موازنة 2014 : الإنفاق العسكري في المقدمة في نوفمبر الماضي أجاز مجلس الوزراء موجهات موازنة 2014 والتي ورد فيها : تحقيق الإستقرار الإقتصادي ، زيادة الإنتاج والإنتاجية ، تنمية الموارد ، تحقيق العدالة الاجتماعية، تحقيق الحكم الراشد وبناء القدرات. هل عبرت أرقام مشروع موازنة 2014 عن هذه الأهداف ؟ لنري الآن خبايا أرقام الموازنة لنعرف الإجابة علي السؤال . إجمالي الإيرادات والمنح المتوقعة خلال 2014 تبلغ 46.2 مليار جنيه بزيادة قدرها 42% . أما تفاصيلها فتعبر عن جوهرها زيادة الضرائب علي السلع والخدمات بنسبة 44% وعلي التجارة بنسبة 23% بينما زادت الضرائب علي الدخل والأرباح بنسبة 7% فقط الإنفاق الحكومي : قدر الإنفاق العام في 2014 بحوالي 58.2 مليار جنيه أي أن عجز الميزانية الكلي يبلغ 12 مليار جنيه هذا الإنفاق في تفاصيله يوضح التالي : قطاع الدفاع والأمن والشرطة حصل علي 11.5 مليار جنيه في 2014 بينما كان في 2013 8.5 مليار جنيه . وداخل هذا القطاع حصل جهاز الأمن علي 2.2 مليار جنيه ، بينما كان نصيبه في 2013 1.45 مليار جنيه وقطاع الاجهزة السيادية حصل علي 2.2 مليار جنيه بدلاً عن 1.5 مليار في 2013 بينما حصلت وزارة الثقافة علي 108 مليون جنيه وكل المستشفيات والمراكز الصحية حصلت علي 297.1 مليون جنيه والبحث العلمي بالجامعات 3.6 مليون جنيه . مقابل هذه الإعتمادات الزهيدة فإن المخصص للوفود والمؤتمرات في عام 2014 بلغ 10 مليون جنيه والضيافة الرسمية 7.9 مليون جنيه وبخلاف إعتمادات الأمن والدفاع المذكورة آنفاً فقد حصل هذا القطاع أيضاً علي أموال تحت بند القطاع المتنوع قدرها 1.36 مليار جنيه ، وهنالك 660 مليون جنيه وضعت تحت بند الأجور والمرتبات الممركزة واعتمدت 100 مليون جنيه للإنتخابات والإستفتاء و77.5 مليون للطوارئ . أما مشروع الجزيرة فحصل علي صفر جنيه في موازنة التنمية ومشروع مكافحة الدرن والملاريا والايدز علي 3 مليون جنيه فقط . الملاحظ أن عائدات الكهرباء ليست ضمن الموازنة وأن شركة أرياب بلغ مساهمتها في الموازنة لهذا العام 2013 صفر جنيه وكذا الشركة السودانية للاتصالات . إذن لم تعبر الموازنة عن أي من أهدافها المعلنة ، بل في ثناياها زيادة جديدة في أسعار المحروقات لأنها زعمت أن هنالك دعما للمحروقات قدره 5 مليار وللقمح 1.5 مليار جنيه . موازنة حرب : ومنذ أمد طويل حذر الحزب الشيوعي من مآلات الأجندة الحربية والتي تعبر عنها الموازنة السنوية بالمزيد من تخصيص الأموال للامن والدفاع في وقت تتهاوي فيه القطاعات الإنتاجية وتتدني الأجور والمعاشات وتنخفض فيه قيمة الجنيه وترتفع معدلات التضخم والبطالة . وإن استمرار الحرب وسياسات التحرير الاقتصادي هي سبب أزمة الاقتصاد و أن«الإنفاق العسكري والأمني» هو سبب رئيس من أسباب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، وأن الدولة تنفق فيه أكثر من 13 مليار جنيه، استنادا إلى ما ورد في الميزانية الرسمية، رغم أن الأرقام الواردة في الميزانية غير حقيقية لأنها تجاهلت التسليح والعتاد وتمويل العمليات العسكرية، مما يؤكد وجود «صرف خارج الميزانية» يذهب للإنفاق العسكري والأمني. وفي الوقت الذي تخصص فيه جل الأموال للآلة العسكرية الحكومية فإن المواطنين يعيشون ضائقة معيشية كبيرة تخلوا بسببها عن الكثير من الضروريات للبقاء على قيد الحياة، وإن السياسات الاقتصادية ألحقت ضررا بالغا باقتصاد البلاد وتطوره المستقبلي، لكونها تؤدي لخفض الإنتاج والإنتاجية، وإلى تراجع إعادة إنتاج القوى العاملة خرافة الدعم : في يوليو الماضي اعتبر الحزب الشيوعي أن زيادة أسعار المحروقات البترولية ستقود الى ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات الأخرى، كما انها تلحق الضرر بالزراعة والصناعة والنقل ومجمل النشاط الاقتصادي. وقال بيان صادر من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي آنذاك أنه تبعاً لذلك سترتفع معدلات البطالة والتضخم وستتدني الأجور الحقيقية وتستفحل الضائقة المعيشية. وطالب الحزب بأنهاء الحروب مبيناً ان ذلك اصبح ضرورة ملحة من أجل التنمية والصرف على الخدمات الهامة مثل التعليم والصحة وزيادة الأجور. واضاف ان الدوافع الحقيقية وراء الزيادات القادمة في الأسعار تتخلص في تمويل الانفاق البذخي لاركان النظام وتمويل الحروب وعدم اتخاذ أية خطوات جادة في مواجهة الفساد وفي استرداد الأموال المنهوبة وغيرها. وقال ان الحكومة لا تدعم المحروقات البترولية ولا الكهرباء ولا السكر ولا اية سلعة أخرى. واضاف ان النظام يحقق ارباحاً طائلة من بيع تلك السلع وذلك ببيعها بأسعار عالية، حتى عندما تنخفض أسعارها عالمياً. واوضح ان الحكومة تصدر قسماً من البنزين المنتج محلياً وان ميزانية 2013م تقدر عائدات الصادر بمبلغ 363 مليون دولار وأن انتاج الجازولين المحلي يعادل 70% من الاستهلاك بينما يغطي الباقي عن طريق الاستيراد. واشار الى ان الايرادات الحقيقية تصل الى 8 مليار جنيه في العام. وابان انه استناداً على التكاليف الحقيقية لانتاج وتكرير النفط فأن النظام يربح (12) جنيهاً في جالون بنزين و7 جنيهات في كل جالون جازولين. واشار البيان انه كلما تفاقمت الأزمة الاقتصادية تتكرر الادعاءات برفع الدعم عن المواد البترولية من اجل تغطية عجز الموازنة بينما يعلم الجميع ان الحكومة لا تدعم السلع خاصة المشتقات البترولية، كما ان الحكومة غير قادرة بطبيعتها على خفض انفاقها المفرط، ولا ترى مصدراً لتمويل هذا الانفاق سوى جيوب المواطنين التي أفرغتها الضائقة المعيشية. ودعا البيان الى اسقاط النظام الشمولي وقيام البديل الديمقراطي لتجاوز الأزمات الماسكة بخناق الوطن. ودعا للوقوف صفاً واحداً لمقاومة زيادة الأسعار والأتاوات والضرائب المقبلة. الآن يتكرر السيناريو في موازنة 2014 التي ضمنت الدعم في مصروفاتها تمهيدا لرفع الأسعار بحجة رفع الدعم .