يلاحظ المار يوميا بمستشفى الوالدين للعيون إصطفاف العشرات من كبار السن على جانب الطريق فى انتظار المواصلات وهم يضعون الشاش الطبى على أعينهم فيتصور العابر انهم مرضى حضروا للمراجعة أو خلافه ولكن ما لايعرفه الكثيرون ان هؤلاء المرضى خارجين لتوهم من غرفة العمليات ويتجهون مباشرة للشارع بغباره وشمسه! ( حريات) إلتقت الحاجة “ن،م” والتى كانت برفقة ابنها الذى وقف بقرب الرصيف يبحث عن ركشة تقله ووالدته الى منزلهم بمدينة امبدة السبيل ذكرت الحاجة “ن” انها مصابة بالسكرى وانها أجرت العملية قبل ساعتين وهى عملية إزالة “موية بيضا” وشكت من انها كانت صائمة ولم يقدم لها اى شىء الا ان ابنها احضر لها وجبة من الكافتيريا. قطع حديثنا معها وصول الركشة فودعناها ونحن ندعو لها بالشفاء . وإنتقلنا بحيرتنا لداخل المستشفى فالتقينا إحدى فنيات البصريات والتى رفضت ذكر اسمها وقالت : لقد تم تجفيف مستشفى العيون بامدرمان وصار لدينا إكتظاظ عالى فى مستشفى الوالدين التى شيدت على أساس ان تكون مساعدة للمستشفى المركزى وليس بديلا عنه والمستشفى لاتملك ميزانية إعاشة لذا لايمكننا ان نجعل المرضى يأخذون سوى ساعة فقط فى الانتظار بعد العملية وعمليات العيون عموما بسيطة وعند سؤالنا لها حول خطورة تعرض المرضى للشمس والغبار أكدت انه أمر غير جيد خصوصا وان غالب المرضى فقراء يضطرون لركوب المواصلات مما يجعل المريض يتحرك وينزل رأسه ويرفعه وهو أمر به مخاطرة للعملية ولكن المستشفى لاتملك ماتقدمه. مرات كثيرة نحاول ان نساعد المرضى من “جيبنا” ولكن لايمكننا حل كل المشكلات) . وعند الباب وقفت (حريات) على ماسأة أخرى اذ حضرت إمراة بطفل يبلغ من العمر ستة سنوات وأصيب بحجر فى عينه أثناء لعبه مع الأطفال وقدمت هذه السيدة من منطقة السكن العقارى بالفتيحاب وحسب حديثها فقد ذهبت لحوادث مستشفى امدرمان وبعد انتظار طويل فى الصف طلبوا منها ان تذهب للعيون فذهبت لقسم العيون بمستشفى أمدرمان لتفاجأ بنقلها لمستشفى الوالدين فحضرت لمستشفى الوالدين لتفاجأ بأن المستشفى لايستقبل حالات طؤارى وان المكان الذى يفترض ان تاخذ له طفلها وهو فى حالته الطارئة هذى مستشفى العيونالخرطوم وقفت هذه السيدة تبكى وهى تذكر ان كل نقودها قد انتهت وهى تركض بعين طفلها النازفة بين المستشفيات وعندما سألت (حريات) المستشفى علمت ان المستشفى غير مجهز لاستقبال الطؤارى لذا تم الاتفاق ان تكون كل طؤارى امدرمان بمستشفى الخرطوم! وشكى أحد الحرس انهم يساهمون يوميا فى حل مشكلة مثيلة وان الامور غير واضحة كما شكا من نقص الحوافز وضعف المرتبات التى لاتقارن بحجم العمل الكبير. والخراب فى مستشفيات العيون لايغطيه هذا التحقيق القصير الا انه يلقى قليل ضوء عليه وهو خراب متصل بالتخريب العام بالمستشفيات الحكومية والخدمات الصحية عموماً ، وهو يشير بقوة الى الفساد وطبيعة السلطة القائمة مختلة الأولويات والتى تبدد موارد البلاد فى الصرف الامنى والدعائى والسياسي خصماً على صحة المواطن وخدمته لأنها ترى مصالحها فوق مصالحه ولذلك لاتستحى ان تخصص للأمن والدفاع والداخلية “حماية مصالحها” (8,593) مليار جنيه (جديد )، والقطاع السيادي (1.552) مليار جنيه (جديد)، في مقابل (555) مليون جنيه (جديد) للصحة، بما يعنى ان ميزانية الدفاع والامن تساوى (15) مرة ميزانية الصحة . وبالضرورة لن يستمر هذا التدهور والسقوط دون إرتفاع أصوات المظلومين.