بسم الله الرحمن الرحيم اللجنة التمهيدية لمنسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية بأوروبا والشرق الأوسط – قطاع الولايات الوسطى . بيان هام قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء:97]. صدق الله العظيم الإخوة رفقاء الدرب والسلاح في كل الأجهزة العسكرية والأمنية عموماً وإخوتنا في القوات المسلحة أبناء الكلية الحربية السودانية مصنع الرجال وعرين الأبطال خصوصاً والإخوة أبناء الإقليم الأوسط في السودان القديم بصورة أخص . السلام عليكم ورحمة الله في البدءنعتذر لإخواننا الشهداء الذين روت دماؤهم الطاهرة أديم هذه البلاد دفاعاً عنها , وإلى الذين يرابطون الآن , لكم يحز في أنفسنا أن نترككم ونذهب لبلاد الغرب نترككم وأنتم تعانون ويلات الحرب والقصف والرصاص والحر تارةً والبرد تارةً أخرى في شتى بقاع السودان , كما تعانون وأبناؤكم الجوع والمسقبة فلا إمداد يملأ البطن ولا مرتب يقي أبناءكم الجوع , كما يحز في أنفسنا وأنفسكم أنا معاً قمنا بإخلاء كثيرٍ من المواقع بعد مقاومةٍ بسيطةٍ منا أودون إبداء مقاومةٍ حتى في كثيرٍ من المرات , معللين ذلك في جلساتنا القليلة التي يختفي فيها صوت الرصاص , بأننا لن نقتل أنفسنا في سبيل حماية الفاسدين , فكثير من السياسيين والذين أتوا من أسر فقيرة مثلنا لا يمضي على إستوزارهم وقت قليل حتى تظهر العقارات الشامخة والمتلكات الضخمة ولا أحد يحاسب أو يسأل من أين لك هذا ؟, بل وحتى هناك من يشغلون وظائف عادية لا وصف لها بالقانون والدستور , لم يلبثوا أن جرت في أيديهم أموالٌ طائلة دون حسيبٍ أو رقيب , ونحن هناك في الثغور مع جوعنا وعوزنا وحاجة أطفالنا لا يأبه لنا أحد ويراد لنا أن نكون في المحرقة حمايةً لهؤلاء الفاسدين كما كنا نقول , والله كم كنت أكره أن أموت هناك ليس خوفاً من الموت الذي يمكن أن يأتي في أية لحظة ولا مفر منه كيف يكون الخوف وكثيراً برفقتكم قد جابهنا الرصاص وإحتوتنا الخنادق في مجابهة العدو لأيام , بل خوفي لإيماني أن الله سيقذف بي في النار لأني كنت أعلم أني أدافع عن مفسدين كنزوا الأموال التي إقتطعوها من قوت الفقراء بوسائل شتى من التحايل والغش والتدليس وزين الشيطان لهم هذا الصنيع فأصبحوا يتباهون أيهم أفخم قصراً وأعلى مبنىً . كنا نقول في إستراحاتنا فليأتي أهل هذه الأموال والمناصب الراقية والمكاتب الفخيمة ليحموها فهم أولى وأجدر بذلك منا , لكن لا أحد من تلك القطط السمينة أو أبناؤهم يأتي إلى هناك بل يذهبون لمراقدهم الوثيرة آمنين مطمئنين كل ليلة , ونحن نلتحف الأرض وتغطينا السماء , ونجابه بالمهالك أقلها الحيات والعقارب والبعوض , ويذهب أبناؤهم للدراسة في الخارج منعمين لا تشوكهم شوكة ثم يعودون ليحصلوا على وظائف مرموقة أو تجارة رابحة أويحصلون على عطاءات قيمة دون منافسة , وأولادنا نحن يعانون الجوع والمرض والإهمال والمستقبل القاتم , لتستمر ذات المتوالية بأن يكونوا أداةً طيعةً في أيدي هؤلاء كما كنا نحن أداةً بين أيدي أباءهم يحركونها ويقلبونها وينقلونها كيف شاءوا , ونحن كقطعان غبية نقتل انفسنا دفاعا عن أولئك المترفين وأبنائهم . أما من يسمون بالمجاهدين زوراً فهم ليسو إلا مرتزقة ومأجورين فكل منهم حصل على إمتيازات لا يحصل عليها غيره بل ولبعضهم شركات ضخمة نهبوها من قوت الشعب مستقلين تلك الإمتيازات الإستثنائية , والبعض ما زال يخدعنا ويخدع نفسه أنه يقدم عملاً لوجه الله دون أن يسأل نفسه كيف أكتسب هذه الأموال , والله لو شئنا لذكرنا كل إسم مقروناً بشركته أو عقاره . نقول هذا ونحن لم ندخل الجيش بحثاً عن ثروة بل نحن مع برنامج المؤتمر الوطني قلباً وقالباً لكن ليس البرنامج المطبق في الواقع بل ذاك البرنامج المكتوب على الورق والذي تركوه وراء ظهورهم كما تركت اليهود التوراة , إن عاد ذلك البرنامج وكانت هناك أرادة حقيقية لتطبيقه تحاسب كل مقصر وتقطع يد كل سارق , فنحن مستعدون للموت من أجله ألف مرة . إخوتي أبناء قبائل الإقليم الأوسط في السودان القديم , ولكم يحزنني أن أتحدث بهذه القبلية والجهوية الضيقة لكنها شئنا أم أبينا في القوات المسلحة تمشي سافرة لا يراها إلا متعامٍ عنها , فأبناء الشمال يحصلون على المواقع المميزة , ثم قاسمهم فيها أبناء الغرب والشرق الذين كونوا حركات مسلحة إنتزعوا بها حقوقهم من براثن أهل الشمال , أما أهل الجنوب فقد حصلوا على دولةٍ كاملة , ليصبح أبناء الولايات الوسطى هم المهمشون الجدد في السودان الجديد . وكمثال بإعتبارنا من الضباط الوطنين تم تنويرنا بما عرف بمحاولة ود إبراهيم الإنقلابية لنكون مؤيدين له في وحداتنا ما يسهم في تثبيته , لكم كان بعضنا معترضاً على مشاركة أبناء الولايات الوسطى فيه لأن المهم هو برنامج دولة فإن نجح تحت قيادة ود إبراهيم وأبناء الولايات الأخرى فستختفي القبيلية والجهوية والمحسوبية وإن فشل الإنقلاب كما هو حدث بالضيط فستدخل كثير من التسويات والقبليات والحسابات الجيوسياسية والأهل والمعارف وكما يقولون ( العرق يحن لبعضه ). , أما إن تسنم قيادة الإنقلاب أبناء قبائل الولايات الوسطى وفشل فسينهمر الرصاص على صدورهم دون محاكمة حتى أو يعلقون على المشانق في الشارع العام وسيتباهى جلادوهم قائلين أنظروا كيف نفعل بسفهائنا , فهؤلاء لا يأبه لهم أحد , ويقف أبناؤهم في الصفوف الخلفية من القيادة ليس لهم حق الشفاعة . أما التمييز الذي يحدث لأبناء قبائل الإقليم الأوسط في الشرطة فحدث ولا حرج , حيث يأخذ أبناء الشمال كل المناصب المميزة والقيادية وفرص الإنتداب للشركات والسفارات بل حتى المنازل والسيارات بكل سفور دون مراعاة لعرفٍ عسكري من أقدمية وأحقية ونحوها , فقبيلتك وجهتك لا غيرها تضمن لك التميز في الشرطة , فبينما بيد أهل الشمال كل شيء , أخذ أبناء الغرب والشرق نصيبهم بالقوة أو منحوا بعض الميزات الإيجابية حتى لا يحسوا بالتمييز وبعدالة قضية أهلهم الذين يقاتلون . أما في جهاز الأمن الضلع الثالث من الأجهزة العسكرية والأمنية فالفساد والجهوية ليسا أقل حالاً مما هو في القوات المسلحة , فعن الفساد حدثنا بعض من إلتقيناهم هنا عن ظلمٍ وفسادٍ مريعين , فكل الشعب السوداني يعلم أن منسوبي جهاز الأمن يتلقون مرتبات عالية ما جعلهم منبوذين وسط الشعب وحتى وسط الأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى , لكن الحقيقة غير ذلك فمنسوبي الأمن يقسمون ألا يفصحوا لأحد عن مرتباتهم التي يتقاضونها بإعتباره جزءاً من أسرار العمل , والقسم هذا يأتي لطمس الحقيقة التي لم تظهر إلا بعد أن رفعت طليقة أحد منسوبي الجهاز دعوى نفقة ليخاطب القاضي وزارة المالية مستفسراً عن مرتب المدعى عليه ليحدد على إثره النفقة الواجبة , وكانت المفاجأة أن المبلغ أضعاف ما يتقاضاه في الواقع , ليرفع الأمر لإدارة الجهاز راجياً منها توضيح الخطأ الذي وقع فيه القاضي طالباً منهم مده بخطابٍ يوضح حقيقة ما يتقاضاه , لكن إدارة الجهاز قالت له أنسى الأمر سنتكفل نحن بدفع قيمة النفقة . ليتضح أن منسوبي الجهاز لا يتقاضون ربع المرتب الذي يصرف بإسمهم من وزارة المالية والذي بسببه نالوا سخط الشعب ونغمته ولا أحد يعلم , مراجعٍ عام أو غيره لمصلحة من تذهب تلك الأموال ؟. أما الجهوية والقبلية فهنا كما في القوات المسلحة يستأثر أبناء الشمال بالمواقع الحساسة والإنتداب للسفارات والشركات , وأنتزع منهم أبناء الغرب والشرق بالقوة بعض المواقع أما المهمشون الجدد أبناء قبائل الإقليم الأوسط فيذهب بهم من صقعٍ إلى صقع ومن ثغرٍ إلى ثغر , فيكون كلَّ همهم أن ينقلوا إلى الخرطوم , قد لا يبدو التمييز واضحاً في الرتب الصغرى لكن تتمايز القبائل والجهات عند الإنتداب للسفارات والشركات والمناصب القيادية , فأبناء الشمال إن قضوا بعض الوقت بالولايات فهو تمهيد ورفع للحرج ليتم إنتدابهم لتلك المواقع الميزة , فيجد المهمشون الجدد أبناء دفعتهم من الجهات الأخرى الذين لا يفوقونهم ذكاء ولا ولاء ولا خبرة ولا جهاداً , قد تسنموا مواقع ميزة ويظل هؤلاء الغبش يكدون في المواقع العادية قبل أن يدفع بهم لولايات النائية مرةً أخرى وينلقون توجيهاتهم من أبناء الشمال . بل الأدهى والأمر أن العمليات القتالية ينتدب لها في المقام الأول أبناء الولايات الوسطى وهناك مقولة شائعة منسوبة لأحد الجنرالات النافذين في الجهاز يقول فيها : ( ما تودوا العبيد ديل يتمردوا مع أهلهم , وما تودوا أولادنا العليهم الرك , ودوا ناس النص ديل ناس قريعتي راحت ). وكمثال للجهوية يحكى عن واقعة أليمة حيث أسر أحد أبناء الولايات الوسطى بمنطقة أم دافوق بجنوب دارفور وكان من المعتاد أن الحركات المتمردة إذا أسرت ضابطأ من الجهاز تحصل على مبلغ ضخم فدية له , لكن هذه المرة ماطلت إدارة الجهاز في دفع المبلغ وردت على الإستفسارات عن سبب تأخر فك أسره مع أنه يتصل كثيراً على زملائه وقادته , ردت الإدارة أن الجهاز يريد أن يوصل رسالة للمتمردين مفادها أن ضابط الجهاز لا يهمه الموت فهو قد وهب روحه لله والوطن , ليهمس البعض هل كانت هذه الرسالة ستوصل بأحد من غير ناس قريعتي راحت ؟., ورفض المتمردون قتله ما أدخل إدارة الجهاز في حرج بالغ مما أضطرها لدفع فديه نصف التي كانت تدفع لأقرانه بعد أن قضى في الأسر عاماً كاملاً , وكانت تتمنى أن يقتلوه لتكتفي من هذا المبلغ بجوال سكر وبصل وجركانة زيت وخطبة عصماء يؤكد لأسرته فيها أنه في الجنة , في بيعٍ علني لصكوك الغفران . وأدرك أبناء قبائل الولايات الوسطى بالجهاز التمييز والتهميش والمحارق التي يكبون فيها , فيكاد لا يخلو منزلٍ من أرملةٍ وثكلى ويتيم , فقدموا إستقالات بالجملة وبعضهم غادر دون إستقالات حتى , ليذهبوا بالمئات للعمل في وظائف ومهن مختلفة بدول الخليج , وبقي البعض مخدوعاً بشعارات الأخوان والتنظيم والمساواة والحركة الإسلامية , وهي الشعارات التي لا وجود لها في الواقع المعاش ولا تظهر إلا حين يتم بها خداع هؤلاء الضعفاء والبسطاء للذهاب لمحارق , فلا شرع الله مطبق ولا عدل قائم ولا مساواة موجودة . إخوتي في القوات المسلحة وفي الأجهزة العسكرية والأمنية , لن تهدأ لنا عزيمة حتى تعود لهذه الأجهزة قوميتها ونظفها من الجهوية والقبلية والمحسوبية والموازنات , ويكون عامل الكفاءة وحده هو المعيار الحقيقي للترقي والمناصب لتعود تلك الأجهزة وتظل منتسبة لكل السودان وأعلم أن هذا الأمر يؤرقكم جميعاً . أخوتي أبناء قبائل الأقليم الأوسط في السودان القديم أنتم تدركون جيدا أن الحرب التي تدور رحاها الآن في أطراف السودان لا ناقة لنا فيها ولا جمل , فهي بين جهة بيدها الثروة والسلطة وتستأثر بثلثي المناصب في الدولة وثلث المناصب في المعارضة وجهة تعمل جاهدة لإنتزاع حقها منهما وبيد أبناءها ثلث مناصب الدولة وثلثي المناصب في المعارضة , أما نحن فإن إنتصر هؤلاء أو أولئك لن نحصل على غير الفتات , فلسنا إلا وقود للمحرقة وحرب المصالح بين تلك الجهات التي تسعر بنا بإسم الدين تارة وبإسم الوطن تارةً أخرى . أما على الجانب السياسي حتى الولاة يستجلبون لنا من قبائل أخرى خارج مناطقنا فنحن الإقليم الوحيد الذي لا يحكمه بنوه , ويمر زمان دون أن يكون منا وزير وإن أتى فهو وزير بصمة يدع إبهامه في درج علي أو نافع أو بكري . أما التنمية فمشاريع السكر التي وصفت بالقومية والتي تنتشر في الإقليم الأوسط القديم يديرها أبناء الشمال ويوخذ إنتاجها لخزينة الدولة التي تمول بها مشاريع الشمال وتسكت بها أهل من تمردوا أو من تمردوا , ولا حظ لنا منها إلا التلوث والسرطانات التي تفتك بأهلنا , فحين أنشئت السدود بالشمال تم مد جميع المدن والقرى والمزارع والفرقان بالكهرباء والمياه والطرق والمستشفيات والجسور والمدن الجاهزة للسكن والتعويض المجزي عن كل زرعٍ وغرس , وحين قامت ذات المشاريع التي تعرف بالقومية في منطقتنا وآخرها مصنع سكر النيل الأبيض والذي يقع بين ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض أُتي له بمدير من الشمال وكان نصيب الأهالي من التنمية أربعة قتلى . أهلنا نعلم الآلام التي تنتابكم والجروح الدامية في دواخلكم من جراء هذا التهميش والتمييز , لا نقول لكم تمردوا فنحن لا نحبذ أخذ الحقوق بهذه الوسيلة , لكن نقول لكم حاولوا إستقلال إنكار ما يحدث من قبلية وجهوية وتميز وسط مؤساتكم لتعبروا لسادتكم من أبناء الشمال ولقادتكم من أبناء الأقاليم الأخرى عن الظلم والتهميش المتمثل في قذفكم في الثغور النائية ومواقع الحرب وأفواه المدافع الذي تتعرضون له في هذه المؤسات , وإن م ينجح هذا وهو المرجح نقول لكم لا ترسخوا تهميش أنفسكم وأهلكم ولا تقتلوا أنفسكم من أجل وأهليكم يعانون الظلم والإستضعاف ونذكركم بقول الله تعالى الذي صدرنا به هذا البيان . والله من وراء القصد وهو يهدي سواء السبيل اللجنة التمهيدية لمنسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية بأوروبا والشرق الأوسط – قطاع الولايات الوسطى . مارس 2014م.