سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هدَّد الرئيس بمحاربتها بعد خروج الترابي وقوش وغازي.. مراكز القوى داخل الوطني.. ما الذي تبقى منها؟!
مكي المغربي: رسالة الرئيس تهديد لمجموعات بعينها
إسحاق فضل الله : الرئيس يقصد هؤلاء..
لم يكن مفاجئاً الحديث الذي أدلى به الرئيس البشير أمس الأول في قاعة أرض المعارض ببري في ختام فعاليات المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني ,حين صرَّح وهو ممتشقاً(عصاه) وسط الآلاف من عضوية حزبه عشية تجديد الثقة فيه وانتخابه رئيساً للحزب ومرشحاً لرئاسة الجمهورية بأنه يعاهد العضوية في الحزب بأن يفعل كل مؤسسات الحزب ويعمل على ديمومة النشاط الفكري والاجتماعي للحزب، وكانت النقطة التي توقفت عندها اذان الميديا وقيادات الحزب عندما قال لن نسمح لمراكز القوى في الحزب أن تعمل، وانما المؤسسات فقط صاحبة القرار,مراكز القوى كمصطلح سياسي يعني بها النفوذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتكتل مجموعات بعينها داخل اي حزب او مؤسسة سياسية تجمع بينها مصالح سياسية كانت او اقتصادية، وتتخذ المؤسسة مطية لتمرير أجندتها عملياً وفي الواقع الحزبي بالمؤتمر الوطني مراكز القوى لم يعد لها وجود حقيقي بعد التغييرات الأخيرة التي اجراها الحزب استناداً على ما يعرف بوثيقة الإصلاح والتغيير ,اضافة الى أن الرئيس البشير يمتلك سلطة واسعة داخل الحزب والدولة بموجب صلاحياته كرئيس، ما يجعل هناك صعوبة حقيقية لتمدد مراكز القوى بالقدر الذي يتجاوز صلاحيات الرئيس,إلا بحسابات محددة تقف فيها اللوبيات نفسها أو مراكز القوى عند باب الرئيس، وتقدم فروض الولاء مع المحافظة على مصالحها السياسية والاقتصادية بالتحركات المشوبة بالحذر، خشية الاصطدام بالرئيس. تهديد وتحذير: في مسار آخر لتفكيك رسالة الرئيس يرى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي مكي المغربي في تحليل ل(الوطن) امس أن الرسالة التي اراد الرئيس ارسالها في حديثه عن مراكز القوى هي رسالة تحذيرية تهديدية، وأنا لا أتوقع أن تكون هنالك قرارات بعدها لأن مراكز القوى التي يعنيها في الأساس تم تفكيكها سياسياً وبقيت الامتدادات الاقتصادية النفعية والجهوية والاسرية، وهي مسألة منسجمة مع الواقع ويمكن أن تكون غير خطيرة لأنها لا تخطط لاختطاف القرار السياسي للحزب أو منازعة متخذ القرار السياسي,وسيسمح بتواجدها باعتبار انها تعبر عن طموحات شخصية مشروعة وصلة أرحام وخدمة مناطق جهوية، ولكن الحالة الوحيدة -والحديث لمكي المغربي- اذا غامرت مغامرة سياسية يمكن أن يتم تنفيذ التهديد بتصفية وجودها السياسي والاقتصادي. غضب وانتصار: يعتبر بعض المراقبين أن حديث الرئيس البشير في هذا الإطار ربما جاء من واقع غضبه في أعقاب شعوره بتحركات لمراكز القوى ضده في انتخابات رئاسة الحزب والجمهورية التي انتهت الى صالحه، بيد أن ارهاصات رفضه والرسائل الاعلامية وداخل قاعات الشورى والمجلس القيادي والمؤتمر العام حملت حديثاً عن تحركات البعض لاختيار بديل للبشير في الموقعين ولم تكن التحركات سراً حيث كشف عنها القيادي بالحزب الدكتور نافع علي نافع في حوار مع الزميلة الرأي العام قبل المؤتمر العام، أن هناك مجموعات تتحرك في الحزب لعدم ترشيح البشير ,ما حمل البعض على تفسير اشارة الرئيس لتفكيك مراكز القوى لتحركاتها ضد ترشيحه واعتبار الرسالة تهديد أكثر من أنها قرارات، كما في تحليل المغربي اعلاه. ويكون التساؤل عن كيفية التصفية هل هي الإبعاد عن المؤسسات القيادية العليا بالحزب في المركز، او الولايات أم تتعلق بتحجيم النفوذ السياسي والاقتصادي داخل الحزب. رسالة للولاة: بينما تبرز رؤية مغايرة للكاتب السياسي والمقرب من السلطة ويعبر عنها بدرجة كبيرة الاستاذ إسحاق أحمد فضل الله الذي أشار في حديثه ل(الوطن) بأن هذه الرسالة التي بعث بها الرئيس في تقديري أن المعني بها في المقام الأول هم الولاة الذين أصبح الصراع عندهم غبياً، وواضح لدرجة أن اي واحد منهم بات يستقوى بالقبيلة والجهوية ويتمرد على المركز اذا كان المركز هو الرئيس أو الحزب واعتبر اسحق أن هذه ممارسة خطيرة على وحدة البلاد والاستقرار السياسي ولا يمكن لأي رئيس في الدنيا أن يقبلها ويضيف اسحاق فضل الله قائلاً: يمكنك أن تربط هذا مع حديث الرئيس نفسه في الجلسة الافتتاحية الذي قال فيه ان الحكم اللامركزي شابته مساوئ في التطبيق وكرَّس للقبلية في أبشع صورها ,وبالسؤال حول هل يوجد صراع على مستوى المركز، قال اسحق إن الصراع بالمركز موجود ولكنه على كل حال لا يُشكِّل خطورة على البلد ولا على السلطة مثلما يفعل صراع الولاة والجهوية التي ولدها، مهدداً المركز والسودان كله. تجارب وحالات ابعاد لمراكز قوى شهدت أروقة الحزب الحاكم العديد من الصراعات الخفية منها والتي ظهرت الى السطح وتناولتها وسائل الإعلام ,وأشهرها الخروج المدوي لرجل الامن والمخابرات الأول وقتها الفريق أول أمن مهندس صلاح قوش الذي فوجئت الأوساط السياسية والمراقبين بخروجه عبر قرار جمهوري اخذ طريقه الى الإعلام في وقت متأخر من الليل في يوم 2009/8/16م من موقعه كمدير لجهاز الأمن والمخابرات الوطني وقيل وقتها أنه ثمة صراع يدور بينه ودكتور نافع رجل الحزب ومساعد الرئيس وقتها فيما اعتبر محللون أن السبب صدام بين قوش والرئيس نفسه ومعلومات وصلت الى الرئيس بتدبير قوش لعملية انقلابية تطيح بالنظام بتنسيق مع جهات خارجية، الشيء الذي نفاه قوش في عدد من المناسبات بيد أن التمدد السلطوي الذي سار فيه قوش بمعزل عن الرئيس والمؤسسات الاخرى كان واضحاً ولم يكن نافع بعيداً عن معسكر الرئيس حيث كان ولا يزال يدافع عن الرئيس ويعتبره من المراكز والرمزيات الأعلى للإنقاذ ويجب ألا يتم ابعاده,وجاء قرار جمهوري آخر بإعفاء قوش من منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية للشؤون الأمنية في يوم 2011/4/27 م,ورجت الأسباب ايضاً لتمدد قوش وعمله خارج مسار تفويض المستشارية. ومعروف أن لقوش مقدرات كبيرة ونشاط في التمدد السياسي والاستخباري، اكتسبه من نجاحه البارز في جهاز الامن ولم يكن خروج قوش هو الاخير ولا الأول لمراكز القوى وصراعاتها، فقد سبقه خروج عُراب الانقاذ نفسه الشيخ الترابي في مفاصلة الاسلاميين الشهيرة في العام 1999م ما عُرف وقتها بصراع القصر والمنشية في اشارة رامزة الى الترابي والبشير والذي ارهق الإسلاميين في صراع بينهما دفع ثمنه السودان ونظام الحكم لحالة عدم الاستقرار التي عاشها ولا يزال، فيما تلوح في الأفق اشارات تقارب من جديد رسم ملامحها الحوار الوطني ومشاركة الجناح الآخر المؤتمر الشعبي وتوجها الظهور اللافت للشيخ الترابي في المؤتمر العام الاخير للمؤتمر الوطني ومخاطبته لأعضاء المؤتمر والضيوف ,تلا خروج الترابي خروج الدكتور غازي صلاح الدين في العام الماضي وتأسيسه لحزب حركة الإصلاح الآن وهو كان من الذين يقودون تيار الإصلاح بالحزب ومن الرافضين للتجديد للرئيس ولمنهج الحزب في ادارة البلاد وكانت هذه الأسباب كفيلة بإخراجه من الحزب عبر قرار اللجنة الحزبية التي شكلت خصيصاً لمحاسبة غازي وال(31) من الموقِّعين على المذكرة التي اتهمت الحزب بالتقصير في أحداث سبتمبر قبل الماضي والتظاهرات التي خرجت منددة برفع الدعم وراح ضحيتها مواطنين من مختلف مدن الخرطوم ,وهناك ايضاً مذكرة (الالف اخ) التي لم يتضح لها قائد معين بيد أنها عُدت في اطار الصراع الداخلي,وكان خروج نافع وعلي عثمان واحمد ابراهيم الطاهر وعوض الجاز والحاج آدم وكمال عبد اللطيف واسامة عبد الله الأخير مدوياً ورغم أن القيادات المعنية أكدت على انه تنحى من أجل افساح المجال لقيادات جديدة ودماء شابة في اطار وثيقة الإصلاح التغيير والتطوير التي انتهجها الحزب، إلا آن كثيرون يرون أن خروجهم جاء نتاج صراع خفي في أروقة الحزب الحاكم عملت مراكز صناعة القرار على دمغه بالإصلاح وهو ما نفاه الرئيس وغندور ونافع نفسه، وقالوا إن القيادات التي خرجت انتظمت الصف وتؤدي واجبها في ما يوكل إليها من مهام صغرت أو كبر,على أن الأيام والوقائع السياسية كفيلة بتفكيك الرموز والشفرات والخبايا في ما يدور ودار من صراع او حراك سياسي في دهاليز الحزب الحاكم.