[email protected] …….. أزقة ضيقة ولكنها أنيقة ، تتناثر على جانبيها قهاوي حبشية تتصاعد من داخلها أدخنة (الشيشة) وقهقهات الرواد ، بالرغم من أن الضحك لغة عالمية إلا أنني إستطعت وبدون كثير عناء أن أتبين أنها سودانية بحتة ، كنت أسير راجلاً وبرفقتي صديق عزيز جداً هو من أرشدني لهذا (الفريج) وفريج في إعتقادي هي مرادف كلمة (فريق) ولست هنا أعني فريق كرة القديم بل الفريق كما ينطقها أهل القرى لدينا ، ولأن لسان الخليجيين يبدل القاف جيماً فقد أضحت لديهم فريج ، (يازول إتفضل بي جاي) أطلقت هذا النداء إثيوبية بارعة الجمال ترتدي خفاً أنيقاً وسروال قصير وفانلة تشابة السروال ضيقاً ، الشعر غجري مجنون بعضة مُضفر وأغلبة ثائر ، والاهداب ليل حنون هاديء ، الحزام خاتم وعينا ظبي تتلالأ حتى كادت تطغى على أنوار (دبي) ، وبالصدر رمانتان تتعانقان تارةً وتارةً تفترقان على وعد بلقاء قريب ، وأنا يقتلني ظمأ عازب شارف الثلاثين ، سرت مغمض العينين كالمنوم مغنطيسياً حتى ولجت القهوه ، أرشدتني لسلم صغير يقود لطابق علوي حيث يوجد مجلس صغير ، وبينما أنا في حالة الصعود لمحت نقش حناء جميل بذراعها الأيسر ، هناك تدفق ماء صلابتي الأخير ، سامرتنا قليلاً ، خدعتنا برقة لنكثر في الطلبات ، أيقنت بصدق تلك الدراسة الهولندية التي أكدت أن الرجل يتضاعف سخائه مائة مرة عند تواجد إمرأة جميلة بالجوار . خرجت وبعد زوال المؤثر قررت عدم المرور بهذا (الفريج) مرةً أخرى خشية أن أجهز به على دراهمي المعدودات ، وأدركت عندها السبب وراء قلة التحويلات (الشخصيه) من الإمارات ، ولم أقل بنكية لأن الساذج فقط هو من يحول لأهله عن طريق بنك أو صرافة من هناك ، ففارق سعر العملة في السوق الموازي يقارب الضعف ، سحر الأثيوبيات لايقاوم خصوصاً بالنسبة لنا نحن السودانيين الذين يعاني أغلبنا من شح شديد في رصيد الحنان البنكي . ذكرت أنني عقدت العزم على عدم الرجوع لهذا الفريج مرةً أخرى لكن الأقدار ساقتني لقهوة تسمى قهوة الحبشة وتلك تقع بإمارة عجمان ، وهناك رأيت عزيزة ، إحساس رؤيتها لأول مرة يقارب إحساس أن تصدمك شاحنة تجر ورائها (ترلتين) ، ليس الحسن صارخاً بل كان أهدأ من بحيرة البايكال الروسية ، إلا أن جاذبيتها تفقدك منطق الأشياء ، جمال يجعلك تتحسر على كل لحظة أضعتها في غير مطالعة هذا الوجه الجميل ، كعصفور جميل كانت تتنقل بين الطاولات ، خطواتها تبعث نشوة في القلب والروح والعقل معاً ، مشهد يحفزك على الصراخ ، وددت أن أعرف المزيد عنها ، سألت فعرفت أن سعودي تزوجها وأنشأ لها هذا القهوة التي أصبحت تجمع أغلب السودانيين المقيمين بعجمان ، لا أدري إن كانت نظراتي الوالهة جذبتها أم حظي إلا أنها جالستني ، ظننت حينها أن الغمام يحييني ، تجاذبنا حديث لطيف عن أثيوبيا والسودان ، ذكرت فيما ذكرت أن إمرأة أحدهم قدمت لمقهاها ذات مساء وصرخت بوجهها (الرجال بقوا مابقعدوا في البيت بي سببكم) ، ذكرت لها أن لدى المرأة حق ، وبسري قلت أن لدى الرجال أكثر من حق