إبراهيم مطر إنها "كردفان" تخوض معركتها الخاصة في أحد فصول حرب التحرير الملحمية، تستدعي تاريخها مرة أخرى في وجه الغزاة من لدن "هكس باشا"، وتعلم الدواعش، أن السيطرة على كردفان وإنسانها، تتطلب أكثر من الأناشيد الجهادية واجترار الأكاذيب. وتقرأ في دفاتر حرب التحرير أن انتفاضة "كردفان" التي بدأت بالهبة البطولية رداً على ذبح أطفال الدبيبات والحمادي على يد الدواعش، شهدت معركة "ثأرية"، معركة منيت فيها قوات الجيش والمليشيات المتحالفة معها بما فيها الدواعش بهزيمة ساحقة وهربت تجر إذيال الهزيمة، وأعلن لواء البراء بن مالك عن مقتل 186 من عناصره في المعركة، وتحررت "الخوي" و"الحمادي" و"الدبيبات" و"أم صميمة" من الدواعش دفعة واحدة، وخلال ساعات. سحقت معركة أم صميمة الأولى جيش الدواعش المسمى بمتحرك الصياد متعدد المشارب والجنسيات، والمكون من مرتزقة القوات المشتركة، وعدد من شذاذ الآفاق، ومرتزقة من دول الجوار الهش. وشبهت المعركة ب"شيكان"، ولقبوها ب"أم المعارك"، كونها اليوم الذي عرف فيه "عيال حاج نور"، أن الحرب في كردفان ليست نزهة، وأن دماء أطفال الدبيبات والحمادي المسفوكة، أغلى بكثير من دماء قائد متحركات كردفان الهالك. واليوم يسطر أبطال الدعم السريع ملحمة جديدة سميت بأم صميمة الثانية، ويكتبون التاريخ عبر نصر أعجز الوصف، إذ حملت الفيديوهات من أرض المعركة لمحات من تلك الشجاعة التي تنتمي إلى سعادة الملازم أول "عبد الفضيل الماظ" من حامية تلودي العسكرية في إقليم جبال النوبة، والذي نصبه السودانيون أميراً للجسارة. تتنوع المشاهد في حرب التحرير لتحكي قصة شعوب سودانية أبت الضيم، وكانت على استعداد لدفع الثمن. وعلى الرغم من استعانة الدواعش في بورتسودان بالطائرات المقاتلة والمسيرة والسلاح الكيميائي، فقد أثبتت الفيديوهات التي خرجت من ميدان المعركة، إن من يعتقد إن بإمكانه هزيمة هؤلاء واهم، وإن من يتصور إنه يمكن إخضاعهم بالقوة، فلينظر إلى مصير من سبقوه على ذات الطريق. المجد للأشاوس جنود الوطن، وهم يكتبون التاريخ، تساندهم دعوات الملايين من شعوب الهامش، التي تحلم بسودان يعين أهله على تحقيق الأحلام. أوهمت الحركة الإسلامية الناس وعبر إعلامها المضلل، بأن الدعم السريع يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد خروجه من الخرطوم والجزيرة. ولما تفشت الخدعة بين الناس، صدقها من أطلقوها أنفسهم، وبدا لهم – لسبب مجهول – إنهم يستطيعون القضاء على المجتمعات السودانية المستهدفة من قبلهم، والمصنفة كحواضن، وساعدهم على ذلك الاعتقاد تراجع الدعم السريع بعد أن غير خططه بالكامل، نسبة لدخول الحرب نفسها في مرحلة جديدة، تعتمد المسيرات وأجهزة التشويش المتطورة. وتقرأ في دفاتر حرب التحرير، أن سيطرة الدعم السريع على ولايتي الخرطوم والجزيرة كانت عبئاً عليه أكثر من كونها امتيازاً على صعيد الميدان. إذ أن انسحاب الدعم السريع من الولايتين، جعله بمنأى عن تلك الانتهاكات التي كانت ترتكبها مليشيات الحركة الإسلامية بقيادة "كيكل" بحق المواطنين وتنسبها له صباح مساء ، فأقفل انسحاب الدعم السريع هذا الباب، مما ساهم في معرفة الجناة الحقيقيين، وأبعد عن الدعم السريع، فخ الإدانات الدولية المنصوب بعناية. واليوم يعاود الدعم السريع التقدم على صعيد الميدان تحت لافتة "تحالف السودان التأسيسي" وهو أكثر منعة وقوة، بسند جماهيري كبير، وبمناطق سيطرة هي أكبر من مساحة كثير من الدول القائمة، وببرنامج سياسي متفق عليه، ودستور يحكم العلاقة بين الناس في ظل حكومة تأسيس. ومن الواضح أن مدينتي نيالا والفاشر صارتا منيعتان في وجه الهجمات الجوية، ما يشي بأن مظلة الدفاع الجوي التي تحمي المدن ستتوسع، بما يسهم في تبين الحقيقة، والمعرفة الدقيقة بمناطق سيطرة كل طرف، والحبل على الجرار. وتقرأ في دفاتر حرب التحرير أيضاً أن قوات الدعم السريع قد استولت على العربة التي كان يستقلها المجرم الهارب "أبو عاقلة كيكل"، وإنه فر من معركة أم صميمة الثانية على قدميه يطارده فرسان السودان الأبطال، وأن "أم صميمة" حدثت ولا زالت تحدث عن رجال كالأسود الضارية كما "كرري"، والتي شهدت طرفاً من بطولات الأجداد، حين وقفوا في وجه المستعمر القديم، متسلحين بإيمانهم بحتمية المقاومة، حتى دبجت في مدح بطولاتهم الأشعار، وكانوا غرة على جبين السودان. رحم الله شهداء الدعم السريع وشفى جرحاهم، وعقد النصر بلوائهم. ألا لعنة الله على إخوان الشياطين.