نفذ الجيش الاميركي ضربات بطائرات بلا طيار استهدفت اسلاميين متشددين ودعم القوات الافريقية التي تسعى لإعادة الاستقرار الى الصومال ومالي وبعث بعشرات من فرق التدريب بعد ان حول أنظاره الى أفريقيا. ولا يزال وجوده غير ظاهر في الاغلب بل ان ذكره لن يأتي تقريبا في سياق الزيارة التي يقوم بها الرئيس الاميركي باراك أوباما لإفريقيا هذا الاسبوع. ورغم ذلك، فان وجود ما يتراوح بين 4000 و5000 فرد على الارض هو أكبر وجود عسكري للولايات المتحدة منذ التدخل في الصومال قبل 20 عاما والذي انتهى عام 1993 بالإذلال والانسحاب بعد اسقاط طائرتي هليكوبتر ومقتل 18 جنديا اميركيا. وهناك سببان وراء العودة الاميركية للقارة السوداء هما محاربة القاعدة وجماعات أخرى متشددة، واستعادة النفوذ في قارة يمكن ان تصبح مقصدا هاما للتجارة والاستثمارات الاميركية لمواجهة النفوذ المتنامي للصين. وفي منطقة القرن الافريقي تتمركز معظم القوات الاميركية في قاعدة عسكرية فرنسية في جيبوتي، وهي دولة صغيرة واقعة بين شمال الصومال واثيوبيا واريتريا. ورغم ان المسؤولين الاميركيين لا يعلقون بالتفصيل على ما يحدث في القاعدة، يقول خبراء انها وفرت موقعا تنطلق منه القوات الخاصة وطائرات بلا طيار وغارات جوية على متشددين اسلاميين في الصومال. ويقول ضباط اميركيون ان مثل هذه المهام المحدودة ساهمت في تخفيف الشكوك الافريقية الاولية في قوة (افريكوم) المتمركزة في المانيا التي تشكلت عام 2008 لجعل كل الانشطة العسكرية الاميركية في افريقيا تحت قيادة موحدة بدلا من تقسيم المسؤولية بين القادة العسكريين في اوروبا والشرق الاوسط واسيا. وفي انغولا وناميبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومناطق اخرى قام مهندسون اميركيون بتدريب نظرائهم في تلك الدول على ازالة الالغام. وفي جنوب القارة الافريقية ساعد أطباء الجيش الاميركي الجيوش المحلية على احتواء عدوى فيروس (اتش. آي. في) المسبب للايدز بينما كان التركيز في موريتانيا على تقديم المساعدة البيطرية للمزارع المحلية. وزاد تردد السفن الحربية الاميركية التي تكافح القرصنة قبالة السواحل الشرقية والغربية لإفريقيا على الموانئ الافريقية. وتحاول الولاياتالمتحدة اقناع الجيوش الافريقية بان مصالحها تصان من خلال المحاسبة الديمقراطية لا التدخل في السياسة. ويشكو منتقدون في افريقيا من ان تعامل واشنطن مع القارة السوداء أخذ طابعا عسكريا أكثر ويركز على مكافحة الارهاب. ويخشى آخرون من استغلال النفوذ العسكري الاميركي في نهاية الامر للسيطرة على موارد القارة. ويختلف مسؤولو الحكومة الاميركية مع هذا الرأي، ويشيرون الى زيارة أوباما للقارة التي تستمر ثمانية ايام وتشمل السنغال وجنوب افريقيا وتنزانيا كمؤشر على النوايا الاميركية. وقال بن رودس نائب مستشار الامن القومي الاميركي في مؤتمر هاتفي الاسبوع الماضي "هذه الرحلة تفند الرأي القائل باننا بطريقة ما نحول علاقتنا مع افريقيا الى علاقة امنية.. هذه الرحلة مكرسة تماما للتجارة والاستثمار وبناء المؤسسات الديمقراطية وللشباب واطلاق النمو الاقتصادي من خلال بعض أولوياتنا التنموية." وبشكل عام تتمكن القوات الاميركية من العمل حين تسمح لها بذلك الحكومات الافريقية وأحيانا فرنسا التي لها شبكة من القواعد العسكرية في مستعمراتها الافريقية السابقة. لكن يمكن لهذا التصريح ان يسحب بسرعة لأسباب سياسية. وفي ابريل/نيسان، الغى المغرب تدريباته السنوية (الاسد الافريقي) مع القوات الاميركية بسبب ملف الصحراء المتنازع عليها وتلميحات واشنطن بضرورة تمديد التفويض الممنوح لمراقبي الاممالمتحدة هناك ليشمل حقوق الانسان. وتخطو الولاياتالمتحدة بحرص شديد في الصومال الذي شهد انتكاسة عام 1993 حين قتل رجال الميليشيات 18 جنديا اميركيا اثناء مطاردة لاعتقال قائد ميليشيا صومالي في اطار مهمة للأمم المتحدة. ولا يزال معظم الدعم الاميركي لبعثة الاتحاد الافريقي في الصومال (اميسوم) يحدث من خارج البلاد مثل تدريب القوات في كينيا واوغندا ومناطق اخرى. وهناك صورة مشابهة تقريبا في الجانب الاخر من القارة حيث يتحرك الجيش الاميركي في الاساس لدعم الحكومات المحلية وفرنسا. وبعد الحرب في ليبيا عام 2011، انتشر السلاح والمتشددون في منطقة الساحل مما دعم صعود القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي التي سيطرت على اجزاء كبيرة من شمال مالي قبل ان تشن فرنسا حملة عسكرية هناك اوائل 2013. ووفر سلاح الجو الاميركي معظم عمليات النقل للتعزيزات الفرنسية والافريقية في مالي كما قامت الطائرات الاميركية للتزويد بالوقود برحلات طويلة من قاعدتها في انكلترا حتى الصحراء الكبرى لتزويد المقاتلات الفرنسية بالوقود في الجو. ويقول مسؤولون اميركيون وافريقيون ان واشنطن تحجم منذ زمن بعيد عن نقل المعلومات المخابراتية الهامة الى شركائها الافريقيين خوفا من ان تسقط في الايدي الخطأ. ويقول الضباط الافريقيون انهم لن ينجحوا في محاربة المسلحين المتشددين في بلادهم والمشاركة في مهام اوسع على غرار مهمة مالي، لأنهم يحتاجون لان يعرفوا كل ما يمكن عن تحركات المتمردين وأماكنهم وخططهم. وقال منصور سيك قائد الجيش السنغالي السابق وكان سفيرا لبلاده في واشنطن "الاميركيون اصدقاؤنا لكنهم في الاغلب اصدقاء لا يتسمون بالصراحة.. يسألونك عما عندك لكنهم لن يقولوا لك ما عندهم."