تشكو مدينة هيا بشرق السودان من إطباق العطش وزحف الرمال وحرارة الصيف عليها. ولم يشفع للبلدة التي تعد الثانية بولاية البحر الأحمر من ناحية التعداد السكاني بعد بورتسودان، مرور خط أنابيب النفط بها والذهب المنثور حولها. ويعاني سكان هيا، التي شهدت ميلاد شاعر السودان أبوآمنة حامد، من ضعف الخدمات العامة وفي مقدمتها المياه والصحة، على الرغم من وقوع المحلية في خط الطريق البري بورتسودانالخرطوم وخط السكة الحديد وأنبوب البترول العابر إلى حيث موانئ التصدير. وتكتفي بيوت الطين في المدينة الأشهر في تاريخ السكة الحديد التي أصبحت جزءاً من التاريخ، بمواجهة رياح الصيف بشمم، ورغم مرور صادرات وواردات البلاد عبرها، لكن أطفالها لا يزالون على بيع ما يسد الرمق لعابرين ينظرون من زجاج السيارات. وشكا عبدالرحيم بربر، وهو راعٍ من خارج البلدة، من صعوبة الحصول على الدقيق والرغيف بسبب ضيق ذات اليد، وأكد شح المياه جراء تعطل الآبار وعدم وجود "تناكر" لنقل المياه. تبريرات رسمية وتشير حكومة المحلية إلى تزايد طلب الاستهلاك على المياه بسبب التنقيب الأهلي عن معدن الذهب المتوفر بكثرة لافتة قرب المنطقة ذات الطبيعة القاسية. وأرجع معتمد محلية هيا، إبراهيم طاهر الحسن، للشروق، تزايد الطلب على الماء إلى تضاعف سكان البلدة إلى عشرة أضعاف خلال الفترات الصباحية التي تشهد دخول منقبي الذهب وسط المدينة للتبضع وحمل المياه في "تناكر" بغية العودة بها إلى أودية التنقيب عن المعدن النفيس. وأضاف المعتمد: "مصادر المياه تعمل لكن الضغط عليها مشكلة لأن المدينة تدخلها يومياً ما بين 70 إلى 80 عربة كبيرة محملة بالمنقبين". وأشار مواطن من مدينة هيا إلى عدم وجود ماء "بتاتاً"، موضحاً أن الحديث عن تحسن الأوضاع "كلام غير صحيح"، لأن "خُرج" المياه يباع بمبلغ خمسة جنيهات، في حين أن مواطن المنطقة لا يستطيع دفع المبلغ نظير حصوله على المياه. وأفاد بأن المريض في المستشفى لا يتمكن من الحصول على العلاج إلا إذا كان يمتلك المال.