[email protected] ……… هناك أسئلة تطل براسها مثل أطياف في الظلام ؛ مهابة لا يقربها إلا الشجعان. ولعلي استعير لوصفها عنوان مجموعة لصديقي الشاعر المبدع عالم عباس، إسمها (أشجار الأسئلة الكبرى).. أسئلة مشروعة لم يجرؤ المثقفون وأدعياء الثقافة والنخب السياسية من جنس الرجال في السودان على طرحها ..وإن طرحها البعض منهم ففي أغلب الأحوال في استحياء وبصوت خفيض! أقول نخب المثقفين والسياسيين من الرجال لأن الأسئلة عن "نون النسوة". وحتى لا نقع في حذلقة تسرق منا الوقت ونتوه بعيداً عن الموضوع الأصل أبادر فأطرح سؤالين اثنين فقط: أولاً: هل فكر أحد منا (نحن الرجال) كم هي المهانة التي تلحق بجنس الرجل – طفلاً أو صبياً أو شاباً أو كهلاً- إذ تهان أمه أو أخته أو زوجته أو بنته على مرأى ومسمع منه ؟ ثانياً: إذا كانت الحضارة انثى كما يقولون، فما هو إذن موقع القوانين والتشريعات التي تحط من كيان المرأة ، وتنزل بها أحياناً إلى درجة من الإنحطاط لا نرضاه للسوام والبهائم ؟ هل مشرعو تلك القوانين على جادة الطريق للتبشير لمشروع حضاري بأي حال؟ لست معنياً في الوقت الحاضر بالإجابة عن هذين السؤآلين بالوكالة عن زملائي الذكور السودانيين، فالرجال هنا قوامون على أنفسهم وبالامكان أن يخلو كل منهم إلى نفسه وأن يجمعوا ما تبقى لهم من "فحولة" وشجاعة للإجابة على السؤالين أعلاه. لكن دعوني أنتقل إلى لبّ الموضوع. منذ أن سطا عمر البشير وعصابته على النظام الديموقراطي جهاراً في 30 يونيو 1989 تحت كذبة إنقاذ البلاد وحتى لحظة كتابة هذه السطور يقوم الإسلامويون ويقعدون على مصدر خوف أقض مضجعهم .. فوبيا إسمها الأنثى!! أعرف أنّ فقه الإسلام السياسي – منذ مطلع القرن الماضي – تجاهل مشكلات الإقتصاد وعلم الذرة وحقوق الإنسان، حاصراً مشكلات العالم كلها في جسد المرأة ! إنّ فقهاً يحصر الدين الإسلامي السمح كله في الحيض والنفاس وغطاء رأس المرأة بحسبانه عورة لن تكون حصيلته سوى الهوس والهذيان. والأمة التي ترضى بهذا الهوس أو تحني رأسها للعاصفة لن تقوم لها قائمة! وبقدرما نتج عن سوء إدارة البلاد من مصائب مثل الجوع والمرض وباقي رزايا الفقر،وما حل بها من محق وعطش للحرية بجميع أشكالها ، بقدر ما يحدث هذا ، كان انصراف النظام لإذلال المرأة السودانية وامتهان كرامتها وآدميتها هو العنوان الأكبر لإنجازاتة. نبدأ بالحرب.. فلربما قرأ البعض تقارير منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان العالمية عن اغتصاب النساء في جنوب السودان وفي دارفور وأخيراً في جبال النوبة. لأول مرة في السودان يصبح إغتصاب إمرأة سلاحاً سياسياً لإحباط معنويات العدو وإذلاله !! ولأنَ الصمت "الذكوري"هو سيد الموقف ، تمادى الإسلامويون في جرائمهم ضد المرأة بمحاولة تدجينها وتشريع المواد الموغلة في إذلالها ، وعلى رأس تلك المواد المادة 152 من القانون الجنائي والتي تمنح شرطة ما يعرف بالنظام العام مطلق الحرية في التلصص والتجسس على هندام المرأة ، بدءاً من رأسها وانتهاء بأخمص قدميها..وكأن مشكلات الشعب السوداني كلها حسمت ، إلا من كسوة المرأة ولباسها. وبمقتضى هذا القانون المذل لآدمية المرأة ، جلد بعض النساء وحبس البعض واستدعي بعضهن لمكاتب أمن الدولة ليخضعن لأنماط من الإذلال ، منها الانتظار لساعات طويلة دون تحقيق أو مساءلة – وهو تعذيب معنوى ..ومنها الإساءة والتجريح اللفظي والضرب (نجلاء سيد احمد مثالاً) ، وقد تطال الإهانة ما هو فوق ذلك كحلق الشعر مثلما حدث للصحفية والناشطة هندوسة! أو أن تتخطى الجريمة كل الحدود الحمراء عندما يقدم ذئاب الأمن على اغتصاب أي صحافية او ناشطة وهم يرمون لإذلالها وسحق كبريائها مثلما فعلوا مع الناشطة والفنانة التشكيلية صفية اسحق! يحدث كل هذا والصمت "الذكوري" هو سيد الموقف! أمامي قائمة لبضع رموز نسائية (مثالاً وليس حصراً).. أحني لهنّ هامتي إجلالاً وتعظيماً ، فقد تكسر تحت صمودهن صلف وجبروت هذا النظام الفاشي. أزجي بعض كلمات عنهن على سبيل التذكير: فتاة الفيديو التي طوفت صرخاتها المؤلمة قارات العالم ، معلنة أنّ عصر البرابرة الملتحين ما زال يرخي ظلاله القاتمة على السودان ، وأن ا لمرأة هي ضحيتهم المنتقاة// الصحافية والناشطة لبني حسين: الجريمة هي إرتداء البنطال – والتهمة الخفية كتابة عمود صحفي تخصص في فضح النظام. الفنانة التشكيلية صفية اسحاق: حاول زبانية الأمن الحد من نشاطها السياسي باختطافها واغتصابها.. تعيش الآن بالمنفي وترسم أجمل اللوحات الفنية ، لقد كبرت على الأذى والإهانة //الصحافية والناشطة نجلاء سيد احمد..طاردوها وحطموا آلة التصويرأكثر من مرة..لكنها لم تنحن. // الناشطة جليلة خميس : تخرج من السجن لتعود إليه. التهمة أنها ظلت دائماً تفضح أياديهم الملطخة بدماء أهلها وذويها في جبال النوبة الصامدة! // حوا جنقو: صحفية وناشطة تعمل في معسكرات النازحين في دارفور..تلفيق أكثر من تهمة ضدها ومن بينها أنها تسعى لتنصير شعب دار فور !! صمدت وسجلت انتصارا إعلاميا وحقوقيا ساحقا علي النظام // أمل هباني: صحفية وناشطة نسائية ، تضامنت مع قضية صفية اسحق.. رفع جهاز أمن النظام قضية في المحكمة الدستورية ضد أمل هباني بتشويه سمعته!! وهل ينقص هذا الجهاز الفاشي من سوء السمعة أن تضيف إليه الأستاذة أمل هباني بتضامنها مع صفية اسحق أي إشانة سمعة أكبر مما لديه؟// علوية كبيدة: كل ما في الأمر أنها عضو نسائي نشط في الحركة الشعبية شمال// ثم إن هنالك سبعين (70) إمرأة حبسن بسجن كادقلي في نوفمبر 2012 ولم يطلق سراحهن إلا في يوليو الماضي..استشهدت منهن خديجة بدر بعد إطلاق سراحها متأثرة بكسور في السلسلة الفقرية والقفص الصدري (شكرا للاخت نور تاور التي رفعت بوست في هذا الموقع للتعريف بهذه الشهيدة ونضالها). تهمة هؤلاء النسوة السبعين هي التخابر مع الجبهة الثورية! التلفيق لا يحتاج عند أجهزة أمن النظام إلى كبير عناء أو اجتهاد. أصلهم كذبة وملفقون بامتياز .. ما يعدُّ جزءاً من سرِّ المهنة !! أخيراً .. المناضلة أميرة عثمان التي قذفت بطرحتها على وجه النظام العام ، إذ تتهمها مادته رقم 152 بأن عدم تغطية رأسها يعد عورة !! لقد سافرتُ كثيراً : سفر الحرف وسفر المكان. ورأت عيني ، كما سمعت أذني الكثير من ألوان البذاءات عند بعض البشر. لكني أجزم أنّ هذا النظام وأركان حكمه وجوغة مناصريه هم البذاءة تسعى على قدمين! مناشدة أخيرة.. من أجل كرامة الرجل السوداني أناشد كل صبي وشاب وشيخ مقتدر في العاصمة السودانية أن يتزود بأضعف الإيمان ليشارك في حصار محكمة المناضلة أميرة عثمان التي أجلت ليوم 19 من سبتمبر الحالي. إرفعوا لافتات الإدانة لهذا النظام الفاشي ولقانون النظام العام سيء السمعة! فلتكن محاكمة أميرة عثمان واحدة من خطى وئيدة وراسخة تتوحد فيها لبنات الثورة السودانية بهدف الإطاحة بهذا النظام الدموي الذي يكتب شهادة وفاته بنفسه كل يوم!