زهير السراج في مشهد مخزٍ ومهين ظل يتكرر عشرات المرات، باتت منازل المواطنين في الخرطوم، بحري، أم درمان، الجزيرة، والنيل الأبيض، وغيرها من المناطق التي تخضع ل "سيطرة" القوات المسلحة والقوات المتحالفة معها بعد انسحاب قوات الدعم السريع منها، تُنهب وتُفرغ من محتوياتها بالكامل! لا يتركون شيئًا : لا كرسيًا، لا سريرًا، لا ثلاجة، لا ملاية ولا حتى ملعقة ... كل شيء يُحمل على ظهر الشاحنات وعربات الدفع الرباعي العسكرية التي تحمل المسروقات ثم تختفي وسط صمت مريب ومباركة ضمنية من الفئة الباغية الحاكمة في بورتسودان! آخر هذه الفصول السوداء كان في منطقة "صالحة" جنوبأم درمان، حيث اقتحمت قوات الجيش والقوات المتحالفة معها بيوت المواطنين، طردوا أهلها بقوة السلاح، ثم انقضوا على الأثاث والممتلكات، وحملوها في وضح النهار دون حياء أو خجل أو وازع من دين أو ضمير... وكأنهم في سوق للغنائم، يتنافسون على النهب والسرقة والخطف ! ماذا نقول حين نرى "الجيش الوطني"، الذي كان الناس ينتظرونه بفارغ الصبر ليحميهم، يرتكب نفس الجرائم؟! كيف يستقيم عقلاً ومنطقًا أن ينهب الجيش بيوت المواطنين الذين فرحوا بقدومه، واعتبروه ملاذًا آمنًا بعد انسحاب قوات الدعم السريع؟! وكيف نُقنع أنفسنا أن "جيش السودان" الذي يفترض أنه حامي البلاد والعباد؟! وإذا كان هذا الجيش يرتكب الجرائم، فما هي الفائدة من "انتصارات" الجيش المزعومة؟! أي انتصار هذا الذي ينتهي بسرقة بيوت المواطنين وتجريدهم من أبسط حقوقهم؟! وهل يعقل أن يتحول الجيش إلى عصابة منظمة، تسرق باسم الوطن، وتنهب باسم استعادة الأراضي؟! الأغرب من ذلك هو تبرير بعض أنصار الحرب لهذه الجرائم البشعة باعتبارها "غنائم حرب مشروعة" مقابل الجهد الذي بذلته القوات في استعادة المناطق... وكأنهم يعيشون في زمن الغزوات القبلية، لا في القرن الحادي والعشرين! أىُّ عقول مريضة هذه التي تُشرعن السرقة والنهب؟ وأىُّ وطنٍ هذا الذي يُحكم بعقلية النهب و"الغنائم"؟! أما الاكثر غرابة ووقاحة فهو السكوت المخزي من العصابة الحاكمة في بورتسودان على هذه الجرائم البشعة، وهو أكبر دليل على أن اللصوصية والنهب والسرقة منهجٌ متكامل للنظام الانقلابي القائم... فلا غرابة أن يُقلّد الصغار الكبار، ويقتدي العسكر بالقادة ... أو كما قال الشاعر : إذا كان رب البيت للدف ضاربًا ... فشيمة أهل البيت كلهم الرقص! [email protected]