بقلم : زكى حنا تسفاى [email protected] خلال فترة قصيرة من الزمن افتقدنا على مستوى الأسرة الكبيرة .. أحبة أعزاء سكنوا في قلوبنا ووجداننا ردحا من الزمن . وغادروا حياتنا في خلسة وهدوء. ولقد كان حزننا ووجعنا عليهم كبيرا .. وزاد من ذلك أن البعد حرمنا من أن نلقى عليهم نظرة الوداع الأخيرة وأن نطبع على رؤوسهم قبلة العرفان .. وأن نؤدى لهم واجبا مستحقا في لحظاتهم الأخيرة .. بالرغم من أنهم لم يبرحوا خيالنا وقلوبنا لحظة واحده . ومع أن الموت حق وهو سبيل الأولين والآخرين إلا أن الفقد كان كبيرا .. عزاؤنا في سيرتهم العطرة ..وسرائرهم النقية .. وعطائهم الثر في مجالات الحياة المتنوعة .. وعملهم الدؤوب دون كلل أو ملل في احياء قيم التآخي والمحبة التي اندثرت في عصرنا هذا .. وهى بالنسبة لنا الزاد الذى تركوه لنا لنعيش على ذكراه مابقينا على هذه البسيطة . أول الأحبة العمة الغالية كاساية تسفاى .. امرأة فاضلة من يجدها ثمنها يفوق اللآلئ .. لم تتلقى تعليما نظاميا ولكنها نجحت بروح الصمود والصبر والكفاح من أن تبنى أسرة كريمة .. ..عاشت حياة السهر والتعب .. .وتحملت مسؤولية الأسرة دون كلل أو ملل .. لم تتذمر أو تتبرم فقد كانت راضية يملا ضلوعها حب أبنائها فكانت نعم الأم الرؤوم .. مافترت يوما لسبب أو لآخر بل كانت أنظارها دوما نحو الهدف النبيل الذى بذلت من أجله الغالي والنفيس .. كانت من جيل الامهات المكافحات لم تلن لها قناة أو يدفعها ضعف أو وهن من تحقيق الهدف الذي نذرت نفسها من أجله .. إليك أيتها الإنسانة العظيمة .. نرفع قبعة التقدير والامتنان .. وعبرك لكل الأمهات من أمثالك في ربوع سوداننا الحبيب . وحقا من يذرع بالدموع يحصد بالابتهاج الله يرحمها. ثانيهما العم الأستاذ عوض إبراهيم يوسف ( كحساى) إنسان فاضل عاش رحلة العمر عابدا متنسكا في رحاب التعليم الصناعي والفني .. فقد تخرج من مدرسة أم درمان الصناعية . وحصل في مطلع الستينات من القرن الماضي على بعثة دراسية إلى المملكة المتحدة .. لتلقى دراسات متقدمة في مجال التعليم الصناعي والفني. وعند عودته إلى السودان بعد إكمال بعثته انخرط معلما في مدرسة ام درمان الصناعية . وبعد ذلك تبوأ مسؤولية إدارة المدارس الصناعية بالقضارف وكوستى وبورتسودان .. وانتهى به المطاف ولسنوات عديدة مشرفا على مدرسة دبي الفنية بدولة الإمارات العربية المتحدة والتي قضى بها سنواته قبل التقاعد . عرف الاستاذ عوض ابراهيم بشخصيته القوية وسط الطلاب وإلمامه التام بعمله إضافة إلى خبرته الطويلة فهو يعتبر من أوائل السودانيين الذين طرقوا أبواب التعليم الصناعي.. كما كانت له علاقات واسعه وسط أصدقائه ومحبيه .. أهتم بالرياضة في فترة سابقة من حياته وكان مناصرا وعاشقا للهلال .. وفى دبى دفعه حبه للأزرق لأن ينتمى لنادى النصر ..غيبه الموت فجأة وترك في نفوسنا حسرة وحزنا .. أستاذنا الجليل الله يرحمك. وثالثهما العم العزيز ابراهيم أبرها .. رجل من جيل العصاميين أصحاب الإرادة القوية و الحرة ..وأحد فرسان الزمن الجميل .. صاحب قلب كبير وعقل مستنير .. رأيته منذ بواكير أيامى الأولى انسانا مكافحا . حفر بأظافره على الصخر لكي يجد له مكانا يليق به وبأسرته .. لم تأتيه الحياة على طبق من ذهب . بل سهر الليالي وكابد وأحتمل المشقات وعانى من ظروف الحياة لكى يفسح لأسرته مكانا تنعم فيه بحياة كريمة ..كان لإبراهيم علاقات واسعة وسط أصدقاءه العديدين بديم النور .. يتفقدهم بالسؤال والاهتمام كما كان بارا في علاقاته مع أهله لا يكل من زيارتهم والسؤال عنهم .. كان عطوفا بأبنائه يسهر على راحتهم ويبذل من أجل ذلك الغالى والنفيس . وفى أيامه الأخيرة رأى ثمار زرعه فقد التفت الأسرة من حوله صغارا وكبارا يحيطونه بالحب والوفاء .. ويرعونه كما ترعى الأم صغيرها.. فغادر هذه الدنيا راضيا فخورا بما حققه في حياته …. لقد تركت وفاته حزنا في القلوب .. وعلى من لانجد له مثيلا وقد فقدناه يكون الحزن ويكون الألم .. الله يرحمه