رسم مدير جهاز المراجعة القومي بولاية الخرطوم أمس الاول أثناء تقديمه تقرير المراجعة للعام المالى 2007 صورة شاحبة عن الاداء المالى بالولاية واشار الى أن الفساد أخذ فى الازدياد بمتوالية هندسية، حيث بلغت حالات الاعتداء على المال العام (المكتشفة) بالولاية 21 حالة، وان جملة المال المعتدى عليه بلغت 479803 جنيه مقارنة بمبلغ 190704 جنيه عن العام الماضى،بنسبة زيادة 151% الى جانب 8 شركات تساهم فيها الولاية بنسبة اكثر من 20% لم تقدم حساباتها للمراجعة. وكشف المراجع العام بولاية الخرطوم عبد المنعم عبد السيد فى تقرير قدمه أمام نواب مجلس تشريعى ولاية الخرطوم أن الاعتداء على المال العام شمل خيانة الامانة التى بلغت 174803 جنيه بينما بلغ التزوير والاختلاس 305000 جنيه واوضح أن 7 من هذه الحالات فصلت فيها المحكمة وهناك 5 حالات أمام المحكمة ، بينما 4 حالات أمام النيابة ، 5 حالات إجراءات ادارية وأكد عبد السيد ان هنالك ارتفاعا فى حالات الاعتداء على المال العام بلغت 151%عن العام الماضى، مشيرا الى أن الصرف على الحوافز والمكافآت غير معقول ويعد اعتداء على المال العام،مشيرا الى صرف عدة حوافز ومكافآت فى شهر واحد لعامل واحد تحت مختلف المسميات وصلت الى 40 مسمى للحوافز ،وبلغت نسبة الصرف على الحوافز والمكافات 201287 جنيها بنسبة 321% من المرصود لها لكن بصورة غير جنائية. وتابع إن الدعم الاجتماعى ليست لديه اية أسس واضحة وغير عادل لكنه رجع وقال إن المال المسترد بلغ 69%من اجمالى المال المعتدى عليه. ويرى المراجع العام الاسبق لحكومة السودان محمد على محسى أن اى فساد مالى يبدأ من عدم المراقبة الدقيقة والضبط الداخلى لاى مؤسسة وفى حالة نظام الضبط الداخلى تكون غير محكمة يكون الناتج الفساد، وتتمثل أهمية الضبط الداخلى فى المؤسسات فى تفادى أى خلل فى المال العام، وقال إن نظام الضبط الداخلى نظام لابد أن يكون محكما وتكون فيه المراجعة أولا بأول حتى تكتشف الخلل لكن للاسف عملية الضبط الداخلى غير مطبقة بالطريقة الصحيحة، وأشار الى أن الضبط الداخلى يشمل المراجعة الداخلية ، وتابع ان الهيكل الادارى لاى مؤسسة تقع على عاتقه المسؤولية الاولى فى عملية الضبط فإذا لم تتوفر فيه الرقابة الداخلية أولا ويكون العمل موزعا حتى يضمن جودة الاداء يكون الناتج مزيدا من الفوضى المالية ،بالاضافة الى تنقلات الموظفين ويرى أن الموظف لابد أن يتم نقله من ادارة الى اخرى كل سنتين بغرض إبعادة من مداخل ومخارج الفساد،واشارالى ان النظام المحاسبى نفسه فى المؤسسة لابد أن يكون بصورة متقنة ومجودة فإذا لم يكن النظام المحاسبى متقنا يؤدى الامرالى فوضى داخل المؤسسة ،وعزا أسباب الفساد ايضا الى التفويض الادارى( كحق التوقيع) خاصة فى المسائل المالية الذى بدوره يؤدى الى الفساد لذلك لابد أن يكون محكوما ومعروفا وحدوده معروفة . ويتابع أن عدم كفاءة الموظفين ايضا من الاسباب التى تؤدى الى الفساد لذلك كان التأهيل فى الماضى افضل من صورته الحالية وأن الجامعات الان أصبحت تخرج موظفين غير مؤهلين ،ويذهب الى أن التعيين السياسى فى المؤسسات سيما فى العمل الادارى والفنى أدى بدوره الى هذا الخلل والفساد لذلك ينتهى الامر الى الاختلاسات التى تبرز فى تقارير المراجعة، معتبرا أن عدوى الفساد تنتقل من قمة الهرم الوظيفى الى قاعدته واختتم حديثه بالقول أذا لم نعالج كل هذه الامور فالمال العام عليه السلام الامر الذى يؤدى الى طوفان من الفساد يصعب ايقافه . وفيما يتعلق بالحوافز والمكافآت اشارالتقرير الى أنه رغم صدور لائحة أسس وضبط الحوافز والمكافآت بالولاية فى مايو 2004 بغرض تنظيم وضبط منح الحوافز والمكافآت بوحدات الولاية، الا أن عددا من الوحدات لا تتقيد بهذه الاسس الواردة باللائحة إضافة الى صرف حوافز ومكافآت فى شهر واحد لعامل واحد تحت مختلف المسميات وصلت الى 40 نوعا ومسمى للحوافز الامر الذى يؤدى الى خصمها على بنود غير مخصصة حيث أصبحت معظم بنود الفصل الثانى متاحة للصرف منها على الحوافز واعتبر التقرير هذا الامر مخالفة لقانون الموازنة وصرفا غير معقول الامر الذى يتطلب مزيدا من الاجراءات والضبط . واوضح التقرير أن هنالك عددا من الشركات والهيئات والصناديق والمؤسسات بالولاية الى جانب ديوان الزكاة الولائى لا تقفل حساباتها ضمن الحساب الختامى للولاية وانما ترفع حساباتها لمجالس اداراتها ورئاستها . وأضاف التقرير أن الوحدات الخاضعة للمراجعة بالولاية 89 وحدة منها 21 وحدة ضمن موازنة الولاية وحساباتها تقفل بالحساب الختامى للولاية وعدد 32 وحدة عبارة عن رئاسة ومكاتب الضرائب بالولاية تتأثر حسابات الولاية بإيراداتها. واشار التقرير الى ان الوزارات نفذت الفصل الاول بنسبة 78 % لكن رغم الوفرة الظاهرة نجد أن الامانة العامة للحكومة تجاوزت بنسبة 26% من المصدق لها بينما بلغ التنفيذ الفعلى للمحليات 89% من المصدق. ويرى التقرير أن هنالك خلطا بين التكافل والرعاية الاجتماعية بالفصل الثانى وبند القطاع الاجتماعى بالفصل الرابع التنمية، الامر الذى ادى الى الصرف على المساعدات والاعانات على القطاع الاجتماعى بميزانية التنمية وهذا مخصص للمنشآت ذات الطابع الاجتماعى ومثل هذا الصرف يعتبر صرفا على اوجه غير مخصصة للصرف وفيما يختص بالارصدة النقدية بالبنوك اشار التقرير الى عدم تطابق ارصدة البنوك الدفترية لبعض الوحدات مع الرصيد الظاهر بالحسابات الختامية لها كما أن البعض اظهر رصيدا شاذا ومكشوفا كمحلية جبل اولياء مما يعنى ضعف الاشراف والرقابة الادارية ويتطلب الامر مزيدا من الدقة واجراء الموازنات البنكية ومطابقتها وارفاقها مع الحساب الختامى. وطالب المراجع العام بوضع المزيد من ادوات الضبط الداخلى والرقابة للحد من هذه الحالات وتابع هنالك بعض المخالفات المالية نتيجة لضعف تطبيق القوانين والمنشورات المنظمة للعمل المالى والمحاسبى ممثلة فى مبالغ تم صرفها دون وجه حق وتكرار ظاهرة فقدان الارانيك. بينما ترى الدكتورة نجاة يحيي أستاذة الاقتصاد بجامعة شرق النيل أن مثل هذه التقارير تظهر كل عام بنفس الصورة تظهر التعدى على المال العام وليس هنالك جديد وعزت هذا التكرار فى الفساد الى عدم وجود أجهزة محاسبة قوية اضافة الى عدم الشفافية واستغلال المناصب على أعتبار أن اصحاب المناصب بعيدين عن المحاسبة، وقالت إن الشركات التى لم تقدم حساباتها الختامية هى نفس الشركات التى تتهرب من الضرائب «وهى شركات محمية « وقالت إن الحل الناجع يتمثل فى وجود قانون واضح ورادع فى نفس الوقت، اضافة الى وجود أجهزة قوية تنفذ هذا القانون فإذا لم نطبق القانون فلا محالة سنسير فى سلسلة من الفوضى والاعتداء على المال العام بصورة أكبر من التى نراها الآن.