يقع إقليم دارفور في أقصي غرب السودان ، بمساحة قدرها 510.000 كلم مربع تعادل خمس مساحة السودان تقريباً ، وتتدرج الأقاليم المناخية في هذه المساحة من شبة الصحراء عند خط 16 ̊ شمال ذات الأمطار القليلة التي لا تتعدي 100 ملم في السنة ، إلي المنطقة الوسطي بين خطي 12 ̊- 16 ̊ شمال، هي مناطق السافنا ذات الأمطار المتوسطة إلي جنوبالإقليم في حزام السافنا الغنية التي تتراوح الأمطار فيها بين 500-900 ملم في السنة . وعلي هذا فإن الأراضي الرملية والكثبان تشكل خصائص تكوين السطح والطبوغرافيا في الشمال، بينما تغطي الرمال وبعض السهول الطينية الوديان ذات الأشجار المتنوعة والغابات والهضاب والجبال البركانية المنطقة الوسطي . ولعل من ابرز معالم هذه المنطقة جبل مرة الذي يتوسط الإقليم بارتفاع 3000 متر فوق سطح البحر . أما في جنوبالإقليم فهناك الأراضي الطينية والغابات والحشائش الطويلة . تشكل هذه البيئات المناخية الثلاث أنماط وأساليب الحياة لدي سكان دارفور، فبينما يسود رعي الأبل والضان في الشمال مع قليل من الزراعة ، يزداد التركيز والاعتماد على الزراعة كلما اقترب من الوسط ، وتسود الزراعة المطرية في الوسط مع تربية قليل من الأبقار والضان والماعز، ويشكل رعي الأبقار نمط الحياة المعيشية في الجنوب مع قليل من الزراعة ، وعلى ممارسة هذه الأنماط الثقافية والمعيشية جاءت تسميات سكان المناطق الوصفية لها بأنهم (اباله) في الشمال ، زراع في الوسط ، و(بقارة) في الجنوب ، ويمكن أن توصف بأنها اقتصاديات معيشية . هذا إضافة إلى بعض المجتمعات الحضرية في عدد من المراكز والمدن مثل الفاشر ونيالا والجنينه وزالنجي والضعين وكتم وغيرها . معظم النساء فى السودان ينتمين إلى تكوين المنتج الصغير حيث يشكن ثقلاً هاماً فى القطاع التقليدى، حيث تبلغ نسبة النساء بين المزارعين فى القطاع 57% ، النساء فى دارفور يشكلن 60% من قوة العمل فى هذا الإقليم و55% من إجمالي السكان. ويتركز النشاط الاقتصادى للنساء فى إنتاج الغذاء من الزراعة النباتية وتربية الحيوانات الصغيرة وجلب الماء والحطب والقيام بشئون الأسرة. مما يبقى قسماً من انتاجها خارج نطاق الانتاج السلعى ويضعف علاقتها بالسوق.إذ أن تحول الانتاج إلى انتاج سلعى يحدث عندما تكون عملية إنتاج السلع والخدمات موجهه لتلبية إحتياجات الآخرين من خلال علاقات التبادل أى من خلال السوق. ويتمكن المنتج الصغير من توسيع مساهمتة فى الانتاج السلعى، كلما زادت إنتاجيته وحقق فائضاً إقتصادياً أكبر وهذا يمكنه من الانخراط على نطاق اوسع فى علاقات التبادل مع الآخرين. بقاء معظم النساء فى دائرة تكوين المنتج الصغير يلعب دوراً أساسياً فى تحديد نصيبهن من الثروة. كشأن أى منتج صغير آخر يملك قدراً ضئيلاً من الاصول (قطعة أرض صغيرة وادوات عمل تقليدية وعدد قليل من الحيوانات). هذا القدر الضئيل من الثروة لحق به ضرر كبير من جراء ما يجرى فى إقليم دارفور. إستراتيجية التنمية المؤهله لوضع الاساس المتين لتجاوز اثار الحرب وإستئصال أسبابها تتطلب إلزام الدولة بالاضطلاع بمهام رئيسية تتجاوز وضع السياسات إلى مستوى الفعل المباشر فى دائرة الإنتاج. يفضى إلى إحداث تغيير حقيقى فى نمط وأساليب حياة السكان فى هذا الإقليم. ويفض التناغم القائم بين نظام حياة البداوة وحياة الاستقرار، ويؤدى إلى كاملها فى إطار تقسيم العمل الإجتماعى. الجهد التنموى المطلوب من الدولة لابد من أن يشمل توفير خدمات الرعاية الصحية والتعليم لتحقيق أهداف الألفية حتى العام 2015 والتى تشمل تخفيض نسبة الفقر فى كل أقاليم شمال السودان إلى النصف علماً بأن نسبة الفقر فى دارفور تصل ل98 %، وتعميم تعليم الأساس لكل الأطفال فى سن التعليم يتساوى فى ذلك الذكور والإناث،علماً بأن الفجوة التعليمية فى ولاية دارفور تتراوح ما بين 55.1% فى ولاية شمال دارفور و80.1% فى ولاية غرب دارفور. علماً بأن هذه الفجوة بنيت على إحصائيات العام 1999م. أى قبل إندلاع الحرب بصورتها الراهنه وترك إعداد كبيرة من السكان (2.5 مليون) مكان إقامتهم الاصلية وتضررت المدارس والمرافق التعليمية من هذه الحرب مما يعنى إتساع الفجوة التعليمية فى هذا الإقليم. مؤشرات مخيفة : نصيب الفرد من المياه فى ولايات دارفور لا يتعدى ال5 لترفى اليوم وهو ما يعادل 25% من الحد الادنى الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية واليونسيف. ويخلق نقص المياه فى اقليم دارفور مجموعة من الآثار السلبية من بين أهمها ترك التلاميذ خاصة البنات لمدارسهم من أجل مساعدة أسرهم فى جلب الماء لمواجهة الأغراض المنزلية أولسقى البهائم. فى عام 2000م تم قفل ست مدارس فى احدى محليات ولاية جنوب دارفور بسبب نضوب مصادر المياه. وتهدر الأسر زمناً كبيراً لجلب المياة وتسنزف هذه العملية ما بين 150- 240 يوم من زمن الأسرة فى السنة. وقد حدث أن أجهضت أكثر من عشر نساء فى أواخر صيف 2000م أجبرن على الذهاب لأكثر من عشر كيلومترات من مساكهن لجلب الماء. وأصبحت عملية جلب الماء أكثر خطورة على النساء والرجال معاً فى ظروف الحرب. ويتسبب نقص المياه فى إستنزاف دخل الأسرة. إذ يبلغ ما تنفقة الأسرة الريفية على توفير مياة الشرب النقية 40% من دخلها، علماً بأن دراسات البنك الدولى تشير إلى أن هذا الانفاق يجب إلا يتجاوز 4% من دخل الاسرة الريفية. فضلاً من أن نقص المياه فى إقليم دارفور يؤدى إلى إرتفاع تكاليف الإنتاج الزراعى ويؤخر الإستعداد للموسم الجديد ويتسبب فى الاحتكاكات والنزاعات الدموية والأضرار بالبيئة. لذا تصبح توفير المياه للإنسان والحيوان والزراعة إحدى التحديات الكبرى التى تواجه عملية التنمية فى إقليم دارفور. وأن إستئصال أهم بؤر التوتر وأسباب الحرب رهين بتجاوز هذا التحدى مما يستدعى توجية جهود الدولة التنموية نحو الاستغلال الفعال لموارد الاقليم والأقاليم المجاورة من المياه الجوفية والسطحية ومياة الأمطار فى إطار مشروع إستراتيجى مدروس يتم تنفيذه على مراحل ضمن خطط التنمية المرحلية. علماً بأن نسبة إستغلال المياه الجوفية فى حوض النيل الصحراوى لا تتجاوز ال5% هذه النسبة فى حالة الحوض النوبى تبلغ 6% أما بالنسبة لحوض أواسط دارفور فلا تتجاوز ال12%.