استرداد الأموال المنهوبة أم زيادة الأسعار يناقش المجلس الوطني هذه الأيام تقرير المراجع العام لسنة 2012 ، دون أي إشارة لما فعلته الحكومة والمجلس نفسه بشأن المخالفات المالية ونهب الأموال المرصود في تقرير المراجع لسنة 2011 . للتذكير وللتدليل أن الفساد يحظي بالرعاية الرسمية نعيد هنا ما أورده المراجع العام في تقريره السابق ونختتم بالقول أن الفساد لا زال مستمراً . من تقارير الفساد في الولايات في تقارير المراجعة العامة خلال السنوات الماضية ، أدلة دامغة علي الفساد المستشري بالولايات ، ولأن الفاسدين في مواقع اتخاذ القرار ، فإن النهب يتكرر وبمعدلات متصاعدة . أدناه بعض النماذج من تقارير المراجع العام في سنوات ماضية . ولاية جنوب دارفور : كشف تقرير المراجع العام بالولاية عن زيادة حالات الاعتداء على المال العام بالولاية مقارنة بالعام الماضي، وأشار التقرير الذى أودعه منضدة مجلس الولاية التشريعي يوم الأربعاء 21/12/2011م المراجع العام للولاية الاستاذ/ بهاء الدين احمد بهاء الدين الى ان جملة المبلغ المعتدى عليه بالوحدات الولائية والاتحادية بلغ (1,212,979)جنيه بجانب ثلاثة ارانيك مالية مقارنة ب(279,162) جنيه فى العام السابق، وأبان ان ما تم الاعتداء عليه من المال بالهيئات ومؤسسات الولاية فقط يبلغ (39%) من جملة المال المعتدى عليه بالإضافة الى التزوير فى الإيرادات (34%) وعدم سداد السلفيات بلغ (32%) من جملة المال المعتدى عليه ولاية الخرطوم :. رسم مدير جهاز المراجعة القومي بولاية الخرطوم أثناء تقديمه تقرير المراجعة للعام المالى 2007 صورة شاحبة عن الاداء المالى بالولاية واشار الى أن الفساد أخذ فى الازدياد بمتوالية هندسية، حيث بلغت حالات الاعتداء على المال العام (المكتشفة) بالولاية 21 حالة، وان جملة المال المعتدى عليه بلغت 479803 جنيه مقارنة بمبلغ 190704 جنيه عن العام الماضى،بنسبة زيادة 151% الى جانب 8 شركات تساهم فيها الولاية بنسبة اكثر من 20% لم تقدم حساباتها للمراجعة. وكشف المراجع العام بولاية الخرطوم عبد المنعم عبد السيد فى تقرير قدمه أمام نواب مجلس تشريعى ولاية الخرطوم أن الاعتداء على المال العام شمل خيانة الامانة التى بلغت 174803 جنيه بينما بلغ التزوير والاختلاس 305000 جنيه واوضح أن 7 من هذه الحالات فصلت فيها المحكمة وهناك 5 حالات أمام المحكمة ، بينما 4 حالات أمام النيابة ، 5 حالات إجراءات ادارية وأكد عبد السيد ان هنالك ارتفاعا فى حالات الاعتداء على المال العام بلغت 151%عن العام الماضى، مشيرا الى أن الصرف على الحوافز والمكافآت غير معقول ويعد اعتداء على المال العام،مشيرا الى صرف عدة حوافز ومكافآت فى شهر واحد لعامل واحد تحت مختلف المسميات وصلت الى 40 مسمى للحوافز ،وبلغت نسبة الصرف على الحوافز والمكافات 201287 جنيها بنسبة 321% من المرصود لها لكن بصورة غير جنائية. وتابع إن الدعم الاجتماعى ليست لديه اية أسس واضحة وغير عادل لكنه رجع وقال إن المال المسترد بلغ 69%من اجمالى المال المعتدى عليه ولاية القضارف : أما فيما يلي الهيئات الحكومية بالولاية التي تتمثل في هيئة مياه القضارف وهيئة الزراعة الآلية وهيئة الأوقاف الإسلامية فقدمت هذه حساباتها حتى العام المالي 2010م وأدرجت ضمن خطة المراجعة لعام 2011م 2012م، غير أن المراجع كشف في تقريره تجاوزات لوزارة المياه والري والسدود بالصرف خارج الموازنة وتحويل مبلغ (1.607) مليار جنيه من الهيئة القومية للمياه الخرطوم لحساب الوزارة في اكتوبر 2010م لشراء طلمبات الضغط العالي ووضع المبلغ بحساب الدائنين بالوزارة بدلا من إظهاره ضمن إيرادات وزارة المالية حسب تصميم الموازنة العامة لعام 2010م وأشار التقرير إلى أن المبلغ تم التصرف فيه خارج إطار الميزانية إيرادا وصرفا، الأمر الذي يفضي إلى عدم إعطاء صورة حقيقية لإيرادات الولاية واقتناء الأصول غير المالية والمركز المالي الحقيقي للولاية لعام 2010م، إلى جانب عدم التقيد بقانون الاعتماد المالي للعام المعني وعدم التقيد بقانون ولائحة الإجراءات المالية والمحاسبية، وطالب التقرير بمواصلة الجهود نحو تفعيل الرقابة على منع تجنيب الإيرادات والصرف خارج إطار الميزانية. لقد جاء من ضمن السياسات المالية في موازنة 2013 –المنهارة - ما يسمي بتوسيع المظلة الضريبية وتنمية الإيرادات الضريبية ومراجعة فئات رسوم الخدمات لتتناسب مع التكلفة ، ومراجعة رسوم الموانئ البحرية والطيران المدني وكل الوحدات الخدمية بما معناه فرض المزيد من الرسوم والجبايات علي الناس . ولم تنس تلك الموازنة – الكارثة – أن تؤكد علي الاستمرار في خصخصة مرافق القطاع العام وتوجيه جل الإنفاق للأغراض العسكرية تحت دعوي احتواء تداعيات الاستهداف الخارجي للسيادة الوطنية وقيادة الدولة وتأمين مقومات الدفاع عنها . الآن تسير موازنة 2014 علي خطي سابقتها المنهارة ، فالأهداف تنسفها الأرقام والأولويات الموضوعة في الموازنة الموازنة قدرت الإيرادات والمنح هذا العام القادم ب 46.2 مليار جنيه بزيادة 83% عن إيرادات العام السابق المقدرة ب 25.2 مليار جنيه ، مثلت الضرائب نسبة 60.5% . هيكل المصروفات يكشف عن الوجهة الحقيقة للإنفاق إذ يخصص 12.8 مليار جنيه لقطاع الأمن والدفاع والشرطة وللقطاع السيادي ( القصر وملحقاته ) 2.1 مليار جنيه وللقطاع المتنوع ( سفر الوفود والمؤتمرات والاحتياطي لتمويل نفقات البطانة الفاسدة ) .... مليار جنيه فكم إذن يبقي للصحة والتعليم والخدمات الأساسية !! لا يبقي إلا النذر اليسير والذي تكشف عنه موازنة الصحة البالغة 0.6 مليار والتعليم 0.9 مليار والقطاع الاجتماعي 0.14 مليار ومجمل المرصود لقطاعي الصحة والتعليم في طول البلاد وعرضها يساوي 1.5 مليار جنيه ، في وقت تبلغ فيه موازنة جهاز الأمن الوطني في مشروع موازنة 2014 2.2 مليار جنيه ولم تحصل الثقافة والإعلام من ميزانية 2014 إلا علي 108 مليون جنيه وبحسب الأرقام الواردة في موازنة 2014 فإن النمو المتوقع في الناتج المحلي يبلغ 2.6 % في وقت لا يحصل فيه مشروع الجزيرة علي أي جنيه في موازنة 2014 وبينما تبلغ المساهمة المتوقعة للحكومة في رؤوس أموال هيئات وشركات لا علاقة لها بالخزينة العامة ، 669 مليون جنيه فإن العائد المتوقع من هذه المساهمة يبلغ 115 مليون جنيه ولم يزد في 2013 عن 78 مليون جنيه مما يثير التساؤل عن جدوي هذه المساهمة وفائدتها للاقتصاد ،