تقدّم الرئيس السوداني، عمر البشير، صباح الأحد، الآلاف الذين شيعوا فنان السودان و"أفريقيا الأول" محمد عثمان وردي في مقابر فاروق في الخرطوم. وغيب الموت وردي ليل السبت عن عمر يناهز ال80 عاماً اثر علة. وأصدرت الرئاسة السودانية بياناً احتسبت فيه وردي، وعددت إسهاماته الوطنية ومشاركاته الواسعة في كل المناسبات الوطنية. وقال البيان إن وردي بما وهبه الله من فن وإبداعات ومقدرات أكدت عبقريته كفنان شامل. وتقدم بيان الرئاسة بالتعازي للشعب السوداني كافة ولأسرة الراحل، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم الشعب السودان الصبر على هذا الفقد الجلل. والفقيد من مواليد 1932 بقرية صواردا جنوبي مدينة عبري بالولاية الشمالية. واشتهر بالغناء للوطن بأكثر من 88 عملاً وطنياً، أشهرها "الأكتوبريات" وهي مجموعة من الأغنيات الوطنية. هجرة وعودة وهاجر وردي من السودان في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري وعاد بعد ثورة أبريل 1986 التي أطاحت بنظام مايو، وخرج أيضاً من السودان بعد انقلاب الإنقاذ العسكري ليعود بعد 13 عاماً قضاها في المنفى الاختياري. وغنى وردي للعديد من الشعراء السودانيين وكانت له ثنائية شهيرة مع الشاعر إسماعيل حسن نتجت عنها أكثر من 23 أغنية. نشأ وردي يتيماً وتربى في كنف عمه، وأحب الآداب والشعر والموسيقى منذ نعومة أظافره. رحل لمدينة شندي في أواسط السودان لإكمال تعليمه وعاد لمدينة حلفا بعد أن درس بمعهد تأهيل المعلمين وعمل معلماً بالمدارس الوسطى ثم الثانوية العليا. في عام 1953م، زار الأستاذ محمد وردي العاصمة الخرطوم لأول مرة ممثلاً لمعلمي شمال السودان في مؤتمر تعليمي عقد آنذاك. انتقل للعمل بالخرطوم بعد ذلك، وبدأ ممارسة الفن كهاوٍ حتى عام 1957م عندما تم اختياره بواسطة الإذاعة السودانية (هنا أمدرمان) بعد تجربة أداء ناجحة وإجازة صوته ليقوم بتسجيل أغانيه في الإذاعة. حلم طفولة وتحقق حلم طفولته في الغناء في الإذاعة بين الفنانين العمالقة أمثال الراحل عبدالعزيز محمد داؤود وحسن عطية وأحمد المصطفى وعثمان حسين وإبراهيم عوض وغيرهم. وفي خلال عامه الأول في الإذاعة تمكن وردي من تسجيل 17 أغنية، مما دفع مدير الإذاعة في ذلك الوقت لتشكيل لجنة خاصة من كبار الفنانين والشعراء الغنائيين. كان من ضمن أعضائها إبراهيم الكاشف؛ أبرز المطربين في ذلك الوقت، وعثمان حسين وأحمد المصطفى، لتصدر اللجنة قراراً بضم وردي لمطربي الفئة الأولى كمغنٍ محترف، بعد أن كان من مطربي الفئة الرابعة. تميز وردي بإدخاله القالب النوبي والأدوات الموسيقية النوبية في الفن السوداني مثل الطمبور، كما عرف عنه أداؤه الأغاني باللغتين النوبية والعربية. ويعتبره الكثير من الناس مطرب أفريقيا الأول لشعبيته غير المسبوقة في منطقة القرن الأفريقي وأثيوبيا وغرب أفريقيا. منح الدكتوراة الفخرية من جامعة الخرطوم في عام 2005م تقديراً لمسيرته الفنية لأكثر من 60 عاماً ولأدائه لما يزيد عن 300 أغنية، وباعتباره أسطورة فنية سودانية خالدة وموسوعة موسيقية.