* ليس هنالك لون يليق ب(الظلط) ويناسبه خلاف اللون (الأسود) .. * وفلسفة اختيار (الأسود) لو ال(ظلط) ربما هى لا تكون بسبب (الزفت) وإنما لأسباب أخرى تتعلق بالسلامة وربما الأسود يجعل مستخدم الظلط على بينه من أمره أثناء الرحلة سوى كان ذلك ليلاً أو نهاراً .. * والأسود في حياتنا ارتبط بالحزن رغم أن (المرأة) التى يتوفى زوجها ترتدى الأبيض (4 أشهر وعشرة أيام) حداداً على روحه .. * ترتدى الأبيض ولكن يكون الحزن بكل سواده هو سيد الموقف .. * والظلط الأسود مشتق من حظنا وتعاستنا وقدرنا .. * ولهذا الشعب الكريم ذكريات باكية بسبب هذا (الأسود الطويل) الذى يرقد مبطوحاً في الخلاء وفي المدن والقرى .. * حسبنا أن (الظلط) رحمة وطريق للسلامة ولكن مع الأيام اكتشفنا أنه مصدر تعاسة لا يعلم بها إلا الله .. * نصف هذا الشعب الكريم مات وقطرات من دمه تجرتق الظلط الأسود .. * تلطخ الظلط بالأحمر وارتوى الأسفلت من الدماء الطاهرة ولا تظل شهيته فاتحة لمزيد من الشراب .. * لم يشبع الظلط من الأرواح ولا من الدماء ومع صباح كل يوم جديد يفجعنا شارع من شوارعنا بكارثة إنسانية عميقة التأثير وبالغة الأسف .. * فلم يبق في ظلط مدنى شبراً إلا وتلطخ بالدماء .. * ولم يبق في شارع التحدى شبرًا إلا وتذوق حرارة الدم الساخن .. * وأخيراً جدًا دخل شارع النيل الأبيض وتحديداً ظلط القطينة سباق زهق الأرواح فتلطخ كل شبر منه بدماء الغبش والفقراء .. * صباح أمس الأول (23 رمضان) استباح ظلط القطينة دماء جديدة وأرواح عزيزة بلغت (27) نسمة إثر حادث حركة فظيع (حافلة في مقابل شاحنة) .. * والخرطوم والنيل الأبيض وكل السودان بكى هذا الموت الرمضاني الصعيب .. * (27) شخصاً سحنتهم شاحنة وهم في طريقهم إلى إحدى المستشفيات لزيارة مريض وللتبرع له بالدم .. * حافلة امتلت بالأهل متجهين لزيارة مريض يرقد مستشفياً ويحتاج لعملية تبرع بالدم .. * توكلوا على الله من أجل التبرع بالدم للمريض فكان القدر أن يكون هذا الدم من نصيب شارع الظلط .. * هى الأقدار .. المريض في المستشفى ينتظر الدم من (النصاح) فمات النصاح وذهب الدم للأرض ويعيش الآن المريض الذى كانوا هم بصدد زيارته .. * هكذا أراد الله وإرادة الله تبقى هى الأعلى ونحن لا نملك سوى أن نستسلم ونرضى بهذا القدر .. * نسلم أمرنا لله ونرضى بحكمه ولا نقول إلا ما يرضيه .. * ولكن .. * لكل شئ سبب .. * ونعلم أن الموت لا يحتاج لسبب .. * اليوم إذا تم فإن ملك الموت لا ينتظر ولا يتأخر .. * ولكن نقول إن الأسباب التى تجعل هذا الظلط شرساً في القتل تبدو كثيرة جداً .. * الظلط في حد ذاته به كثير من العيوب سوى كان ظلط القطينة أو خلافه .. * ظلط تجده كثير (الحُفر) و(الدقداق) .. * بعض شوارع الظلط تشبه (طبق البيض) من حيث الحُفر .. * ثم أن الظلط (ضيق جداً) يكاد لا يسع عربيتان إلا بشق الأنفس .. * الظلط بحجم (الجنية الفئة الورقية) .. * ظلط بعرض (المصلاية) .. * ظلط يفتح شهية الموت على هذه الطريقة البشعة .. * ظلط تتسابق فيه الشاحنات والمركبات الخاصة والحافلات وهو لا يسع حتى السير على طريقة (عربات السيرة) .. * ثم الإهمال وما أدراك ما الإهمال .. * الإهمال وضيق الأخلاق والزهج في (السواقة) .. * عندما تضيق أخلاق الرجال فإن النتائج تكون هكذا دوماً .. * الواحد سايق في الظلط وكأنه يضع في جيبه شهادة بحث تؤكد ملكيته لهذا الشارع .. * ضيق أخلاق وزهج وألفاظ ومشاكل وأنانية لا يعلم بها إلا الله .. * ما في زول بيقبل التانى ولا في زول بيقدر أن أى يتهور يمكن أن يروح ضحيته مجموعة من الأطفال والنساء والشباب والشياب .. * في بعض الأحيان والله تحس أن بعض (السواقين) يتلذذون بحوادث الحركة .. * يقودون الشاحنات والحافلات والسيارات الصغيرة بطريقة ربما يكون فيها كثير من التهور وبعض الحقد والله أعلم .. * سايق الشاحنة يحتقر سائق البص السفرى وسائق البص السفرى يحتقر سائق الروزا وسائق الروزا يحتقر سائق الهايس وسائق الهائس يحتقر سائق الأمجاد وسائق الأمجاد يحتقر سائق الركشة .. * هكذا تسير الأمور في الظلط .. * لا تقدر ولا احترام لأن الفن والذوق والأدب أصبح شعارًا لا وجود له على أرض الواقع .. * شارع الظلط والحوادث هذه تحتاج لوقفة كبيرة من الحكومة التى هى مطالبة بتأهيل الشوارع وفرض حماية أكبر وعقوبات رادعة لكل متهور .. * والآن قد أقبل العيد وفي العيد يكثر السفر والموت .. * أطفال ينتظرون آباءهم بفارق من الصبر ولكن الظلط يقطع اللقياء بقسوة شديدة جداً .. * يجب أن تتشدد الحكومة في (الطوف) وفي العقوبات ضد هؤلاء المهرجين .. * ونحن لا نملك سوى أن نعزي أهلنا الأعزاء في فقدهم الجلل الذى حدث أمس الأول ونسأل الله أن يتقبلهم قبولاً حسناً وأن يجعل موتهم في رمضان حسن خاتمة .. * اللهم ادخلهم الجنة وبارك في ذريتهم وتجاوز عثراتهم وزد حسناتهم يا رب .. (إن لله وإن إليه راجعون) .