ابادماك سوداني [email protected] في جو من الصمت يساق السودانيون الي مجاهل لايعرفون مصائرهم فيها حيث يبحر واقعهم بلا وجهة ولاساحل في عباب تلاطمات الأمواج الهادرة من الإنهيار لدولتهم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. هذه الحيرة التي عصفت بالسودانيين بعد ان بلغت ذروة إنعتاقهم منها عبر سبتمبر بمهرها بدماء مئات الشباب والالاف من الجرحي والمصابين والمعتقلين. فمازال نظام الإستبداد والفساد والكهنوت يدفعهم نحو حتفهم محتارين في الخلاص من براثنه وهم يرون كل ورقة من التوت لم تعد تستر ولو نذر يسير من عورته ولو إدعي وتزلف بأستار الحوار والوفاق والمصالحه. تشتد الحيرة ويشتعل أوارها عندما يفتقد النضال قادته وثواره الذين يتقدمون شعبهم ويضيئون له طريق الخلاص وعندما يتوارب الفرز بين الغث والثمين وبين الزيف والحقيقه وبين المرجئه والجذريين بل تشتد الحيرة عندما يطول الإنتظار لوميض جديد يستحث الحراك الذي خبا. وكلنا ثقة بأنها النار التي تحت الرماد وما الحيرة سوي الترقب وإعداد خفي لمايضفي وجوده علي خارطة المشهد من جديد أكثر قوة وعنفوان وإرادة منتصرة نحو الخلاص. يعتقد كثير من المراقبين أن الأوضاع مفتوحة علي مصرعيها تشاؤما وتفاؤلا ومايهمنا هنا ليس العواطف والرغبات او تعدد الإحتمالات التي تدفع بالحيرة بصورة لانهائية وعليه لابد من تجسير ورفع قاطرة التغيير الي بلوغ اهدافها وردم هوة فراغات الحراك الثوري ووصل إنقطاعاتها. فاليصالح من يصالح وينبطح من ينبطح وليتخاذل من تخاذل أفبعد كل هذه التجارب هل مازال بعض الحائرين لايعرفون الطريق الي الخلاص؟ لأحد أصدقائي حكمة ظل يرددها دائما :- الطريق يصنعه المشي. فقط علينا ان ندرك أنه عندما نخطو الي الأمام نصنع طريقنا الي الخلاص فمرد الحيرة والصمت في الوقوف وترهات التفرج والإنتظار. ولماذا الحيرة اذا كان التراكم الثوري يجسد اوضح دلالة لكفاحنا المتواصل نحو الخلاص بل وقد إنطبعت صور الخالدين الأماجد من شهدائه علي امتداد اذهان السودانيين مضرجين بدمائهم وفي زهرة ريعان شبابهم تم قتلهم بدم بارد. لماذا الحيرة والصمت وقد حملت اجسادهم كل ذرة من تراب الوطن عندما يلفحنا الغبار في كل طقس من اجوائه لندرك بأنه :- كفي صمتا وحيرة فقط هو الفعل والخطو نحو المسير في طريق الثورة والخلاص. فالحيرة والصمت وجهان لايمثلنا حقيقة الوقائع القادمه ستتضح ثورتنا وتتكشف مألاتها عندما نخطو الآن علي وجه مغاير ونطرق مساحات جديده لم نألفها ليست ذات فجوات او تباعدات متقطعه إنها مساحات العمل اليومي المستمر المتعاظم المتضخم ككرة من الثلج لتكتسح دومينو السلطه وعسكرتارياتها الإنكشاريين وحلفاءها التقليديين.