شدد الرئيس البشير على أن الجمهورية الثانية في شمال السودان التي ستقام بعد انفصال الجنوب، ستحكم بالشريعة الإسلامية، داعيا الآخرين من القوى السياسية إلى الانضمام إليها، في وقت اعتبرت فيه الحركة الشعبية أن الجمهورية الأولى بقيادة (المؤتمر الوطني) كانت فاشلة، شنت الحروب في الجنوب ودارفور وشرق البلاد، وانتهت بانفصال الجنوب. ودعت إلى أن تتبنى الجمهورية الثانية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وإعادة هيكلة الدولة في المركز، وحذرت من أن تذهب الجمهورية الثانية إلى منحى الأولى بانفصال مناطق أخرى في السودان. وقال البشير في احتفال جماهيري أقامته الطرق الصوفية في منطقة (الكباشي) شمال الخرطوم، أمس، إن انفصال الجنوب حسم هوية شمال السودان. وأضاف (الآن السودان حسمت هويته وبصورة نهائية، وأن 98% في الشمال مسلمون). وتابع )أصبحت الشريعة الإسلامية والدين الإسلامي الدين الرسمي للدولة)، وشدد على أن الجمهورية الثانية لحكمه بعد انفصال الجنوب ستحكم بالشريعة، وقال (دعوتنا للآخرين أن يتحدوا معنا، وسنفتح لهم الباب إلا من أبى)، في إشارة للقوى السياسية التي تطالب بقيام مؤتمر دستوري وإجراء حوار شمالي – شمالي. وأضاف (يدنا ممدودة، ليس عن ضعف أو خوف وإنما في سبيل الدعوة الإسلامية). من جهته، قال نائب الأمين العام للحركة الشعبية، رئيس قطاع الشمال وعضو المكتب السياسي ياسر عرمان، في بيان صحافي، إنه خلال الأيام الماضية تردد الحديث عن ميلاد الجمهورية الثانية في شمال السودان، داعيا إلى تقييم تجربة الجمهورية الأولى التي قال إنها انتهت بفصل الجنوب وشن الحروب على الجنوب ودارفور والشرق ومناطق أخرى وأدت إلى انهيار الريف وأعمدته، الزراعة والرعي، وإلى تدهور مريع في الخدمات وعلى رأسها الصحة والتعليم. وأضاف أن الجمهورية الأولى «جعلت الدولة دولة للحزب، ونخر عظمها الفساد، ولم تعترف بالتنوع والتعدد السياسي والإثني والديني، وانتهكت حقوق الإنسان بدرجة غير مسبوقة، وانتهت بتسونامي فصل الجنوب». وقال إنه لا تزال فى الحلق غصة ومرارة لفشل لا مبرر له، ولن يزول إلا بوحدة جديدة في اتحاد بين دولتين أو كونفيدرالية بين دولتين أو أكثر، والبداية بعلاقات استراتيجية بين الجمهورية الثانية والجنوب. وتابع (علينا أن نعمل لها جميعا، على أن تكون مغايرة للأولى، وتبنى على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإعادة هيكلة السلطة في المركز وإقامة مركز ديمقراطي يعترف بحق الآخرين في أن يكونوا آخرين في إطار سودان موحد). وحذر من أن الجمهورية الثانية ستنتهي مثل الأولى بفصل الجنوب الجغرافي الجديد أو الجنوب السياسي، وقال (وهذا ما لا نريده ولا نتمناه لبلادنا). وقال عرمان في بيانه إن الجمهورية الثانية التي يقودها (المؤتمر الوطني) بدأت بسلسلة من الاعتقالات للعشرات، من ضمنهم قيادات نسائية وشباب وطلاب وقادة سياسيون، واعتبرها انتهاكا للدستور والقانون، مشيرا إلى أن قيادات نسائية من حركته طالهن الاعتقال، مجددا مطالبة حركته بإطلاق سراح جميع المعتقلين وإيقاف الاعتقالات والاعتداء على النشاط الجماهيري السلمي. وقال (فصل الجنوب يعد كارتا اصفر على أقل تقدير لسياسات المؤتمر الوطني السابقة، ولكي يتفادى الكارت الأحمر والطرد من المباراة لا سبيل له إلا ابتدار حوار شمالي شمالي ديمقراطي وإشراك الجميع في ترتيبات دستورية)، داعيا إلى الاتفاق على مشروع وطني لبناء دولة الشمال الجديدة، وأن يتم تعميم المشورة الشعبية التي يتم تطبيقها في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان على بقية ولايات شمال السودان. وقال (أن نتخذ من المشورة الشعبية والحل العادل لدارفور مناسبة لهيكلة سلطة المركز وبناء دولة وجمهورية ثانية جديدة بالاستفادة من الجمهورية الأولى)، وتابع (إن لم يحدث ذلك فإن (المؤتمر الوطني) سيؤهل نفسه لكارت أحمر من الممكن تفاديه بتجارب الماضي والتجارب من حولنا)، في إشارة للانتفاضات في تونس ومصر. وأضاف أن جيلا جديدا من الشباب نشأ أثناء حكم (المؤتمر الوطني) يرغب في التغيير والتجديد، وعلى الجميع الاستماع لهم، وقال (العمل السياسي يشهد حزبا جديدا هو حزب الإنترنت والمواقع الاجتماعية). وقال محلل سياسي ل (حريات) بان اكثر مفهوم يتكرر في خطابات البشير الاخيرة مفهوم حكم (الشريعة الاسلامية) ، مما يشير الى انه يريد تاسيس شرعيته السياسية عليها . واضاف بان البشير يتصور حكم الشريعة الاسلامية كعقوبات ، اي قائمة اساساً على الجلد والقطع من خلاف وجز الرقاب ، وهو يحتاج الى مثل هذا التأويل للشريعة الاسلامية لانه يريد احاطة سلطته القائمة على الفساد والاستبداد بزواجر وروادع ذات صبغة دينية، ذلك ان مستوى النهب والفساد الذي يجري الآن، ووضع السودان كرابع اكثر دولة فاسدة في العالم لا يمكن الدفاع عنه باي منطق ارضي ، ولذا لابد من محاولة الدفاع عنه بمنطق (سماوي) ! وقال بان هذا المنطق ريما يضلل بعض الاغرار، ولكن الغالبية من السودانيين تلاحظ ظواهر فساد السلطة ، بما في ذلك فساد راس النظام واسرته ، وتسخر من (ذئاب النهب) التي ترتدي اثواب (الواعظين) ! واضاف بان الشريعة الاسلامية، بحسب تصور البشير، لا تتضمن مفاهيم مثل حقوق الانسان، خصوصا حقوق النساء، ولا مفاهيم مساءلة ومراقبة الحكام وتداول السلطة سلميا، ولا مفاهيم العدالة الاجتماعية، ومصالح الفقراء والتنمية، وغيرها من مفاهيم الحكم الراشد، وبذلك فانها خلاف كونها غطاء زائفا لسلطة فاسدة وطفيلية، فانها لن تكبح الجماهير من الانتفاض لاجل حقوقها ومطامحها في التعبير والالتحاق بالعصر والمدنيىة الحديثة، ويحكي التاريخ الاسلامي كيف ان صحابياً جليلاً مثل عثمان بن عفان رضي الله عنه عارض مسلمون اسلوب حكمه مما قاد الى ثورة (الامصار) او الاقاليم المهمشة، واتي انتهت بمقتله، فاذا كان هذا ما حدث للصحابي عثمان بن عفان رضوان الله عليه (حافظ القران) فماذا يحدث للبشير (حافظ أدران المال العام) ؟!.