* في هذه الدنيا هنالك بشر يتمتعون بكل صفات ومواصفات (السلم) .. * بشر هم مثل (السلالم) وهبوا انفسهم من اجل ان يصعد الآخرون وفي ذلك تفاني وحب للخدمة من خلف الأضواء .. * والراحل (محمديه) كان واحدا من هذه (السلالم) التى صعد بها كثير من نجوم الغناء في السودان .. * لعب دور (الألفه) داخل الأوركسترا فكان منضبطا في ابداعه وبارعا في تطريبه فأحبه كل الناس .. * هو العازف الذى لا يُطالع (النوتة الموسيقية) اثناء الخدمة .. * بل الصحيح ان نقول : محمديه كان عبارة عن (نوتة موسيقية) يطالعها العازفون ويستفيدون منها .. * هو كتاب مفتوح نهل منه ابناء جيله والجيل الجديد الكثير ولم يبخل عليهم بالنصح والارشاد .. * لم يكن بخيلا بعلمه في مجاله وهذا ما شجع كثير من الشباب لاقتحام مجال التطريب ب(الكمنجة) .. * (رقدت) الكمنجة على (كتفه الأيسر) سنوات طويلة فأصبحت في مقام الحبيبه .. * إحترم محمديه موهبته واخلص لكمنجته فمنحته كل هذا الضوء رغم انه يعمل خلف الضوء .. * ليس سهلا ان تصبح نجما وانت تعمل ضمن اوركسترا يتجاوز عدد افرادها ال(17) فردا .. * ان تتميز وسط كل هذا الكم الكبير من العازفين فهذا مؤشر لعظمة الموهبة ودرجة القبول بين الناس .. * شهرة العازف في السودان هى اصعب من (خلع الضرس) ولكن محمديه كسر كل القواعد وصار اسم في حياتنا .. * في العادة النجومية حصرية على الفنان .. * ومحمديه هو اول عازف تفوق نجوميته نجومية كثير من الفنانين .. * ابرز محمديه اخلاصه للفن واسهم بشكل مقدر في تطوير اوركسترا الإذاعة السودانية ووضع كثيرا من المقدمات الموسيقية الحديثة لكبار الفنانين .. * هو مثل (العطر) الفايح من جسد الاغنية السودانية .. * عطر عندما تسمع الاغانى الكبيرة تشتمه عبر الأذن .. * عطر محمديه هو العطر الوحيد الذى تشتمه (الأضان) قبل (الأنف) .. * كل فنان وقف من خلفه محمديه تألق وأجاد وأبدع ولاقت اغنياته رواجا كبيرا .. * بذل الراحل محمديه كثيرا من الجهد في سبيل تطوير أغنيات عثمان حسين وقد شهد عليه السودان بالبراعة والجمال في اغنية (بعد الصبر) التى اضاف لها محمديه ابعادا مميزة .. * لم يحفظ الوسط الفنى اى سيئات لمحمديه طوال مشواره الطويل .. * إلتزم الهدوء والأدب وعفة اللسان واليد فخرج من هذا الوسط مرفوع الرأس .. * لم تسجل الصحافة السودانية عبر صفحاته الكثيرة اى حالة شجار او تهاتر بين محمديه وزملاءه في الوسط .. * لم يكن حريصا على الظهور من اجل التحدث والتنظير وإكتفى ابدا بالعطاء الصامت .. * يذكر الناس (نظارته الكبيرة التى تغطى نصف وجهه) ويذكرون حضوره الطاغى وسط افراد الاوركسترا وتلك الابتسامة الساحرة التى يطلقها بانسجام كبير مع صوت الكمان وصوت الفنان .. * محمديه بين العازفين داخل الاوركسترا هو مثل (حبة اللؤلؤ) مميز وحاضر بقوة فنه .. * الذين عرفوه والذين لم يعرفوه يحسون بشخصيته القوية والمتسامحة .. * يلحظون الطيبة والعفاف والكرم والذكاء والأدب اعلى جبينه .. * إستلمه المرض اللعين قبل شهور (لحما وعضما) فجعله عضما لا يقوى النهوض من على السرير .. * نال منه المرض في شهور قصيرة الكثير فذهبت العافيه واستوطن سلطان المرض فكانت النهاية الحزينة .. * وقف كثير من ابناء هذا الشعب الخيريين من خلف محمديه ابان مرضه ولكن كان قرار الأطباء في الأردن هو (فوات الأوان) .. * نعم قد يكون محمديه قد عاد من الأردن محبطا ولكنه إرتضى بقضاء الله وإنقطع عن الوسط والناس وإعتكف في منزله في إنتظار ملك الموت .. * عقب عودته من الأردن رتب محمديه حاله للرحيل ولم يحرص كثيرا على الدنيا وقد عانى كثير من زملائه في سبيل مقابلته خلال الاشهر الماضية .. * رحل صباح الاربعاء (18 رمضان) وبكته العباسية وشمبات والكلاكلة والحاج يوسف ونيالا وكوستى وبورتسودان وشندى وكل الناس والمدن .. * وبرحيله فقدت الأغنية السودانية ركنا مهما ونجما من النجوم التى اعطت الكثير لوجدان هذا السودان العظيم .. * ستفقد الكمنجة عاشقها الاول وسترفض اوتارها مطاوعة العازفين فلعلها تحزن سنين لفراق هذا الرجل الأصيل .. * إنقطع الوتر واصبح النغم اشتر .. * نحن نعزي أولا اسرة الراحل محمد عبد الله محمديه ونسأل الله ان يلهمهم الصبر والسلوان والعزاء .. * ومن ثم نعزى القبيلة الفنية وكل الفنانين الذين وقف محمديه من خلفهم وقدم لهم ما جعل اغنياتهم مهضومة وناجحه .. * والتعازي لكل العازفين في السودان ولكل حامل كمنجة ونرجو لهم الصبر الجميل .. * ونسأل الله العلى القدير الذى وسعت رحمته كل شئ ان يتقبل محمديه قبولا حسنا مع الصالحين الذين سبقوه ففتحت لهم ابواب الجنة وكان الموت لهم راحة من كل شر وتعب وشقاء .. * اللهم هو عبدك ابن عبدك خفف عنه وتجاوز عثراته واجعل قبره مسكنا مريحا وادخله الجنة يارب .. (انا لله وانا إليه راجعون) .