[email protected] أنباش لن تسعف السودانيين رائعة الجابري (حد يشعر بالسعادة يمشي يختار البعاد)، ولن تنشلهم كلمات عبد المنعم عبد الحي (يوم السعادة تفوت يا ناس تخليني بين الحياة والموت) أو رائعة الكاشف (حياة الحب أسميها السعادة بكل معانيها) من حالة (التبويز) والتجهم التي أصابت دواخلهم ثمّ استشرت حتى طفرت إلى سطح الوجوه عبوسًا.. وكالعادة سيمر ال 20 من مارس والذي اعتمدته الأمم المتحدة يومًا دوليًا للسعادة (عااااادي يا فردة وكأنه مافي حاجة) ولن يتحسر فيه السودانيون على حلولهم في المرتبة ال (124) من جملة (156) دولة في معيار قياس السعادة العالمي لعام 2013. وأغلب الظن (وبعض الظن إثم) أنّ حديث أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون: (العالم بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة والرفاهية المادية والاجتماعية وسلامة الفرد والبيئة ويصب في تعريف ماهية السعادة العالمية) سيكون بالنسبة للسودانيين من باب (فلاشات المنظمات الدولية) وهرطقة مثالية لم ترها أعينهم أو تسمعها آذانهم أو تخطر على قلب بشر سوداني قط.. فالمحاور الرئيسية لمؤشر قياس السعادة (التعليم- الصحة- التنوع البيئى الثقافي- المستوى المعيشي) هي ذات المعضلات التي تقعد بالسودان، ويعاني منها حينًا من الدهر، وما يزيد الطين بلة أنه لا تلوح في الأفق أي بوادر ضوء تبشر بأنّ القادم أحلى، ولسان الحال كما تغني فرقة عقد الجلاد (كل ما نقول كملنا الشيلة تتطلع شيلة باكر أتقل). وحازت الدنمارك مرتبة أكثر شعوب العالم سعادةً، وتليها النرويج، سويسرا، هولندا، السويد، كندا، فنلندا، النمسا، أيسلندا، أستراليا، والملاحظ أنّ معظم هذه الدول لا تكاد تعد غنية أو فاحشة الثراء فمثلا سنغافورة وسلطنة بروناي – وفقًا لقائمة مجلة فوربس- أغنى من الدنمارك والسويد؛ اللتين حققتا السعادة بسبب الاستقرار الاجتماعي والتعافي السياسي والذي بطبيعة الحال ينعكس على الاستقرار الاقتصادي.. فالمال وحده لا يكسب السعادة بل الحرية السياسية وغياب الفساد والشبكات الاجتماعية القوية بوصفها العوامل الأكثر فاعلية في أدوات السعادة، وبدون أن نمتلك هذه الأدوات سيقبع السودان كسيحًا في وادي الفرحة يقتله الفقر، وليته كان فقرًا جراء قلّة الموارد أو الخيرات، بل فقر بفعل فاعل وسياسة سائس (وإيّاك إعني ياجارة) فضلا عن سوء الإدارة وفساد الساسة والشمولية. ولمن فاته التقرير فقد جاءت الإمارات في المركز 14 عالميًا والأولى عربيا، وحلت سلطنة عمان في المركز ال23 وثاني الدول العربية، وقطر في المركز 27 وهي ثالث دولة عربية، والكويت 32، والسعودية 33، الجزائر 73، الأردن 74، ليبيا 78، البحرين 79، لبنان 97، المغرب 99، تونس 104، العراق 105، (فلسطين 113)، السودان 124، وأتت سوريا في المركز 148. وذكر التقرير أنّ أسرائيل أكثر الدول سعادة في الشرق الأوسط ( في المركز ال 11 عالميًا) بينما الدول العربية التي شهدت ما يسمى ب (الربيع العربي) هي أقل الدول سعادة في الشرق الأوسط … وأطرف ما في الأمر و( شر البلية ما يضحك) أنّ فلسطين التي تعاني من ويلات الحصار والاحتلال وتنكيل العدو الصهيوني بأبنائها جاءت في التقرير قبلنا.. سعادة لله يا محسنين.