحيفة "الوطن" بشأن القبائل من أجل نشر المعرفة وتمشيا لقول القلقشندي "لا خفاء أن المعرفة بعلم الأنساب من الأمور المطلوبة والمعارف المندوبة ومنها التعارف بين الناس حتى لا يعزى أحد إلى غير آبائه ولا ينتسب إلى سوى أجداده) وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) ونحن إذ نتحدث عن قبيلة بني هلبة في ولاية جنوب دارفور وحاضرتهم مدينة عد الفرسان حيث الأساس ونظام الإدارة والنظارة بقيادة الناظر التوم الهادي عيسى دبكة بالإضافة لذلك يوجد جزء كبير منها في ولاية غرب دارفور يتسلسل نظامهم الإداري إلى مستوى العمد والمشايخ والعقداء ولديهم مجلس شورى ومنذ زمن بعيد هاجر جزءا من القبيلة مع الثورة المهدية وبعد ذلك استقر بهم المقام في أجزاء عدة من السودان في الخرطومكوستي والنيل الأزرق في منطقة الليونة وأبو حجار وما يميز القبيلة يوجد لديهم أكبر عدد من الخيول في دارفور ولهم ثروات كبيرة من الماشية ولهم تراث عريق شأنهم شأن القبائل الأخرى فلهم عدة أنماط من الشعر والغناء لديهم مثلا (رقصة السنجك وأم دقينة والكاتم والعريج وهذه تؤدي في زمن الأعراس والأفراح من زواج وختان) وأيضا عندهم الكميلة وهي نوع من الشعر الخاص لا يقال إلا عند ظهور الخيل بعد الرجوع من الفزع وعندهم أيضا الحكامات ولهن دور كبير في المجتمع وأشعارهن تقال في الشجاعة والفرسان والكرم بلحن جميل( ومن أشهر الحكامات الحكامة الباتيل. أصول بني هلبة بني هلبة قبيلة عربية جدهم جمعان العويصي تنتشر في منطقة جنوب دارفور بغرب السودان، وهي واحدة من المجموعات الرئيسة للبقارة في دارفور، جنبا إلى جنب مع الرزيقات، الهبانية والتعايشة والسلامات يشير الأستاذ أحمد أبو سعدة في كتابه (دارفور العاصفة السودان) إلى أن بني هلبة لهم فروع مؤثرة في تشاد وكذلك بقايا في تونس وأقسامهم كثيرة وتقع ديار بني هلبة شرقي قارسيلا وشمال دار التعايشة وجنوب غرب جبل مرة، وبالتالي فإن ديارهم تتوسط عدة قبائل في الجنوب الغربي من دارفور ويلتقون في فترات رعيهم الطبيعية بالتعايشة والسلامات في منطقة رهيد البردي والفلاتة في تلس والهبانية في برام والرزيقات في الضعين من جهة الجنوب، كما يختلطون في كثير من القرى بقبائل أخرى في منطقة الشطايا وكأس وزالنجي وفي سوق أم لباسة الذي يعدّ من أكبر أسواق الماشية في دارفور ثم يمرون في ظعنهم بقرى مادي ومينجو وفلندقي والصراخ وضفاف وادي بلبل بداية من المعبر الأول أبو جازو والمعبر الثاني في بلبل دلال عنقرة ثم بلبل تمبسكو وفي هذه المناطق يختلط البني هلبة بقبائل الفور والداجو والقمر وسنار والبرنو وقد تزاوجوا وتصاهروا مع كثير من تلك القبائل، كما أن وجود بني هلبة في شمال شرق نيالا جعلهم يختلطون بالبرتي والبرقد والميما والزغاوة والزيادية والتنجر والميدوب، وتعدّ مدينة عد الفرسان عد (الغنم سابقاً) حاضرة لبني هلبة، كما أورد الأستاذ سبيل آدم يعقوب في كتابه قبائل دارفور أن قبيلة بني هلبة تقع في دائرة أبديما في التنظيم الأول لإدارة القبائل إلا أنه بعد تولي السلطان محمد الفضل بن عبد الرحمن الرشيد مقاليد الحكم في سلطنة دارفور غير النظام الإداري ودمج إدارتي (أومو وديما) في إدارة واحدة وضم كل قبائل جنوب دار فور إلى مقدومية دار الصعيد، وبذلك انفصلت القبائل الثلاث وسمي رأس الإدارة مقدوم من قدم ويقول العميد م. أحمد عبد القادر أرباب مؤلف كتاب تأريخ دارفور على مر العصور: (عرفت قبيلة بني هلبة منذ القدم بالكرم والجود والشجاعة والإقدام على المكاره، وأضاف أن لقبيلة بني هلبة زعامات تأريخية متوارثة ففي أيام السلطان إبراهيم قرض (1873م إلى 1874م) كان زعيم بني هلبة هو الوالي بكر ثم خلفه شقيقه البشاري بكر وعندما غزت الحكومة التركية المصرية دارفور في أكتوبر 1874م اختير فيما بعد سلاطين باشا مديرا لمنطقة دارة التي تقع جنوب مدينة الفاشر وشرق نيالا وكانت تقطن فيها عدة قبائل منهم البرقد والتنجور والمسيرية وبني هلبة وقبائل أخرى. أقسام بني هلبة: بني هلبة ينقسمون إلى قسمين كبيرين هما جابر وهو الأكبر وجبارة الشقيق الأصغر، وهنالك رواية تؤكد وجود أخ ثالث لهم اسمه جبر الله، وقد كانت بني هلبة كياناً إدارياً واحداً وبمرور الزمن توسعت القبيلة وبضمها لأقليات كثيرة انصهرت واندمجت فيها فصارت بطوناً فيها. أقسام بني هلبة: أ/ أبناء جابر (6) وهم زنتوت وحزور وعلوان وحبيب ورجب وموسى، وفروع هذا القسم هي (الهضاليل والميساوية والعلاونة والزناتيت والحزازرة) وأبناء جبارة أيضا (6) وهم جمعان وعلي وغياث وغانم ووادي وعشر وبطونهم (العشارية وأولاد غياث وأولاد غانم وبني لبيد)، ويقسم مكمايكل أولاد جمعان إلى دار نمر وأولاد وادي وأولاد حبيب وأولاد صفرة وأولاد موسى والعشارية والعمرية، كما يقسم أولاد علي إلى أولاد ضفرة ومنهم أولاد نعمة وأولاد منونة وأولاد أحمد وأولاد بلالة وأولاد الشيخ وأولاد دار كبيدي وسهارنة وأولاد منيف وأولاد عبدو، وأبناء جبر الله(2) وهما لبيد ومنظور، انتشر بني هلبة وخاصة بعد الثورة المهدية في كثير من بقاع السودان فهم موجودون اليوم بالمجلد داخل المسيرية الحمر ويحملون نفس الاسم بني هلبة وهم في أم روابة وشركيلا وكوستي والجزيرة أبا وأبو حجار والليونة جنوبسنجة، عقد بني هلبة صلحاً شاملاً للقبيلة في مؤتمر حضره كل زعماء البطون في شهر يونيو 1990م، من أهم قرارته الاتفاق أن يكون الحكم بين جابر وجبارة شورى فإذا صار ناظر العموم من جبارة يكون وكيله من جابر وتكون المساواة في الحقوق والواجبات كاملة ثم كوّنوا مجلساً شورياً أصبح هو السلطة العليا للقبيلة يحفظ سمعتها بين القبائل ويراعي فيها العادات والتقاليد والسوالف والأعراف. ويذكر الأستاذ أحمد عبد الله آدم في كتابه قبائل السودان أنموذج التمازج والتعايش أن بني هلبة (يكونون مع التعايشة والهبانية وسليم مجموعة أولاد حيماد وهم من أهم المجموعات الجهينية ولهم بطون وفروع مؤثرة بتشاد وبقايا بتونس ويتفق مع بقية المؤرخين في ديار بني هلبة أما المؤرخ هارولد مكمايكل في كتابه تأريخ العرب في السودان بما فيهم الشعوب التي سبقتهم وسكان دارفور الكتاب الأول أن بني هلبة (كانت حتى سنوات قليلة مضت قوية ذات ثراء لها ديارها الخاصة بمركز عد الغنم (عد الفرسان حاليا) جنوب جبل مرة ثم هناك أفرع صغيرة وهم العلاونة وبعض أولاد جابر يعيشون شرق جبل مرة وجنوب جبل حريز كما توجد قبيلة مستقلة منهم في وداي ويصنفهم الرحالة والمؤرخ بارث إحدى قبائل وداي الرئيسة بين بدو وجمالة وكذلك ذكرهم التونسي في دارفور نظارة قبيلة بني هلبة الناظر عبد الرحمن أبو حبو والناظر عمر البشاري والناظر رضوان والناظر قيجا رضوان الناظر خليل آدم والناظر دبكة محمد والناظر عيسى دبكة والناظر الهادي عيسى والناظر التوم الهادي وهناك نظارات كانت في تشاد والناظر الدويد والناظر مسار بكر. بني هلبة والمهدية : انتشر بني هلبة وخاصة بعد الثورة المهدية في كثير من بقاع السودان فهم موجودون اليوم في المجلد داخل المسيرية الحمر ويحملون نفس الاسم بني هلبة وهم بدنة كبيرة وهم في أم روابة وشركيلا وكوستي والجزيرة أبا وأبو حجار والليونة جنوبسنجة يقول المعمرون من بني هلبة أن المهدية كمّلت بني هلية ، ففي جلسة مسائية طويلة مع معمري بني هلبة وبعض مثقفيهم بنيالا ، ذكروا أن المهدية قضت على كثير من رجال بني هلبة لأنهم استجابوا لها دعوة جهادية ضد الكفار ولإقامة شرع الله وطرد الأتراك . إن هجرة بني هلية إلى المهدية وبهذه المسافات الطويلة وتلك الظروف التي عاشوها كانت هجرة صعبة قطعوا خلالها مئات الأميال سيراً على الأقدام في سرور وشوق للقاء مهدي الله وكانت أصوات التكبير والتهليل تعطيك مشاهد يعجز الوصاف والكتاب عن نقلها حية كما لو كان القارئ شاهد عيان لتلك الملاحم التأريخية ، وقد وصلوا إلى الأبيض بعد تحريرها ثم اتجهوا إلى أم درمان وأمضوا وقتاً بجبال كاجا بشمال كردفان لما أصابهم إعياء ونصب لقاء تلك الرحلة الطويلة الشاقة فقد نفقت العديد من الزوامل من خيول وثيران ولكنهم وصلوا أم درمان وأصدر الخليفة أوامره لقبائل الكبابيش ومن معهم أن ينقذوا حملة بني هلبة الجهادية فوصلوا أم درمان يوم الجمعة واستقبلهم الخليفة عبد الله استقبالاً حشد له كل أمراء المهدية ونظار القبائل الموجودين في أمدرمان، وقد شارك بني هلبة ببسالة في جميع معارك المهدية وفقدوا أعداد كبيرة من رجالهم ففي معركة كرري وحدها استشهد 18 أميراً خلف راية بني هلبة حيث أصروا على أن لا تسقط رايتهم فكلما سقط أمير حملها أمير آخر حتى استشهدوا جميعاً.