قدم المعلم السوداني موسى كرم الله محمد، نموذجاً نادراً ببقائه في مدرسة واحدة بمنطقة أبوحمد بولاية نهر النيل لأكثر من 40 سنة منذ العام 1969، وامتد عطاؤه خارج أسوار الدراسة فكان الأب والمربي وهادياً علمياً لأهل المنطقة. الأمر الذي دفع مجموعة من طلابه خلال السنوات المتعاقبة لتكريمه في منزله بأمدرمان بعد أن نال منه المرض وأقعده عن ممارسة المهنة التي قدّم خلالها تجارب ثرة، وهو الرجل الذي عرف بتفانيه وإخلاصه للعمل وكان يقضي أكثر ساعاته بين الفصل والمكتب. ولم يقتصر دوره على التدريس فقط، فامتدت مساهماته خارج أسوار المدرسة ليتحول حكيماً وإدارياً معروفاً في المنطقة يلجأ له الصغير والكبير لحل مشكلات مجتمعية وخاصة تتعلق بظروف الأسرة. أجيال متعاقبة وتخرّج على يد الأستاذ كرم الله، المولود في عام 1949، الكثير من الأجيال الأطباء والمهندسين والمعلمين، فكان طلاب الجامعات عندما يعودون إلى ديارهم في الإجازة يقصدون منزله بغرض السلام والتحيّة ويطلعوه بالخطوات التي تمت أثناء الفترة الدراسية. وقال ممثل التكريم عيسى سليمان، إن تكريم الأستاذ موسى تكريم لكل المعلمين بالسودان، واصفاً إياه بأنه منارة للعلم وأنه قدم كل ما يملك في سبيل تعليم أبناء منطقة أبوحمد في وقت كان فيه التعليم لا يروق للأسر السودانية. وأضاف عوض الله الذي تتلمذ على يده أنه يستحق الثناء والتقدير وهو من الطراز الفريد، وتربوي ناجح، مؤكداً أنه رغم مشغوليات الناس بهموم الحياة لكنهم لم ينسوا فضل المعلم واتفقوا على تكريمه ومساندته بعد أن نال منه المرض. وأكدت زوجته حميدة محمد أنه خلق ليكون معلماً لأن حب المهنة يجري في دمائه والوفاء من خصاله.