تحولت المتاحف السودانية الموجودة في شارع النيل بالعاصمة الخرطوم الى ما يشبه الخارطة الإرشادية لمناطق ترفيهية تحيط بها من كل جانب، وغطى مقتنياتها الغبار نتيجة لغياب الإقبال إلا من فئة قليلة أجبرتها الظروف للذهاب الى هناك. وتحفظ هذه المتاحف في داخلها تاريخاً طويلاً لبلد عاش منذ استقلاله عن المستعمر الإنجليزي عام 1956، تقلبات سياسية ما بين ديمقراطية هشة وسلطة عسكرية، الى جانب مشاكل اقتصادية وتحولات اجتماعية، لكنها تعاني من عزلة جماهيرية وبالتالي قلة في الإقبال، وفي نفس الوقت من جفوة السلطات برغم الدعوات الرسمية والشعبية المتكررة من أجل الاهتمام بقطاع السياحة والذي حقق، على غير العادة، العام الماضي قفزة كبرى بعائد فاق ال 80 ألف دولار لأول مرة. " لا تجد المتاحف اهتماماً إلا من قلة بعضهم جذبه موقعها الجغرافي المميز عند مقرن النيلين، إضافة الى باحثين وتلاميذ مدارس جاءوا بغرض المعرفة " قاعات خاوية وحدائق ممتدة وتتميز أجواء المتاحف بالهدوء وربما يمر يوم كامل ولا يسمع العاملون فيها صوتاً غريباً إلا بعد أن ينتهي الدوام وينتقلون الى ضجيج الشارع والأسواق مخلفين وراءهم قاعات خاوية وأمامها حدائق ممتدة ومكتظة بالشباب والرجال والنساء بمختلف الأعمار. ولا تجد المتاحف اهتماماً إلا من قلة بعضهم جذبه موقعها الجغرافي المميز عند مقرن النيلين الأزرق والأبيض، إضافة الى باحثين وتلاميذ مدارس جاءوا بغرض المعرفة. وبرر مدير المتحف القومي السوداني عبد الرحمن علي لقناة الشروق العزلة التي تعيشها المتاحف بشح في البرامج التعريفية للآثار التاريخية وبالتالي إهمال حقب تاريخية مهمة. وشدد على أن الانصراف عن المعالم التاريخية لا يتسق مع توجه الدولة الجديد الرامي للارتقاء بالسياحة في البلاد. مخزون أثري يعاني من الإهمال " متحف حضارة السودان أصبح غير جاذب ولا يستقطب زواراً سودانيين أو أجانب " وقال مدير المتحف إن الآثار تعتبر العمود الفقري للسياحة بالسودان، مشيراً الى أن شمال البلاد يعتبر مسرحاً لمخزون أثري امتد لآلاف السنين، ومع ذلك يمثل تراثاً مهملاً هجره أهله والسياح الأجانب بسبب إهمال الحكومات التي تعاقبت على البلاد. ومن جانبه، قال الباحث في الآثار والمسرحي المعروف موسى الأمير، إن السودانيين عرفوا بمسح التاريخ وقطع كل ما هو عالق في الذاكرة، مشيراً الى وجود قصور كبير في البحوث التاريخية، وأكد أن الأجهزة الإعلامية لا تسلط الضوء على المعالم الأثرية والتاريخية ولا تعكس مدى الإهمال الذي طالها. ومن جهتها، أكدت أمينة متحف حضارة السودان رشا محمد، أن المتحف أصبح في الآونة الأخيرة غير جاذب ولا يستقطب زواراً سودانيين أو أجانب.