[email protected] لم أندهش وأنا أسمع عضو المؤتمر الوطني يحكي رؤيته لمن ظن أنه الرسول صلى الله عليه وسلم مع نافع علي نافع وعلي عثمان محمد طه، فقد اعتدنا على التزوير الإنقاذي للدين، ولاشك أن صاحب تلك الرؤيا فرح بها وأعتقد أنه من الصالحين وأن من رآهم في تلك الرؤيا من جلاوزة الإنقاذ هم أيضا من الصالحين، وهو في ذلك يمثل امتدادا لعقيدة ذات تاريخ طويل تسببت في سفك دماء عشرات الآلاف من الأمة المحمدية وسبي نساءهم وتسببت في مبشرات زائفة بانتصارات لم تتحقق فشككت البعض في دينهم، وكل ذلك بسبب التفسير الخاطئ للأحاديث الصحيحة التي تفيد بأن من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد رآه حقا وأن الشيطان لايتمثل به. ولكن السؤال كيف يتأكد الإنسان أن الصورة التي رآها هي صورة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ والإجابة هي أن ذلك مستحيل إلا للصحابة الذين رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرفون صورته فتلك الصورة لا يتشبه الشيطان بها، أما من هو غيرهم فلا يمكنه الجزم بأن الصورة التي رآها هي صورة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالوصف الشفهي لصورة الرسول صلى الله عليه وسلم هو وصف عام جدا ولو أتينا بمائة رسام بارع وأعطيناه ذلك الوصف وطلبنا من كل واحد منهم أن يرسم صورة للرسول صلى اله عليه وسلم بناء على ذلك الوصف لأتتنا مائة صورة مختلفةوقد لاتتطابق أيا منها مع صورة الرسول صلى الله عليه وسلم الحقيقية، لذلك لايمكن أن يكون الوصف الشفهي مقياسا يقينيا لصحة الرؤيا! لذلك لا عجب أن نرى في تاريخ الأمة من ضلوا بمثل تلك الرؤى ولعل أكبر مثال على ذلك في تاريخنا هو محمد أحمد المهدي! يقول محمد أحمد المهدي: "… هذا وقد أخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وسلم بأن من شك في مهديتك فقد كفر بالله ورسوله كررها صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وجميع ما أخبرتكم به من خلافتي على المهدية الخ… فقد أخبرني به سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة في حال الصحة وأنا خال من الموانع الشرعية لابنوم ولاجذب ولاسكر ولا جنون بل متصف بصفات العقل أقفوا أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر فيما أمر به والنهي عما نهى عنه…." صدق الكثيرون من البسطاء تلك الرؤى وصدقوا أن صاحبها هو المهدي المنتظر، وبناء على تلك الرؤى استحلت دماء مسلمين وسبيت نساءهم بعد أن تم تكفيرهم في مخالفة واضحة للشريعة، ولم يفيقوا من سكرتهم إلا حين توفي صاحب الدعوى قبل أن يبايع بين الركن والمقام ويفتح العالم ويملأ الأرض عدلا! وتكررت الرؤى التضليلية مرة أخرى في آخر مدعي المهدية جهيمان العتيبي رغم أن الأخير وصل للكعبة التي لم يصلها مهدينا السوداني! وكم من رؤى طرقت أسماعنا أيام حرب الخليج تبشر بانتصار ضدام فهزم شر هزيمة! على أن المصيبة الكبرى أن يدور تاريخنا على نفسه لنجد أنفسنا مرة أخرى وهناك من يهلل لرؤيا مضلة جمعت زورا بين سيد المرسلين ومن أجرم في حق الشعب السوداني وتلطخت يده بوزر المشاركة في سفك دماء عدد لايعلمه إلا الله من الأبرياء سواء من قتلوا بالسلاح أو هلكوا مرضا وجوعا، وكل ذلك باسم الدين والدين منهم براء يقولون ما لدنيا قد عملنا فتكذبهم قصورهم وجاههم والآكلين من صناديق قمامتهم من الجوعى! هل يعني هذا أن جميع الرؤى التي يظن أصحابها أنها نبوية باطلة؟ بالتأكيد لا، فلابد أن هناك القليل النادر من الأولياء الصالحين أصحاب الرؤيا الصحيحة التي لا تتناقض مع الكتاب والسنة أو توهم الرائي باطلا أنه أصبح من الصالحين، والمصدقة من قبل المشايخ الحقيقيين أهل السلسلة المتواصلة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم أهل الجنة التي لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم، الذين لا يأكلون أموال الناس بالباطل ولا يؤيدون سفاكي دماء الأبرياء!